حماس تعلن موافقتها على مقترح من الوسطاء بشأن غزة تسلمته قبل يومين
بدأ السوشيال ميديا يفرض سطوته عالمياً، حتى أن المحطات التلفزيونية بدأت المغادرة باتجاه قنوات اليوتيوب، والدراما راحت تعد مسلسلات قصيرة تناسب مواقع التواصل.
وغادر عدد كبير من الممثلين المسلسلات، وفضّلوا جني المال من السوشيال ميديا، عوضاً عن تحكم المنتجين وأصحاب رؤوس المال، كما امتلأت الصفحات بشعراء يلقون القصائد مستعينين بفنون بالرقص الإيمائي أو الموسيقا وصور الفيديو، بدلاً من إلقائها على المنابر أو طباعتها في كتب.
ماذا على الفنون الكلاسيكية أن تفعل في ظل الانقلابات التكنولوجية المتسارعة؟ يقول الكاتب المسرحي والسينمائي سامر محمد إسماعيل لـ"إرم نيوز": "الحديث الجاري عن ضرورة التحاق فنون مثل السينما والمسرح والشعر والرواية، بركب اللحظة الرقمية، فيه عدم دراية بهذه الفنون وطبيعتها وشروطها الفنية، العالم الثالث يجتر قمامات وصيحات الغرب، وتخلط نخبه بين التطور والنمو".
ويرى إسماعيل، أن مواكبة التطور، لابد أن تستند إلى حلول تنطلق من جذور الفنون وتغيير أسلوب التعامل معها. فالحل ليس تكنولوجياً تقنياً فقط، ويشير إلى تجربة الفرنسيين في العناية بتنمية الريف وتكريسه لحياة ثقافية، تبدأ من فلاحة الأرض والزراعة، ويشير إلى أن استثمارهم في الثقافة يصل إلى مئة مليون يورو.
ويقول: "هذا الكلام لا يعني أن النص الروائي أو القصيدة الشعرية أو العرض المسرحي أو الفيلم السينمائي يجب أن يبقوا بعيدين عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، بل يجب أن يقترح هذا الطوفان الرقمي وسائل جديدة لا تنغمس في الآني، بل تحاول خلق سياق جديد للفنون، واليوم جميعنا مطالبون أن نرمي بطاولة المنابر العالية التي يخصصها شعراء وشاعرات اتحاد الكتاب إلى فرامة الخشب".
وحاول الشاعر محمد عيسى، اقتراح الحلول التي يمكن للفنون الكلاسيكية اتباعها بشكل مباشر، من أجل مواكبة التطور، يقول عيسى لـ"إرم نيوز": "قد يكون الحل مبدئياً، في إنشاء مواقع خاصة بكل فن. مثلاً إنشاء موقع ممول من قبل جهة ما، ينشر أعمال جميع رسامي الكاريكاتير. أما بالنسبة للمسرح، فلا يصلح إلا على الخشبة".
ولكن المشكلة بالنسبة للكاتب إسماعيل، تبدو مرتبطة بضرورة إيجاد سياق جديد في الثقافة، لأنها الكفيلة بتحديث أدوات الفنون لتواكب التكنولوجيا والسوشيال ميديا، ويضيف إسماعيل: "الابتعاد عن المنبر والمنبرية، هو أول ما يجب أن نصنعه للنفاد إلى الجمهور. هذا ينطبق على المسرح الذي يغرق ممثلوه في النبرة المسجدية، وعلى السينما التي يجب أن تتخلى عن محاكاتها لمزاج المهرجانات، والتي عمل معظم مخرجوها القدامى والجدد، على تصوير مجتمعاتهم على أنها مجتمعات متوحشة وبربرية، فقط لكي يحظوا بجوائز وتكريمات".
ويضيف إسماعيل: "معظم ما قدمته السينمات العربية، كان غزلاً لذهنية الاسشتراق، ومثلها الرواية، فمعظم ما يحتفى به اليوم، يقدم مجتمعات العرب على أنها موئل للجريمة والقمع والإرهاب وتعذيب النساء وقتلهن. إن التركيز على هذه الزاوية من النظر إلى مجتمعاتنا سوف تبقى في ظل غياب أي دور حقيقي للمؤسسات الثقافية العربية".
وفي الشعر، يقترح الشاعر عيسى، تأسيس منابر إلكترونية، والاعتماد على لجان مختصة، وقال: "يمكن تأسيس موقع للقصيدة الحرة، وموقع لقصيدة العمود. بشروط وإشراف مختصين، ومن الممكن إدخال عملية التصويت من قبل الجمهور. مما يساعد في معرفة الشعراء من قبل الناطقين بلغتهم. أما أن يبقى الشعر في كهوف المراكز ثقافية، فلا قيمة له على صعيد معرفة الشاعر حتى ولو كان مبدعاً ومهماً".
ولكن الكاتب إسماعيل، يربط مواكبة التكنولوجيا، بضرورة قراءة النص الشعري الجديد بشكل مختلف، وأضاف:"الفائق أو ما يدعى بالنص الممنهل، يحتاج آلية قراءة مختلفة، وهذا يعتمد على وجود دور نشر وناشرين، لا أرباب حوانيت نشر وسماسرة".
ويحمل إسماعيل المسؤولية للمؤسسات الثقافية التي لم تستطع استيعاب الذائقة الجديدة، ويضيف: "إن تسليط ذائقة اتحاد الكتاب العرب على وزارة الثقافة ومؤسسات الكتاب والنشر ولجان القراءة، أدى لإبعاد كل الحساسيات الشعرية الجديدة، التي تكتب بطريقة مختلفة بعيدة عن عقلية الشرطي القديم المعشش في رأس كاتب قديم".
فيما يقترح الشاعر عيسى، اعتماد تصويت الجمهور على الشعراء، بهدف تنمية الحس النقدي عنده، ويذكر: "من الممكن إحضار مجموعة من الشعراء المنتخبين إلى هذا الموقع، ليقرؤوا قصائدهم، ومن ثم يتم التصويت عليهم لمدة زمنية لا تقل عن أسبوع، وبهذه الآلية ترتفع ذائقة الجمهور ويصبح أقدر على التمييز".
والقضية لاتبدو سهلة، من حيث وضع الخطط العملية التي يفترض بالفنون اتباعها لتحافظ على دورها ومكانتها في ظل التطور التكنولوجي الحاصل. يقول الشاعر الشاب أحمد سبيناتي لـ"إرم نيوز": "لا أفكر بكل تلك الإشكالات، ومعظم ما أكتبه أنشره فقط على صفحتي في الفيس بوك، أو الصفحات المختصة بالشعر".
ويعتقد سبيناتي أن زمن المطولات في الشعر انتهى، فالقارىء وحتى الحساسية الشعرية لم تعد تحتمل نصوصاً طويلة يمكن اختصارها بسطور قليلة، ويضيف: "سمة النص الشعري اليوم، قصره وخلوه من الحشو الممل، وهذا يبدو مناسباً للقارىء الذي اعتاد التعامل مع منشورات السوشيال ميديا السريعة والقصيرة. نحن نكتب، ولا ندري ماذا سيحدث من الأمور غداً على صعيد التكنولوجيا".