نيلسون.. جنة مصر المعزولة التي كتبت نهاية أحلام نابليون (فيديو)

لا صوت يعلو فوق "وشيش الموج" وهو يداعب شواطئها الرملية التي تشبه سبيكة من الذهب المنصهر، ويعانق في حذر صخورها الداكنة ذات الزوايا الحادة. 

مساحتها الصغيرة للغاية تجعل منها جنة معزولة.

صمتها المهيمن الذي لا يقطعه سوى صياح النوارس يجعلها وجهة مفضلة لعشاق الهدوء الذين يتطلعون لغسل أرواحهم مما علق بها من صخب المدن وضغوط الحياة اليومية. 

تلك هي " نيلسون".. جزيرة مصرية ساحرة تقع في نطاق عروس البحر المتوسط، الإسكندرية.

 

تبعد نيلسون 4 كيلومترات إلى شمال خليج "أبي قير" وتستغرق الرحلة إليها من شاطئ المدينة حوالي 45 دقيقة على متن قارب بخاري، فهي تعد مقصداً رائعاً لهواة الغطس، ولمن يريد الصيد في هدوء أو البحث عن مغامرة وقضاء بضع ليال في تخييم آمن وممتع. 

وتحتوي الجزيرة المعزولة على بقايا مقابر فرعونية، دون أن يعرف الباحثون على وجه الدقة السبب الذي جعل قدماء المصريين يشيدون مدافن فوق قطعة من اليابسة، محاطة بالمياه الهادرة من جميع الجوانب، والسبب المرجح أنها لم تكن مجرد جزيرة، بل مركزًا مهما في التجارة الدولية قبل إنشاء الإسكندرية عام 331 قبل الميلاد على يد الإسكندر الأكبر.

تضم بقايا أكبر مقبرة فرعونية داخل الإسكندرية، والتي تعود إلى عهد الأسرتين 26 و30 مما يعطي فكرة قوية عن العادات الجنائزية لسكان الجزيرة قبل أكثر من ألفي و600 عام. 

وعلى أنقاض المقابر، بنى المقدونيون والإغريق فيما بعد منازل راقية في الجزيرة، حين كانت أكبر حجمًا، ولم يتآكل الجزء الجنوبي منها بفعل عوامل التعرية. 

ويعود السبب في تسمية الجزيرة بهذا الاسم إلى القائد الإنجليزي "نيلسون هوارشيو" الذي انتصر هنا على أسطول نابليون بونابرت بقيادة الأدميرال "بوريه" في معركة "أبي قير" الشهيرة 1798 ليكتب نهاية أحلام بونابرت الإمبراطورية في السيطرة على البحر المتوسط. 

ولا تزال الجزيرة تضم في أعماقها حطام الأسطول الفرنسي المهزوم، لا سيما البارجة الشهيرة "أورينت" بكل كنوزها و4 فرقاطات وملابس الآلاف من الجنود 

واستطاعت بعثات علمية عديدة اكتشاف ونقل بعض تلك الآثار الغارقة، لكن الجزء الأكبر لا يزال بمثابة "خبيئة" في الأعماق البعيدة ينتظر من يزيح عنه الستار..