تونس.. مهرجان الحمامات الدولي يركز على المقاومة بالفن والارتقاء بالذوق (صور)

ركز مسرح مهرجان الحمامات الدولي في تونس بدورته الـ58، على عروض محورها المقاومة بالفن، مع التأكيد على مواجهة التسطيح والاستخفاف بذوق الجمهور.

وحقق المهرجان جماليات مضاعفة، مثل جمال العروض الموسيقية والمسرحية وجمال مسرح الهواء الطلق، المُطل على ساحل بحر خليج الحمامات الساحر.

والمهرجان، الذي اختتم فعالياته اليوم بعرض موسيقي للفنان كريم ثليبي بعنوان "تخيل"، ركَّز على النوعية العالية لعروضه، فمثلاً عرض الختام أكَّد استعراض المشاعر الإنسانية من خلال الموسيقى، والدخول عميقاً في الأحاسيس المختلفة، وتجسيداتها الجمالية من خلال ألحان تنتمي إلى نوع البسيكودراما القائمة على روحانية عالية تمتزج فيها أصوات الآلات مع الحناجر البشرية، مشكلةً ثنائية مُبهرة في التعبير عن أعماق النفس البشرية، بحيث تُسْتَخْدَم كنوع من علاج الأرواح المتعبة. 

 

 

ومن الأمسيات الموسيقية المميزة كان ما قدمته الفنانة الفلسطينية "ناي البرغوثي" التي غنَّت لزهرة المدائن، وأغنية "يما مويل الهوى" من الفلكلور الفلسطيني، إلى جانب أغنية "فكر بغيرك" من كلمات محمود درويش وألحانها، لتنتقل إلى كلاسيكيات أم كلثوم والشيخ إمام وسيد درويش والأخوين الرحباني.

كما كان للجاز نصيب من خلال عرض "الأوبرا الكبيرة للجاز" الذي قدمه عازف البيانو الإيطالي "دانيلو ريا" جمع فيه الغناء مع عروض فيديو وصور فوتوغرافية لكبار مغني الأوبرا من مثل ماريا كالاس وبنيامينو جيجلي وإنريكو كاروسو، بحيث امتزجت نغمات آلة البيانو لـ"ريا" مع أصوات عمالقة الغناء الأوبرالي مع صوت أمواج البحر ضمن توليفة ساحرة ومغرية للإصغاء والاستمتاع. 

 

ولا يمكن استذكار ما قدمته المطربة التونسية "يسرا محنوش" في حفلها أمس، الذي بدأته بأغنية "ميحانا ميحانا"، بمصاحبة فرقتها الموسيقية بقيادة المايسترو عبد الباسط بالقايد، لتتابع بعدها بتحية للشعب الفلسطيني عبر أغنية "القدس" من كلمات والدها الشاعر الحبيب محنوش وألحان سليم دمق.

كما أدت مجموعة من الطربيات منها: "عيون القلب" لنجاة الصغيرة و"أنت عمري" لأم كلثوم و"حبيتك تنسيت النوم" لفيروز و"أوعدك" لسعاد محمد و"أي دمعة حزن" لعبد الحليم حافظ، بالإضافة إلى أغنيات "الهوى سلطان" لجورج وسوف، و"ابتعد عني" لذكرى، إلى جانب بعض الأغنيات من ألبومها الجديد الذي حمل عنوان "ما بعدش عني"، مع مجموعة أغانٍ من الفلكلور التونسي مثل "ليام كيف الريح في البريمة"، و"نمدح الأقطاب"، و"رايس الابحار"، و"بابا بحري".

 

 

أما على صعيد المسرح فكان هناك مجموعة من العروض المميزة، منها مسرحية "البوابة 52" تأليف دنيا مناصرية، وإخراج دليلة المفتاحي، وشاركها في التمثيل عبير صميدي وشيماء التوجاني وسناء حافظ وكمال الكعبي.

ويروي هذا العمل قصص نساء حملن السلاح رفقة المقاومين أيام الاحتلال الفرنسي، ولكن كتب التاريخ لم تذكرهن كما ينبغي، ومنهن خديجة شعور، حسنية رمضان عميد، فاطمة بنت علي النيفر، وزكية بنت محمد الأمين باي، آخر ملوك تونس الذي أُطِيح بعرشه بعد استقلال البلاد وإعلان تونس جمهورية بعدما كانت ملكية.

وتبدأ الأحداث أمام البوابة 52 للمطار حيث تجتمع المقاومات التونسيات، ويتحدثن عن تجاهلهن من قبل الشعب، ليتحول مسرح الحمامات إلى فضاء زاخر بنضالاتهن التي بدأت بحمل السلاح في وجه الاستعمار، ثم الاعتقالات والعزل... ليكون هذا العرض بمثابة دعوة إلى المراجعة التاريخية ورغبة في إنصاف المقاومات التونسيات والمدافعات من أجل الحرية.

 

ومن العروض المميزة أيضاً افتتاح المهرجان، الذي تمثل بمسرحية "عطيل وبعد" من إخراج حمادي الوهايبي، وكان عبارة عن مقاربة تاريخية تعيد ترتيب الأحداث ومصير الشخصيات الرئيسية في مسرحية "عطيل" الشيكسبيرية، بحيث تمت عصرنة الصراع والتأكيد على قيم الحب والتضحية والإخلاص في مواجهة الكراهية والانتقام والموت بصيغة راهنة شارك فيها مجموعة من الممثلين هم: مهذب الرميلي، شوقي خوجة، فاتن الشوايبي، إباء الحملي، وبهرام العلوي.

وتضمن برنامج المهرجان أمسيات لمغنين من لبنان على رأسهم كارول سماحة، ورنين الشعار ورامي عياش، والتونسيتين أمينة فاخت وليلى حجيج، وهناك العرض الموسيقي الذي قدمته فرقة توماتيتو الإسبانية، وفي المسرح "البخارة" لصادق الطرابلسي، "رقصة سماء" لطاهر عيسى بالعربي، و"ألباتروس" للشاذلي العرفاوي، إلى جانب عروض أخرى عديدة تونسية وعربية وعالمية.