logo
منوعات

لماذا تراجعت الأغنية السورية.. وتقدّمت الدراما؟‎

لماذا تراجعت الأغنية السورية.. وتقدّمت الدراما؟‎
المطرب السوري صباح فخريالمصدر: أ ف ب
05 يوليو 2024، 6:44 ص

رغم تنوع الفلكلور الغنائي السوري وجذوره الضاربة في القدم، إلا أن الأغنية السورية المعاصرة، تعد متواضعة الإنجازات، إذا ما قورنت بما حققته الدراما على المستويين العربي والعالمي.

واستنادًا إلى تاريخ الأغنية السورية وتعدد ألوانها بين القدود الحلبية والموشحات، واللون الفراتي وأغاني الجزيرة والساحل ودمشق والجنوب، فقد كانت هي المؤهلة للتطور، أكثر من الدراما حديثة العهد.

وفي بدايات القرن العشرين، شهدت الأغنية السورية نهضة في الغناء والألحان، تصدَّرها: أبو خليل القباني، وعمر البطش، ومحمد محسن، وصباح فخري، ورفيق شكري، وصبري مدلل، وعبد الفتاح سكر، وسهيل عرفة. لكن تلك المرحلة سرعان ما خفتت.

في المقابل، تمكنت الدراما السورية، منذ تأسيس التلفزيون في بداية الستينيات، من تحقيق قفزات نوعية، حيث قدمت قافلة من المخرجين والنجوم وكتّاب السيناريو، وأصبح هناك مدرسة شامية في الدراما، تدخل مسلسلاتها جميع البيوت العربية.

2ae4c144-fdd5-40e7-964d-8a820f7ffd64

شركات الإنتاج هي المسؤولة

يقول الموسيقي سمير كويفاتي لـ"إرم نيوز": "القضية مرتبطة بشركات الإنتاج، التي فضلت تبني الدراما بسبب عائداتها الربحية، لأن إنتاج الأغنية يعد مغامرة غير مضمونة النتائج المالية بالنسبة إليها".

لكن كويفاتي، صاحب ألحان أغنيات زوجته الراحلة ميادة بسيليس، التي شكلت أملاً في عودة الأغنية السورية لمجدها، لا يعتبر ذلك مبررًا لتراجع الأغنية.

ويضرب كويفاتي، أمثلة عن مغنين تحملوا مسؤولياتهم الإبداعية، وحققوا انتشارًا بسبب تمسكهم برسالة الفن.

ويضيف: "حققت أغنيات مارسيل خليفة انتشارًا كبيرًا، لأن رسالتها صادقة. وهناك، اليوم، مطربون سوريون يعملون بجدّ، مثل ليندا بيطار، وميس حرب، لكن المشكلة تتعلق بالترويج والتسويق".

ويوافق الموسيقي نزيه أسعد، قائد فرقة "أوركسترا الموسيقا الشرقية"، على أن غياب شركات إنتاج الأغنية والموسيقى، أثر على حال الأغنية ومستواها.

ويضيف أسعد لـ"إرم نيوز": "شركات الإنتاج تُعنى بالدراما فقط. صحيح أن الموسيقى التصويرية والأغنيات في بعض المسلسلات حققت نجاحًا كبيرًا، لكن ذلك لا يكفي، فوجود شركات تُعنى بإنتاج الموسيقى والأغنية ضروري لتطور الأغنية".

ويرى الناقد الفني جواد ديوب، أن رأس المال مسؤول عن هبوط مستوى الأغنية وتراجعها، ويقول لـ"إرم نيوز": "رأس المال ينظر للغناء على أنه فن للتسلية، وعلى هذه القاعدة يتم التسويق للمطربات والمطربين. وما نشاهده من أغنيات تافهة المستوى في الصوت واللحن والكلمات، يؤكد ذلك".

ويقول المغني الشاب محمود الحداد، لـ"إرم نيوز": "هناك شركات إنتاج كبيرة تضخ أموالها للدراما. لكننا للأسف، لا نمتلك شركات إنتاج تفعل الشيء ذاته للأغنية والموسيقى".

أخبار ذات علاقة

هل تخلت الدراما السورية عن دورها "التنويري"؟

فجوة إبداعية

ويرى الموسيقي نزيه أسعد أن الزحام الموسيقي، أظهر الفجوة بين العمل الغنائي العربي الأصيل، والعمل الهش. ويضيف:

"تسببت الأعمال الهشة، غير المستندة إلى علم الموسيقى، بحدوث ردات فعل عند المستمعين، فشعروا أن الأغنية انحدرت، فخفّ الاهتمام بها".

