وزير الصحة البريطاني: هجمات إسرائيل على غزة غير مبررة ولا تطاق
عاد "سوق الحرامية" في مدينة دمشق، إلى الأضواء مجدداً مع بدء عرض أول مسلسل تلفزيوني يحمل اسمه، وسط ردود فعل من الجمهور، تتجاوز أحداث العمل الدرامي وتركز حول حقيقة وجود هكذا سوق خارج القانون.
وبدأ عرض المسلسل قبل أيام، بمشاركة عدد كبير من نجوم الدراما السورية، وبينهم بسام كوسا ومهيار خضور وسلمى المصري، ما أضفى أهمية على العمل بالنظر لشهرة نجومه، بجانب الغرابة في اسم العمل، وهو "سوق الحرامية (كانون)".
وعكست الحلقات الأولى من المسلسل، سوق الحرامية الحقيقي وسط دمشق كما هو، حيث تدور الأحداث بين بسطات وبائعين وزبائن ومشاجرات في سوق شعبي نشأ قبل أكثر من 30 عاماً، ولا يزال حتى الآن، رغم كل المخالفات فيه، وبينها البضائع المسروقة.
ويقع السوق تحت جسر الثورة على حدود دمشق القديمة وعلى مقربة من قلعتها ومسجدها الأموي وساحة المرجة الشهيرة، ويمتد في محيط المكان لمسافة لا يتجاوز قطرها 300 متر.
ويتألف السوق من مجموعة بائعين على بسطات وطاولات أو مفترشين للرصيف، فيما تتنوع البضائع من الأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية والأواني والملابس والتحف والإكسسوارات المستعملة ورخيصة الثمن.
وينتمي غالبية العاملين في السوق وزبائنه، للطبقات الأكثر فقراً في دمشق، والتي زاد عدد أفرادها بشكل كبير في السنوات الماضية التي انهار فيها الاقتصاد بفعل الحرب والعقوبات الاقتصادية والفساد.
وفي حين يفضل السوري الفقير شراء مستلزماته، من أسواق ومحلات البضائع المستعملة لرخص ثمنها بمقدار نصف سعرها مقارنة مع البضاعة الجديدة، فإن في سوق الحرامية، زبائن مسحوقين يبحثون عن بضائع سعرها رمزي أو لا يتجاوز عشرة بالمئة من سعرها وهي جديدة.
ملابس قديمة جداً وأوان منزلية وأثاث متهالك وأجهزة كهربائية لا تعمل، تجد من يشتريها في سوق الحرامية لفقر الحال، ومن ثم تبدأ عملية تخييط المقطوع، وتعديل المائل، وإصلاح المعطل من قبل المشتري.
لكن ليست تلك البضائع هي كل ما في السوق، إذ يبحث بعض الزبائن عن هاتف نقال يعمل، أو أثاث بحالة جيدة، وأشياء بعضها قيم بالفعل، وهي بضائع تتوفر بشكل غير منتظم، ويرتبط اسم السوق بمن يبيعها.
ويعتقد أن جزءا من تلك البضائع مسروق، ويتم عرضه في السوق بسعر رخيص ليباع بوقت قصير قبل أن تبدأ أي عملية بحث عنه من قبل الشرطة أو حتى أصحابه.
لكن تلك القصص المعروفة عن السوق، والتي وصلت حد عثور بعض الأشخاص على أثاثهم أو مقتنياتهم المسروقة، معروضة للبيع في السوق، لم تتسبب بإغلاقه طوال تلك السنين، لا بل توسع من ناحية البائعين والبضائع والزبائن.
ويقول عاملون في السوق، إنهم يشترون بضائعهم من شبكة بائعين ووسطاء آخرين، ولا يمكنهم التحقق من مصدر تلك البضائع الرخيصة.
وحتى شكاوى السكان القاطنين بالقرب من السوق، والخائفين من امتداده نحو منازلهم، ومن سمعته، والمشاكل التي يشهدها، قوبلت من محافظة دمشق، بوضع سور يفصل بين بسطات البائعين والمباني السكنية فقط.
ويعتقد كثير من الأهالي أن بقاء السوق طوال تلك السنوات يرتبط بشبكات فساد ورشاوى ولصوص أقوى من المطالبين بإزالته وتوفير مكان مخصص وقانوني للبائعين الحقيقيين فيه، بعيداً عن ذلك المكان الحيوي في العاصمة السورية.
ومن اللافت أن السوق الذي ظهر مسلسل تلفزيوني باسمه، يقع في محيط دمشق القديمة، والمسجلة في منظمة اليونسكو ضمن مواقع التراث العالمي، دخل عالم مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن اسمه حاضر في صفحات بيع المستعمل على "فيس بوك".
وأعاد مسلسل "سوق الحرامية"، السؤال المكرر حول كيف لسوق مخصص للصوص أن يكون علنياً واعتيادياً بهذا الشكل غير المسبوق، لكن هذه المرة على مستوى جمهور كبير تجاوز حدود السوريين الذين اعتاد كثير منهم على السوق الغريب.
