تعمقت دراسة حديثة في طريقة "حقل سرعة اللغة" (LVF) التي أحدثت ثورة في فهم تشتت اللغات، بما في ذلك اللغات القديمة مثل اليونانية، وفقًا لتقرير نشره موقع Greek Reporter.
ويقدم هذا النهج الحسابي الجديد رؤى جديدة في التطور المكاني للغات، متجاوزًا الأساليب التقليدية مثل النهج الجغرافي، الذي غالبًا ما كان يفشل في مراعاة تعقيدات الاتصال الأفقي بين اللغات وانتشارها.
وتمثل طريقة "حقل سرعة اللغة" تقدمًا كبيرًا في دراسة تطور اللغة من خلال تضمين الأبعاد الرأسية والأفقية لتغير اللغة.
بينما توفر الأساليب التقليدية مثل النهج الفيولوجرافي معلومات مفيدة، فإنها غالبًا ما تتغاضى عن تفاصيل الاقتراض اللغوي والانتشار، والتي تعد حاسمة لفهم شامل لتطور اللغة.
وتقوم طريقة "حقل سرعة اللغة" بإنشاء حقل سرعة لتتبع التغيرات اللغوية بمرور الوقت، مع التقاط كل من التفاعلات الأفقية والانقسامات الرأسية. هذا الحقل يشبه الشجرة الفيولوجرافية ولكن بنطاق أوسع، ما يسمح بتحليل أكثر تفصيلاً لانتشار اللغة.
ومن خلال إسقاط هذا الحقل في الفضاء الجغرافي، تقوم طريقة "حقل سرعة اللغة" برسم مسارات انتشار اللغة استنادًا إلى العلاقات اللغوية والعوامل الجغرافية.
وتم اختبار الطريقة بدقة من خلال محاكاة لألف مجموعة بيانات، وطُبِّقَت على أسر العائلات اللغوية الزراعية الكبرى، بما في ذلك الهندو-أوروبية (التي تشمل اليونانية)، الصينة-التبتية، البانتو، والأراواك.
وتشير النتائج إلى أن مسارات انتشار اللغات تتماشى عن كثب مع تحركات السكان المستنتجة من الحمض النووي القديم والبيانات الأثرية. ومن الجدير بالذكر أن مراكز الانتشار التي حددتها طريقة "حقل سرعة اللغة" تتطابق مع أوطان الثقافات الزراعية أو النيو-ليثية القديمة.
وتسلط نتائج الدراسة الضوء على الدور الهام للغات الزراعية في عكس التحولات الديموغرافية والثقافية التاريخية على مدى العشرة آلاف سنة الماضية، إذ تتماشى النتائج عن كثب مع فرضية أناتوليا التي قدمها كولين رينفري في الثمانينيات، والتي تفترض أن انتشار اللغات الهندو-أوروبية كان مرتبطًا بشكل وثيق بنشر الزراعة من أناتوليا (التي تعرف اليوم بتركيا) بين 8,000 و9,500 سنة مضت.
كما تدعم التحليلات التي أجرتها طريقة"حقل سرعة اللغة" هذه الفرضية من خلال إظهار أن طرق انتشار اللغات الهندو-أوروبية تتوافق مع انتشار الزراعة، لا سيما في الهلال الخصيب - المنطقة المعروفة بتطوراتها الزراعية المبكرة بالقرب من أناتوليا. وتشير هذه العلاقة إلى ارتباط أقوى بين انتشار اللغة اليونانية واللغات الهندو-أوروبية الأخرى وانتشار الزراعة من أناتوليا.
وبهذا، تعد طريقة "حقل سرعة اللغة" أداة قيمة للباحثين في دراسة تطور اللغات البشرية، حيث توفر منظورًا أكثر ثراءً وتفصيلاً حول كيفية انتشار وتطور اللغات عبر المناطق والعصور المختلفة. من خلال نهجها المبتكر، تساعد أيضًا في فك شفرة التاريخ المعقد للغات البشرية ورحلتها عبر الزمن والمكان.
