"تسونامي وزلازل".. ما حقيقة التحذيرات من كوارث طبيعية؟ (فيديو)

تعجّ منصات التواصل الاجتماعي منذ أيام بمقاطع فيديو وأخبار بعضها حذر من وقوع  تسونامي مدمر في البحر الأبيض المتوسط؛ بسبب تشكل موجات مد بحري.

وتحدث آخرون عن اقتراب حدوث زلزال قوي، محذرين مواطني دول محددة من الذهاب إلى الشواطئ تجنبا للكارثة.

وانتشرت شائعات وفيديوهات عبر منصات "فيسبوك" و"إنستغرام" تشير إلى تراجع مياه البحر وشواطئ متآكلة أو تربة متشققة في لبنان والجزائر وتونس وليبيا، ولافتات تحذيرية من تسونامي في المغرب وأخرى في مصر.

وأدت هذه الأنباء المتداولة إلى بث الرعب في أوساط مواطني عدد من الدول وزائريها، فيما تدخلت الأجهزة الرسمية للرد عليها.

وكانت مصر أكثر الدول التي جرى تداول الكثير من الأخبار حولها في الساعات الأخيرة حول تشكل تسونامي البحر المتوسط تسبب في إغلاق الكثير من الشواطئ، وذلك بسبب انخفاض المياه.

وعلّق مجلس الوزراء المصري على ذلك، في بيان، بالقول إنه "تواصل مع المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الذي أكد أنه لا صحة لانحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية نتيجة موجات مد بحري (تسونامي) جراء وجود زلزال كبير في البحر المتوسط".

وأوضح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري أن "انخفاض منسوب المياه في تلك الشواطئ يعد ظاهرة طبيعية تحدث بشكل طبيعي نتيجة التغيرات المناخية، وتكون مرتبطة بحركتي المد والجزر، ولا علاقة لها مطلقاً بحدوث أعاصير مدمرة".

وفي ليبيا، التي لم تتعافَ بعد من صدمة إعصار درنة قبل أشهر، خرج مدير مكتب الإعلام بالمركز الليبي للاستشعار، أنس المشري، ليطمئن مواطني البلاد بالقول إن "التسونامي لا يحدث إلا عند حدوث كسر قوي في طبقة الأرض، والزلازل التي حدثت درجتها بسيطة، ولا يمكن أن تسببه".

وفي الجزائر جرى تداول مقطع فيديو من مدينة القل أقصى شرق البلاد، أظهر لقطات مرعبة لأمواج البحر، وهي تتحرك إلى الوراء عكس الاتجاه الطبيعي للموج، وهو ما أثار ذعر المواطنين الذين ربطوا هذه الظاهرة بما يحدث من انحسار للبحر في العديد من الدول حول العالم.

ورصد عدد من المصطافين بالشواطئ المغربية أمرا مماثلا سجل تراجعا كبيرا في منسوب المياه في شواطئ بضع مدن بينها الوالدية قرب مدينة الجديدة.

وإثر تداول مصطافين صورا للافتات تحذر من موجات تسونامي، أوضح المركز المغربي للبحث العلمي والتقني، الاثنين، أن العلامات التي أثارت التساؤلات والقلق بين المصطافين في الآونة الأخيرة تتعلق بمشروع علمي، مؤكداً في الوقت نفسه إمكانية حدوث مثل هذه الكوارث في المغرب.

وما زاد الطين بلة، تحذيرات عالم الزلازل الهولندي، فرانك هوغربيتس، من احتمالية وقوع زلزال ضخم، ما أثار حالة من القلق، حيث توقع حدوث كارثة تسونامي في منطقة البحر المتوسط ناجمة عن التغيرات التي تشهدها المنطقة.

وأوضح هوغربيتس، عبر حسابه على فيسبوك، قائلًا إن منطقة البحر المتوسط قادرة على إنتاج زلازل بحجم كبير.

مختصون يردون

وفي سبيل معرفة الحقيقة العلمية حول هذه الظواهر الطبيعية، فنّد مختصون تحدثوا لـ"إرم نيوز" ما يشاع من تحذيرات وقلق من الخطر القادم.

الخبير التونسي في المناخ، الناشط البيئي حمدي حشاد، قال إنه بعد وقوع زلزال بقوة 5.2 درجة قبالة سواحل جزيرة كريت اليونانية قامت السلطات المصرية بإعلان حالة تأهب كإجراء وبروتوكول حماية عادي يتخذ كلما سجل زلزال في عرض البحر.

ويرى حشاد أن هذا الإجراء أمر طبيعي يقع اعتماده وفق توصيات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث بعد تسونامي 2004.

ولفهم الموضوع بطريقة علمية أحال الخبير إلى دراسة منشورة في مجلة Communications earth & Environment تشير إلى ظاهرة تزامن موجات الحر مع المد البحري الناجم عن ارتفاع مستوى سطح البحر، التي أصبحت تهدد بشكل متزايد المناطق الساحلية في العالم.

وقال إن هذه ظاهرة مركبة ستتفاقم في المستقبل؛ ما يهدد ملايين البشر الذين يعيشون قرب السواحل والنظم البيئية والبنية التحتية في تلك المناطق، حيث تتعرض هذه المجتمعات الساحلية لظاهرة ارتفاع مستويات سطح البحر الناتجة عن هبوب العواصف أو حركة المد والجزر العالية.

وأضاف أن هذا يؤدي إلى غمر المناطق الساحلية لفترة محدودة من الزمن في ما يشبه موجات تسونامي صغيرة، لافتا إلى أن أحدث مثال على حالة تزامن الظاهرتين هو ما جرى في شهر أغسطس آب 2021.

وحسب حشاد، وعلى عكس موجات تسونامي المعتادة التي تنتج عن النشاط الزلزالي في عرض البحر، فإن هذا النوع من التسونامي ينجم عن تغيرات سريعة في الضغط الجوي الناجم بدوره عن أحداث جوية سريعة الحركة مثل العواصف الرعدية أو موجات الحر مثل التي نعيشها حاليا.

نظام إنذار مبكر

ومن جانبه، يدعو رئيس الجمعية الفلكية الأردنية عمار السكجي، المواطنين إلى عدم الانسياق وراء كل ما يبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

مع ذلك، تحدث السكجي عن دراسات قالت إنه إذا حدث زلزال بقوة 7.5 إلى 8 درجات يمكن أن ترتفع الموجة إلى 5 أمتار، لذا فإن هناك مقترحا لإنشاء نظام للإنذار المبكر بالتسونامي على غرار الموجود في المحيط الهندي.

وكشف السكجي أنه في 2005 اقترحت اليونسكو ذلك، وطلبت تحديد المؤسسات الوطنية من الدول التي تطل على البحر المتوسط والبحار المجاورة لوضع نقاط اتصال لنظام الإنذار المبكر.

أما المختص الجزائري في علوم الجيوفيزياء لوط بوناطيرو، فأوضح أن عمق البحر الأبيض المتوسط يجعل احتمالية حدوث تسونامي فيه منخفضة للغاية.

وحتى يحدث تسونامي، قال بوناطيرو إنه يجب أن يكون هناك زلزال بقوة 7 أو 9 درجات على مقياس ريختر على الأقل.

وانتقد بوناطيرو ربط انخفاض المد والجزر الناجم عن الجاذبية القمرية بظاهرة نادرة جدا، بشكل مباشر "دون تفكير"، وفق قوله.