ترامب: توصلنا إلى اتفاق بشأن المعادن النادرة
مخيّم الهول، الكائن على بُعد 40 كيلومترًا شرق الحسكة على الحدود السورية العراقية، يُصنّف على أنّه أكثر البؤر خطورة في المنطقة العربية والعالم. فعدا عن أنّه يضمّ عائلات مسلّحي تنظيم "داعش"، فإنّ الأفكار المتطرفة المؤيّدة للتنظيم ما زالت تنمو في كيانه وشريانه.
فريق "إرم نيوز" تمكّن من الدخول إلى مخيّم الهول المترامي الأطراف.. الأمر لم يكن سهلًا لوجستيًا وأمنيًا، لاسيّما الدخول إلى قسم المهاجرات، حيث عوائل عناصر تنظيم "داعش" يحلمن بعودة التنظيم قريبًا.
محاولات تنظيم "داعش" لإحياء نفسه من جديد لم تتوقف يومًا، وهذا ما يعكس آمالَ وأفكار عوائل التنظيم في قسم المهاجرات، هذا القسم الذي يُعتبر القسم الأخطر في المخيّم.
ويمكن القول إنّ التواصل مستمر بين القاطنين هنا وعناصر التنظيم في الخارج، والذين يتواجدون تحديدًا في منطقة البادية السورية على الحدود مع العراق.
التقينا سيّدة من أوزبكستان، وقد رفضت الإفصاح عن اسمها واسم عائلتها. لم يكن من السهل ترتيب حوار مع إحدى نساء "داعش" في المخيّم، ليس فقط لأنهن يرفضن الحديث؛ بل نظرًا لوجود مخاطر أمنية تحيط بمن يدخل إلى هنا، إذ أن الأمر لا يخلو من المضايقات ورشق الحجارة وإطلاق الشتائم، وصولًا إلى التهديد بالقتل أحيانًا.
في هذا القسم بالذات، الأمور تختلف كثيرًا عمّا هي عليه في باقي أقسام المخيّم، وفق ما تقول مديرة المخيّم جيهان حنان لـ"إرم نيوز".
يبدي الأولاد هنا عدائية لافتة ويتعاطون بحدّة وشّدة مع الجميع، ومن السهل جدًّا أن تلاحظ كيفية تأثرهم بمنطق "داعش" الذي يتلقونه من الأمّهات.
في ذلك السياق، تقول حنان إنّ "إزالة الأفكار المتطرفة من عقول هؤلاء عملية ليست بالأمر السهل، فيما الأطفال الموجودون في قطاع المهاجرات ليسوا كباقي الأطفال، ألعابهم مختلفة، فكرهم مختلف، وفي الواقع الجميع في ذلك القسم ينتظرون لحظة خروجهم من المخيم وإحياء الدولة الإسلامية من جديد".
تواصل بين داخل المخيّم وخارجه
وعن وجود تواصل بين عائلات تنظيم "داعش" في قسم المهاجرات وأفراد التنيظم في الخارج، تقول حنان لـ"إرم نيوز": "ثمة أمور عديدة تجعلنا متأكدين من أنّهم على تواصل مع الخارج، إذ أنّ التظاهرات تحصل بالتنسيق مع الخارج. كما أنّه مع سقوط النظام في سوريا تمّ تنفيذ عصيان في القسم مُنع خلاله دخول أحد حتى التجّار"، مضيفةً: "أنّهم موعودون بالخروج من المخيّم، فيما حالات الهروب التي تحصل تستهدف أشخاصًا معينين".
من قسم المهاجرات إلى السوق الرئيسي في المخيّم
من قسم المهاجرات، انتقل فريق "إرم نيوز" إلى أقسام أخرى من المخيّم... القاطنون فيها لم ينتموا إلى التنظيم لكنّهم تأثروا بأفكاره، فيما القسم الأخير يضمّ نازحين ولاجئين عراقيين وسوريين كانوا قد هربوا من الحرب والدمار خلال السنوات الماضية.
إدارة مخيم الهول تقول إنّ سقوط الأسد بدّد مبررات بقاء النازحين واللاجئين، لذلك فإنّ الكثير من هؤلاء هنا ربّما يبدأون بمغادرة المخيّم بعد إفساح المجال أمام العودة الطوعية إلى مدنهم، مع الإشارة إلى أنّ ذلك القرار أثار أيضًا ردود فعل متباينة بين مرحب بالقرار ورافض له، إذ يرى الذين يرفضون المغادرة أنّ المخيم يوفّر لهم إقامة مجانية مع إمدادات غذائية وإنسانية، معتبرين أنّ ذلك غير متوفر في مناطقهم المدمّرة.
وتحّذر قوّات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال سوريا وشرقها، من محاولات عناصر تنظيم "داعش: استغلال الأوضاع الراهنة في سوريا في ظل المرحلة الانتقالية. وتؤكّد أنّ التنظيم بدأ يعود إلى النشاط بقوّة في البادية السورية، مشيرة إلى أنّ "داعش" أصبح أكثر نشاطًا ممّا كان عليه في المرحلة السابقة.
"إرم نيوز" حاول الوصول إلى آخر نقطة تطل على منطقة البادية برفقة عناصر من الأمن الداخلي، وقد وصل إلى منطقة تُسمّى السبخة حيث كانت تتمركز الفرقة الرابعة التابعة لنظام الأسد، وقد تعرّض الموقع لهجمات من قبل خلايا التنظيم بعد سقوط النظام.
وأخيرًا توقف فريق "إرم نيوز" في رحلته في منطقة العكيرشي الوعرة، والجبال فيها تعتبر الفاصل بين مناطق البادية والصحراء السورية من جهة، والقرى المحاذية لنهر الفرات أو المناطق السكنية من جهة أخرى، وغالبًا ما تتسلل خلايا تنظيم "داعش" عبر تلك الجبال، مع الإشارة إلى أنّ تلك المناطق تقع في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة الرقة.
ويقول القيادي في قوّات سوريا الديمقراطية صائل الزوبع، لـ"إرم نيوز"، إنّ "قوّات سوريا الديمقراطية على تنسيق كامل مع التحالف الدولي في إطار محاربة تنظيم "داعش"، الذي يستفيد من وعورة المنطقة ويحاول أن يعيد إحياء نفسه من جديد".
ويوضح أنّ "قوات سوريا الديمقراطية تقيم الكمائن الليلية، وتعزز الحواجز باستمرار، وتتخذ تدابير أمنية مركّزة من أجل ضمان عدم عودته، مشيرًا إلى وجود تعاون مع التحالف الدولي لناحية تبادل المعلومات.
قنبلة موقوتة
في المحصلة، فإنّ مخيّم الهول يبقى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أيّ لحظة، ويشكل أزمة خطيرة؛ نظرًا لما يشكّله أفراد وعائلات تنظيم "داعش" من خطر لا يقتصر فقط على الشق الأمني، بل أيضًا على الشق الإيديولوجي، ما دعا مراقبين الى المطالبة بالضغط على الدول التي ما زالت ترفض استعادة رعاياها، فيما استجابت إلى هذا الطلب 24 دولة فقط من أصل 60. وكل ذلك يجري فيما داعش ينتظر الفرصة التي تمكنه من إعادة ضخ الدم في جسده من جديد.
تم إعداد الفيلم الوثائقي بالتعاون مع بدرخان أحمد