ويحمّل الموسيقي سمير كويفاتي وسائل الإعلام جزءًا من المسؤولية عن تراجع الأغنية، نتيجة دعمها للأغنيات الهابطة. ويقول: "لولا احتفاء وسائل الإعلام بأولئك المطربين، لما سمعنا بهم".

وتبدو شركات الإنتاج، تبعًا للناقد ديوب، غير بريئة حتى من محاولة تخريب الدراما، لكنه يعتقد بأنها لم تنجح في ذلك، ويضيف: "الدراما لها نجوم كبار في الإخراج والتمثيل والكتابة، كما تمتلك مؤسسات تخرّج المختصين، وهو ما ساعدها على النجاة من عبث المنتجين حتى الآن".

e714ddcb-2618-4929-a33c-fb6c5a1af763

طريق الأغنية طويل.. أما الدراما فأسرع

وإذا حسبنا متطلبات الإبداع في الأغنية، وقارناها بالتمثيل، نكتشف أن طريق الأغنية الأصيلة، شاق وطويل، في هذه المرحلة، بينما التمثيل أكثر سهولة، ويمكن أن يؤتي ثماره بسرعة؛ لأن شروط التطور متوفرة له.

ويرى ديوب، أن الأغنية الجيدة، تتطلب صوتًا جيدًا ولحنًا مبدعًا وكلمات متميزة وإنتاجًا وتسويقًا قويين، حتى تنجح. بينما الدراما، نتيجة وجود التسهيلات الإنتاجية والتسويقية، فهي تختصر الوقت بشكل أكبر.

ويتحدث سمير كويفاتي بأسى لـ"إرم نيوز"، عن بعض مغنّي الأوبرا المبدعين، الذين انتهوا في النوادي الليلية، بسبب الفقر والحاجة، وعدم توفر الظروف الإنتاجية والتسويقية والترويجية الكافية لبقائهم في الغناء الأوبرالي العظيم.

ويرى كويفاتي أن تغيرات العصر والتقدم التكنولوجي، وضعت الدراما على سكة الانتعاش أكثر من الأغنية، ويضيف: "يمكن للأغنية أن تستفيد من تطور وسائل الاتصال، مثلما فعلت الدراما، إذا وُجد من يطمح لذلك".

ويضيف الموسيقي نزيه أسعد، أسبابًا إبداعية، أدت إلى تراجع الأغنية السورية بشكل خاص، والعربية بشكل عام. ويقول:

"حتى تتطور الأغنية، يجب أن تتوافر الخامات الصوتية الجيدة، وكتّاب الكلمات والملحنين المبدعين، لتنجح الموسيقى اللحنية وتصل للقلب. إلى جانب وجود الصوت القادر على الغناء باللهجة السورية بشكل حقيقي".

21cc1629-de8c-4aab-af20-53d45473bc96

الشهرة من الخارج غيّرت معالم الأغنية

ونتيجة شهرة بعض المطربين السوريين بعد سفرهم إلى الخارج، ساد اعتقاد عند المغنين الشباب، بضرورة السفر لتحصيل الشهرة، لكن الهجرة، سلبت الأغنية السورية خصوصيتها، وطبعتها بهوية أخرى.

وبالنسبة لديوب، فإن غياب النجوم الكبار عن مشهد الأغنية السورية، ترك فراغًا أدى إلى تراجعها أيضاً، فانتشرت أغنيات الملاهي على حساب الطرب الأصيل.

ويضيف ديوب: "سادت أغنيات الموضة والتريند. وصارت الأغنية نوعًا من الكليبات الهشة بسبب السوشيال ميديا. إضافة لتسويق الكثير من المنتجين، للنساء المحظيات لديهم، على أنهنّ مطربات".

ويتمسك المغني الشاب محمود الحداد، بتفاؤله بمستقبل الأغنية السورية، ويقول: "لم تتغير ذائقة الاستماع لدى الجمهور، وأنا، اليوم، أقدم أغنيات طربية أصيلة، تشهد حضورًا كثيفًا وتفاعلاً من الجمهور".

ويبدو أن الأغنية السورية تنتظر من يضعها على سكة التطور، مثلما حدث مع الدراما. لكن ذلك تحتاج شركات إنتاج ورؤوس مال ومكنات إعلامية قادرة على الترويج.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC