الصين تدعو الولايات المتحدة إلى "إلغاء كامل" للرسوم الجمركية المتبادلة
لا تستغرب إذا رأيت الناس يحملون أطباقاً من الطعام، عندما يحين موعد الإفطار في سوريا.
فهذه العادة القديمة المتوارثة يسمونها "سكبة رمضان"، حيث لا يهنأ الجار بإفطاره، إلا إذا أرسل صحناً لجاره في البناية أو الحي.
ويعتقد الناس أن مشاركتهم "سكبة رمضان"، تجلب الخير وتزيد البركة وتعتبر باباً للرزق في الشهر الكريم، حيث كلما زاد عطاء المرء، جزاه الله رزقاً وفيراً مقابله.
وهذا الأمر لا يقتصر على "سكبة" الطعام وقت الإفطار فحسب، بل يشمل "سكبات" المحبة والمسامحة وحفظ صلة الأرحام، حيث يحول السوريون شهر رمضان المبارك إلى "سكبات" متنوعة وكثيرة يحرصون على تبادلها طيلة الشهر الكريم.
وغالباً ما يتولى الأطفال، مهمة إيصال "سكبة رمضان" إلى الجيران، حيث يعتبر مشهد الأطفال الصاعدين والنازلين، على أدراج البنايات، وهم يحملون أطباق الطعام، مألوفاً، بل صار مع الوقت واجباً وصفة من شيم المؤمنين.
لا يجوز ردّ "سكبة رمضان"، مهما كان الطعام بسيطاً، فالمعنى هنا، هو في الدلالات التي يحملها هذا الطقس، وفي مقدمتها مساواة الآخرين بنفسك، واقتسام الطعام معهم، مثلما هو الحال عند مشاركتهم، بسكبات أخرى، حين يتعرضون للأزمات، أو تغمرهم الأفراح، فلكل مناسبة "سكبتها" الخاصة كما يقول الشاميون.
وتنطوي "سكبة رمضان" على كثير من الرأفة والمراعاة لأوضاع الفقراء غير القادرين على تناول وجبات شهية على الإفطار، فالسكبة، تعتبر مساعدة غير مباشرة، يتقبلها الجار الفقير، باعتبارها من العادات والتقاليد المعروفة، فلا يشعر بالحرج، مثلما هو الحال عندما يوزع الفقراء سكبتهم من الطعام البسيط، بثقة واطمئنان فيتقبلها الجميع برضا.
ويحرص المقتدرون مالياً، على طبخ قدور ضخمة من الطعام، عدة مرات خلال الشهر الكريم، يوزعونها كسكبات، ضمن علب صغيرة، يتم توزيعها للسكان في الحي، وللعابرين المسرعين باتجاه منازلهم، كي يلحقوا موعد الإفطار.
لكن، ماذا لو انقطع بك الدرب، ولم تجد وسيلة توصلك إلى منزلك في وقت الإفطار المحدد؟ بالتأكيد ستكون "سكبة رمضان" هي الحل، فإذا تقطعت السبل بالبعض، ولم يجدوا وسيلة تقلهم إلى منازلهم في الوقت المحدد، فلا شك سيحصلون على عدد من حبات التمر مع زجاجة ماء، وما تيسّر من طعام يسد الرمق، ريثما يصلون البيت.
ولسكبة رمضان الكثير من المعاني، فأحياناً تأخذ شكل النذور، وتكون عبارة عن طعام فاره، ومرات أخرى يمكن أن تقتصر على أكلة بعينها، بناء على رؤيا، أو بسبب محبة أحد الأقرباء الراحلين لطبخة معينة. وغالباً ما توزع تلك السكبات، قرب الجوامع، حيث اعتاد الناس الفقراء، تلقي المساعدات في الشهر الكريم.
رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن معظم السوريين يحرصون على المحافظة على عادة تبادل "سكبة رمضان"، ويقولون لبعضهم: "جود بالموجود"، فهي من علامات الإيمان والتفاني والمشاركة، واقتران السلوك بالعبادات، التي يحييها الناس في الشهر الكريم.
