ترامب: سأتخذ قرارا بشأن فرض الرسوم الجمركية الثانوية على إيران

logo
أخبار

"سلاح مغر ومعلومات مضللة".. كيف يمكن لأجهزة الاستخبارات "التلاعب" بجهود مكافحة كورونا؟

"سلاح مغر ومعلومات مضللة".. كيف يمكن لأجهزة الاستخبارات "التلاعب" بجهود مكافحة كورونا؟
02 مارس 2020، 3:24 ص

يعمل خبراء الأمراض الوبائية في منظمة الصحة العالمية وغيرها من المراكز الطبية، على جمع الكثير من المعلومات الرامية لمعرفة كيف وأين ينتشر فيروس كورونا المستجد، من خلال استخدام أنظمة الاتصالات والمراقبة الرقمية، وهو الأمر الذي قد تعرض للقرصنة.

ويعبر الخبراء عن بالغ قلقهم من تلك "الثغرة"، ولا سيما أن الحكومات ووكالات الاستخبارات اهتمت بـ"التلاعب" بالمعلومات الصحية، منعا للذعر الجماعي، وتجنبا لإلحاق الضرر بالاقتصاد، وتفاديا للسخط العام جراء تقصير المسؤولين تجاه احتواء الأوبئة.

سلاح مغر

في حين قد تستخدم الدول معلومات "مضللة" لتقويض خصومها أو تعطيل تحالف بين دول أخرى، فظهور وباء مفاجئ يؤدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية، يعتبر سلاحا مغريا للعديد من الجهات التي تسعى للتدخل في شؤون الدول الأخرى.

ويجري تدخل فعلي فيما يتعلق بفيروس كورونا، وهو الأمر الذي لا يعتبر أمرا مفاجئا، إذ إن الدول المعادية للغرب لديها سجل طويل من التلاعب بالمعلومات حول القضايا الصحية لنشر الذعر، ووفقا لمجلة "فورين بوليسي".

وفي الثمانينيات، نشر الاتحاد السوفيتي شائعة تفيد بأن وزارة الدفاع الأمريكية هي من صنع فيروس الأيدز من أجل قتل الأمريكيين من الأصل الأفريقي.

وأتت تلك الرواية بعد حوالي 20 عامًا، إذ وجد استطلاع أجري عام 2005 أن 48% من الأمريكيين من أصل أفريقي يعتقدون أن فيروس نقص المناعة البشرية قد تم تصنيعه في أحد المعامل، وأن 15% اعتقدوا أنه كان أداة للإبادة الجماعية، التي استهدفت مجتمعاتهم.

وقبل عامين، وتحديدا في عام 2018، شنت روسيا حملة تضليل واسعة لتوسيع حركة مكافحة التطعيم باستخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" و"فيسبوك".

وأكد الباحثون أن "المتصيدين والروبوتات الروسية" نشروا تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي ضد التطعيم بمعدل يصل إلى 22 ضعف المستخدمين العاديين.

ووجد باحثون آخرون أن التعرض لتلك الرسائل أدى إلى انخفاض كبير في تلقي الناس للتطعيم، مما عرض حياة الأفراد والصحة العامة للخطر.

معلومات مضللة

والأسبوع الماضي، اتهم المسؤولون الأمريكيون روسيا بنشر معلومات مضللة عن فيروس كورونا في حملة منسقة.

ومنذ منتصف شهر كانون الثاني/يناير الماضي، تم رصد آلاف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك" و"انستغرام"، يرتبط الكثير منها بروسيا، وهي تنشر رسائل مشابهه باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية ولغات أخرى، تلقي باللوم على الولايات المتحدة لتفشي المرض.

وزعمت بعض الرسائل أن الفيروس جزء من جهد أمريكي لشن حرب اقتصادية على الصين، بينما أشارت أخرى إلى أن الفيروس سلاح بيولوجي صممته وكالة المخابرات المركزية.

وبقدرما يمكن أن يؤدي التضليل إلى تقويض ثقة الجمهور وإثارة الانقسامات، يعتبر نقطة الضعف الأكبر في البنية التحتية للاستجابة لحالات الطوارئ في الولايات المتحدة، والتي لا تتمتع بحماية كافية، بما في ذلك أنظمة المراقبة الصحية المستخدمة لرصد الوباء وتتبعه.

فمن خلال اختراق تلك الأنظمة والتلاعب بالبيانات الطبية، يمكن للدول ذات القدرات السيبرانية الهائلة تغيير البيانات مباشرة والتلاعب بها.

أمر مثير للقلق

وتراقب العديد من أنظمة المراقبة الصحية انتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا، بما في ذلك شبكة مراقبة الإنفلونزا في مركز السيطرة على الأمراض.

ويتم إجراء جميع الاختبارات تقريبًا على المستوى المحلي أو الإقليمي، ثم تقوم وكالات الصحة العامة مثل مركز السيطرة على الأمراض بتجميع وتحليل البيانات فقط.

ونادرا ما يتم إرسال عينة بيولوجية فعلية إلى مختبر حكومي رفيع المستوى، والعديد من العيادات والمختبرات التي تقدم نتائجها إلى مركز السيطرة على الأمراض لم تعد تقدم تقارير كما كان يحدث في الماضي ولكن لديها عدة طبقات من البرامج لتخزين ونقل البيانات.

وحذر الخبراء من أن الثغرات المحتملة في تلك الأنظمة عديدة، بما في ذلك استغلال القراصنة للأخطاء في البرنامج لاختراقها، والوصول غير المصرح به إلى الأنظمة والتدخل في الاتصالات الرقمية بين المختبرات ومركز السيطرة على الأمراض.

