مقتل 6 أشخاص جراء تحطم مروحية في نهر "هدسون" بنيويورك
من أكثر الأسئلة إلحاحًا لدى البشر هو كم من العمر سنعيش، ومع هذا يأتي السؤال: إلى أي مدى تُشكّل بيئتنا وخياراتنا من عمرنا، وإلى أي مدى تُحدّده جيناتنا مُسبقًا.
حاولت دراسة نشرت مؤخرا في مجلة " نيتشر ميديسين " للمرة الأولى تحديد المساهمات النسبية لبيئتنا وأسلوب حياتنا مقابل جيناتنا في كيفية تقدمنا في السن ومدة حياتنا.
وكانت النتائج مذهلة، إذ تشير إلى أن بيئتنا وأسلوب حياتنا يلعبان دورًا أكبر بكثير من جيناتنا في تحديد طول عمرنا.
واستخدمت الدراسة بيانات من البنك الحيوي البريطاني، تشمل البيانات المتاحة معلومات وراثية، وسجلات طبية، وصورًا، ومعلومات عن نمط الحياة.
استخدم جزء منفصل من الدراسة بيانات من مجموعة فرعية تضم أكثر من 45 ألف مشارك خضعت عينات دمهم لِما يسمى " التحليل البروتيني ".
التنميط البروتيني تقنية حديثة نسبيًّا، تدرس كيفية تغير البروتينات في الجسم مع مرور الوقت لتحديد عمر الشخص على المستوى الجزيئي.
وباستخدام هذه الطريقة، تمكن الباحثون من تقدير سرعة شيخوخة جسم الشخص. يُطلق على هذا العمر البيولوجي، وليس العمر الزمني (أو السنوات التي عاشها).
قام الباحثون بتقييم 164 عاملًا بيئيًّا، بالإضافة إلى العلامات الجينية للأمراض لدى المشاركين.
وشملت العوامل البيئية خيارات نمط الحياة (مثل التدخين والنشاط البدني)، والعوامل الاجتماعية (مثل ظروف المعيشة، ودخل الأسرة، والوضع الوظيفي)، وعوامل الحياة المبكرة، مثل وزن الجسم في مرحلة الطفولة.
ثم بحثوا عن الارتباطات بين العوامل الوراثية والبيئة و22 مرضًا رئيسًا مرتبطًا بالعمر (مثل مرض الشريان التاجي ومرض السكري من النوع 2 )، والوفيات والشيخوخة البيولوجية (كما تم تحديدها من خلال الملف البروتيني).
وقد سمحت هذه التحليلات للباحثين بتقدير المساهمات النسبية للعوامل البيئية والجينية في الشيخوخة والموت المبكر.
فيما يتعلق بالوفيات المرتبطة بالأمراض، وكما هو متوقع، يُفسر العمر والجنس جزءًا كبيرًا (حوالي نصف) من التباين في متوسط أعمار الناس.
إلا أن النتيجة الرئيسة كانت أن العوامل البيئية مجتمعةً تُمثل حوالي 17% من التباين في متوسط أعمار الناس، بينما تُسهم العوامل الوراثية بأقل من 2%.
تتضح هذه النتيجة جليًّا في جانب التنشئة في جدل "الطبيعة مقابل التنشئة"، فهي تشير إلى أن العوامل البيئية تؤثر في الصحة وطول العمر بدرجة أكبر بكثير من العوامل الوراثية.
وكما هو متوقع، أظهرت الدراسة مزيجًا مختلفًا من التأثيرات البيئية والوراثية لمختلف الأمراض. وكان للعوامل البيئية التأثير الأكبر على أمراض الرئة والقلب والكبد، بينما لعبت الجينات الدور الأكبر في تحديد خطر إصابة الشخص بسرطان الثدي والمبيض والبروستاتا، والخرف.
وتشمل العوامل البيئية التي كان لها التأثير الأكبر على الوفاة المبكرة والشيخوخة البيولوجية التدخين، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، ومستويات النشاط البدني، وظروف المعيشة.
من المثير للاهتمام أن طول القامة في سن العاشرة يرتبط بقصر العمر. ورغم أن هذا قد يبدو مفاجئًا، والأسباب غير واضحة تمامًا، فإنه يتوافق مع أبحاث سابقة وجدت أن الأشخاص طوال القامة أكثر عرضة للوفاة المبكرة.
كما وجد أن زيادة الوزن في سن العاشرة وتدخين الأم (إذا كانت والدتك تدخن في أواخر الحمل أو عندما كنت مولودًا جديدًا) من العوامل التي تؤدي إلى تقصير العمر.
لعلّ النتيجة الأكثر إثارة للدهشة في هذه الدراسة هي عدم وجود ارتباط بين النظام الغذائي وعلامات الشيخوخة البيولوجية، كما هو مُحدد من خلال تحليل البروتينات. وهذا يُخالف جملة الأدلة الواسعة التي تُشير إلى الدور الحاسم للأنماط الغذائية في خطر الإصابة بالأمراض المزمنة وطول العمر.