أثارت الفيضانات الجارفة التي شهدتها المنطقة الشرقية في ليبيا تساؤلات حول سبب تشكل عواصف وأعاصير في منطقة عرفت سابقا بمناخها المعتدل، وإمكانية تجدد هذه الظاهرة، وسط تحذيرات عالمية من التغير المناخي.
وضربت العاصفة المتوسطية "دانيال" شرق ليبيا، وخلفت آلاف القتلى وشردت الكثيرين، بعد أن ألحقت دمارا واسعا في البنية التحتية بعدة مدن ليبية لا سيما درنة.
وفي تعليقه على الظواهر الجوية المتطرفة، قال خبير المناخ التونسي، حمدي حشاد، إن البحر الأبيض المتوسط معروف بمناخه المعتدل، لكن "دانيال" كسرت هذه القاعدة، مؤكداً أن الدول العربية ليست في منأى عن التطرف المناخي الذي يعيشه العالم، والظواهر الجوية العنيفة.
وأوضح حشاد، في اتصال مع "إرم نيوز"، أن الطقس الحار الذي شهدته المنطقة رفع درجة حرارة البحر ووفر فرصة لتشكيل إعصار مدمر في خليج ليون بفرنسا، وأخذ طريقه عبر سردينيا وصقلية وشمال تونس، وتفرع باتجاه اليونان وليبيا.
ويعتقد الخبير المناخي أن ليبيا لم تتعامل بشكل جدي مع التحذيرات التي سبقت وصول العاصفة، وهو ما أدى إلى أضرار فادحة.
ويرى أن المنطقة مرشحة لمزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، بعد موجات الجفاف التي شهدتها دول كالعراق، وموجات الجليد في الأردن ولبنان وفلسطين، علاوة على حرائق الغابات والأمطار الطوفانية التي شهدتها دول أخرى.
يأتي ذلك، في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من بدء ظاهرة مناخية طبيعية، معروفة باسم "النينو" في المحيط الهادئ، وقد تؤدي إلى جعل عام 2024 أكثر الأعوام سخونة، وقد تجلب المزيد من الظواهر الجوية القاسية.
ويقول مدير المركز العربي للمناخ، المهندس أحمد العربيد، لـ"إرم نيوز"، إن ظاهرة "النينو" ليس لها علاقة بكميات الأمطار، لكنها تؤثر بشكل كبير في تشكل الفيضانات الوميضية والسيول.
وأشار العربيد إلى أن ثوران بركان "هونغا تونغا"، بداية عام 2022 في المحيط الهادئ، حقن الغلاف الجوي بملايين الأطنان من بخار الماء، وأدى لارتفاع درجات حرارة مياه البحار بمختلف أنحاء العالم، بما فيها المنطقة، ما أحدث تقلبا جويا زاد من أزمة المناخ.
وأوضح مدير المركز العربي للمناخ أن ارتفاع درجة الحرارة تزامنًا مع وصول الكتل الجوية الباردة يزيد من عنف وقوة الحالات الجوية، وعمق المنخفضات الجوية التي قد تصل لمرحلة العواصف المتوسطية.
وتوقع العربيد أن تشهد المنطقة حالات من التقلب الجوي المتطرف نتيجة احترار مياه البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي قد يزيد نسبة الرطوبة والأحمال الحرارية، وأيضاً زيادة الفرصة لسقوط برد كبير الحجم، كالذي سقط في العاصمة الأردنية عمان قبل أشهر وتسبب بخسائر واسعة، خصوصا في السيارات.