ويعتبر وصول البرنامج المعني بتتبع الأمراض، الذي يمكن اختراقه، للسجلات الطبية الإلكترونية أمر مثير للقلق، لأن هذه السجلات غالبًا ما يتم دمجها في شبكة من الأجهزة الرقمية في العيادة أو المستشفى، فمن الناحية النظرية، يمكن استخدام أحد هذه الأجهزة المتصلة بشبكة مستشفى واحدة لاختراق قاعدة بيانات فيروس كورونا بالكامل في مركز السيطرة على الأمراض.

الأمن السيبراني

ومن الناحية العملية، يمكن أن يكون الاختراق العميق لأنظمة المستشفى أمرا سهلا بشكل صادم، وكجزء من دراسة للأمن السيبراني، تمكن الباحثون الإسرائيليون في جامعة "بن غوريون" من اختراق شبكة مستشفى عبر نظام "Wi-Fi" العام.

وتمكنوا من الانتقال عبر معظم قواعد بيانات المستشفى وأنظمة التشخيص، وتحكموا في قاعدة بيانات الصور غير المشفرة بالمستشفى، ووضعوا برامج ضارة غيرت فحوصات الاشعة مقطعية للمرضى الأصحاء لجعلها تظهر أوراما غير موجودة.

ولم يتمكن علماء الأشعة الذين يقرؤون تلك الصور من أن يميزوها فعليا عن الاشعة الحقيقية بنسبة 60%، حتى بعد تنبيههم بأن بعض هذه الأشعة قد تم التلاعب بها.

الأسلحة البيولوجية

وأظهرت دراسة أخرى ذات صلة مباشرة بحالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة أن مبادرة الأمن الحيوي الهامة في الولايات المتحدة، والمسماة برنامج "بايوووتش" التابع لوزارة الأمن الداخلي، كانت عرضة للهجمات الإلكترونية لأكثر من عقد من الزمان.

ويراقب ذلك البرنامج أكثر من 30 ولاية قضائية في الولايات المتحدة ويسمح لمسؤولي الصحة باكتشاف هجمات الأسلحة البيولوجية بسرعة، واختراق ذلك البرنامج يمكن أن يساعد على إخفاء مثل هذه الهجمات، أو يخدع السلطات للاعتقاد بحدوث هجوم.

ولم تظهر أية حالة من حالات التخريب في مجال الرعاية الصحية من قبل وكالات الاستخبارات أو المتسللين، وكان أقرب الحوادث إلى ذلك هو وقوع سلسلة من هجمات الفدية التي انتزعت أموالاً من المستشفيات، مما تسبب في حدوث خروقات كبيرة في البيانات وانقطاع الخدمات الطبية، ومع ذلك نادرا ما استهدفت البنية التحتية الحيوية الأخرى.

اختراقات متكررة

ومن جانبهم اخترق الروس مرارا وتكرارا شبكة الكهرباء الوطنية الأوكرانية، كما كانوا يدرسون اختراق محطات الطاقة الأمريكية والبنية التحتية للشبكات أيضا.

واخترقت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج النووي الإيراني، ولا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن البنية التحتية للصحة العامة لن تصبح جزءا من هذا الصراع السيبراني.

وعلى الرغم من هذه السوابق والمخاطر المؤكدة، إلا أنه لم يتم إجراء تقييم مفصل لمدى عرضة أنظمة المراقبة الصحية الأمريكية للتسلل والتلاعب.

بيانات غيرموثوقة

ومع اقتراب فيروس كورونا من أن يتحول لوباء، يتفاقم خطر امتلاك الولايات المتحدة لبيانات غير موثوقة، والتي بدورها يمكن أن تشل قدرة البلد على الاستجابة.

ويوجد متسع من الوقت لمسؤولي الصحة لملاحظة أنماط غير معتادة في البيانات وتعقب المعلومات الخاطئة، وذلك باستخدام الطريق التقليدية مثل الاتصال بالمختبر، ولكن أثناء حدوث وباء، عندما يكون هناك عشرات الآلاف من الحالات التي يجب تتبعها وتحليلها، سيكون من السهل على تضليل خبراء الأمراض ومسؤولي الصحة العامة بالبيانات الكاذبة.

وقد يؤدي الالتباس الناتج عن ذلك إلى توجيه الموارد إلى أهداف خاطئة، أو إعطاء تأكيدات خاطئة بأن أعداد الحالات آخذة في الانخفاض، أو تضييع وقت ثمين عندما يحاول صناع القرار التحقق من صحة البيانات غير المتسقة.

وفي مواجهة وباء عالمي محتمل، يجب ألا يضيع قادة الصحة العامة الأمريكيون والدوليون أي وقت في تقييم وتعزيز أمن أنظمة الصحة الرقمية في البلاد.

ويتطلب جعل البنية التحتية الصحية في أمريكا آمنة إعادة توجيه جهود الأمن السيبراني بعيدا عن الهجوم وتجاه الدفاع.

لكن موقف العديد من الحكومات، بما في ذلك الولايات المتحدة، الذي يشير إلى ضرورة بقاء البنية التحتية للإنترنت ضعيفة حتى يتمكنوا من التجسس بشكل أفضل على الآخرين، لم يعد قابلا للتطبيق.

سباق التسلح الرقمي

إن سباق التسلح الرقمي، الذي تكتسب فيه المزيد من البلدان قدرات هجومية إلكترونية أكثر تطورا، يزيد من ضعف الولايات المتحدة في مجالات حرجة مثل مكافحة الوباء.

ومن خلال تسليط الضوء على أهمية حماية البنية التحتية الصحية الرقمية، يمكن لقادة الصحة العامة الدعوة إلى تعزيز أمن شبكة الإنترنت كأساس لعالم آمن وصحي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات