logo
أخبار

لماذا يشكل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي علامة فارقة في الشرق الأوسط؟

لماذا يشكل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي علامة فارقة في الشرق الأوسط؟
15 أغسطس 2020، 5:16 ص

يرى محللون أن اتفاق السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، الذي أعلن عنه الخميس، يشكل طفرة ومرحلة فارقة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

وإذ أصبح بالإمكان الحديث عن بناء منظومة علاقات مستقبلية متشعبة بين البلدين، قد تنضم إليها دول أخرى بالمنطقة، وآفاق للتعاون لم يتوقعها الكثيرون قبل ساعات فقط من إعلان التوصل إلى هذا الاتفاق.

ولم يأت الاتفاق في الوقت نفسه كمفاجأة لبعض المراقبين، الذين لاحظوا حدوث متغيرات حادة بالمنطقة خلال السنوات والشهور الأخيرة، ومحاور متشابكة تتشكل بناء على أسس ومصالح تتطلب المزيد من البراغماتية.

ويرى مراقبون أن الحديث يتعلق بخطوة حتمية لم يكن من الممكن تعطيلها أو قياسها على اعتبارات الماضي، إذ يشكل الاتفاق حاجزا أمام محاولات بعض الدول لتطويق منطقة الشرق الأوسط بالكامل من الخليج مرورا بالعراق وسوريا ولبنان وشرق المتوسط وصولا إلى ليبيا والمغرب العربي.

ترحيب ورفض 

ووجد الاتفاق بين البلدين ترحيبا في الإمارات وإسرائيل على السواء، فضلا عن العديد من العواصم العربية وكذلك على الصعيد الدولي.

إسرائيليا، يتماشى الاتفاق مع السياسات الخارجية التي تبناها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال السنوات الماضية، والتي قامت على بذل جهود مكثفة للتقارب مع العالم العربي ودول الخليج بالتحديد، وهو ما عكسته الزيارة التي أجراها نتنياهو إلى سلطنة عمان، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، والتي كانت مؤشرا واضحا على تحول قادم.

ويعد الاتفاق في الوقت نفسه صفعة على وجه اليمين الإسرائيلي المتطرف، والذي يرى أن نتنياهو أضاع فرصة تاريخية لإعلان ضم أجزاء من الضفة الغربية، مقابل عقد اتفاقية السلام مع الإمارات.

كما تعارضه قوى وتيارات في منطقة الشرق الأوسط تحمل أجندات متشابكة، وبعضها يتواصل مع إسرائيل ولديه اتفاقيات معها، والبعض الآخر يسعى جاهدا للتوصل إلى هدنة معها، ومع ذلك يستغل الملف الفلسطيني لحشد الشارع العربي والإسلامي أو لكسب نقاط سياسية.

ورقة ضغط

وفق مراقبين، فإن الاتفاق بين البلدين يعطي لدولة الإمارات المتحدة الفرصة للانخراط بشكل كبير في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما عكسته تصريحات الوزير قرقاش، يوم الخميس، حين أكد أن الحديث يجري عن "قرار سلام فلسطيني إسرائيلي بامتياز".

وأضاف أن "المبادرة الإماراتية أتاحت المزيد من الوقت لفرص السلام، عبر إبعاد شبح ضم الأراضي الفلسطينية، وهو منحى واقعي تطرحه الإمارات بكل شفافية، بعيدا عن المزايدات".

ويسهم الاتفاق في انخراط الإمارات العربية المتحدة في الملف الفلسطيني بشكل أكثر فاعلية، ويشكل ورقة ضغط على إسرائيل حال سعت إلى تطبيق مخططات تتناقض مع حقوق الفلسطينيين، وعلى رأسها مخطط الضم، إذ أصبح بمقدور الإمارات أن تلوح بإلغاء الاتفاق مستقبلا، في حين لم يكن بالإمكان حدوث ذلك في الماضي؛ في ظل عدم وجود ورقة ضغط كبيرة يمكن التلويح بها وقت الحاجة.

صفعة لتركيا 

وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس – حسب يديعوت أحرونوت - كان قد أكد أمام المسؤولين بدولة الإمارات العربية المتحدة أن الملف الفلسطيني لن يكون عقبة أمام التوصل إلى اتفاق سلام، وأن مثل هذا الاتفاق قد يسهم في حدوث انفراجة في هذا الملف، ودلل على ذلك بالأزمات السياسية والدبلوماسية القائمة بين تل أبيب وأنقرة منذ سنوات، بما في ذلك بسبب الملف الفلسطيني، ومع ذلك قدرة البلدين على الحفاظ على عشرات الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بينهما.

والجدير بالذكر أن أنقرة وجهت انتقادات حادة لاتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل، في وقت كانت قد وقعت اتفاقية شاملة لتطبيع العلاقات مع تل أبيب منتصف عام 2016، وبلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين إسرائيل سنويا قرابة 5 مليارات شيكل، وفقا للمعلومات التي أبلغها الوزير كاتس لنظيره بدولة الإمارات قبل قرابة العام.



وتعد تركيا هي البلد الأول والوحيد من دون منازع، الذي أعاد الرحلات الجوية على مسار تل أبيب إسطنبول، بعد فترة من الإغلاق امتدت 3 أشهر، وتشهد الفترة الحالية عشرات الرحلات التي تقل مئات الإسرائيليين إلى تركيا، كمنفذ وحيد لقضاء العطلات ومباشرة الأعمال.

وتعتبر تركيا أيضا المتنفس الأهم والمنفذ الأخطر بالنسبة للشركات الإسرائيلية المتوسطة والصغيرة، بواقع مئات الشركات، كما تعد إسرائيل أيضا سوقا مهمة لمنتجات تركية عديدة.

ويؤشر الانتقاد التركي للاتفاق بين الإمارات وإسرائيل على أهداف سياسية واقتصادية تركية، على رأسها تحسين وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان داخليا في ظل تدني شعبية حزبه والأزمة الاقتصادية التي تضرب بلاده، وسياساته القائمة على استغلال أزمات الدول المنكوبة بالمنطقة والسيطرة على ثرواتها.