يستمر الغموض سيد الموقف فيما يخص الاجتماعات بين وفود التفاوض الليبي، فمع إعلان العودة لضاحية بوزنيقة للدخول في مرحلة جديدة من الاجتماعات، لم يعلن أي من الطرفين أهم بنود هذه الاجتماعات، خصوصا أن الاجتماع السابق لم يعلن بعد انتهائه عن وجود جولة جديدة بين الطرفين.
وكان من المفترض بدء جولة ثانية من الحوار في ضاحية بوزنيقة المغربية، اليوم الأحد في المغرب، غير أن مصدرا من البرلمان الليبي أكد في بيان نشر على موقع مجلس النواب بأن الاجتماعات لم تبدأ اليوم لأسباب لوجستية تتعلق بوصول الوفود.
تضارب التصريحات
ووفق مراقبين، فإن استباق المسار التنفيذي في جنيف الذي من المفترض أن تتم فيه مناقشات تعيين شخصيات في المناصب السيادية، حتمتها عدة تطورات منها حلحلة مشكلة إنتاج النفط وتصديره، والذي تم من خلال اتفاق أكدت بنوده على مسألة توزيع عوائد النفط بعدالة، ومراقبة المؤسسات المالية لضمان الشفافية.
ويرى المحلل السياسي الصادق بن عريف أن تضارب التصريحات بين طرفي الحوار يثبت بأنه ليست هناك نقاط محددة لنقاشها، مبينا أن أحد ممثلي وفد "الدولة الاستشاري" عبدالسلام الصفراني، صرح بأن جولة الحوار الثانية لطرفي الحوار السياسي الليبي، مخصصة لمسار المناصب السيادية فقط وتسمية الشخصيات التي ستتولاها.
وبحسب بن عريف في تصريح لـ"إرم نيوز"، فإن ما تم تناوله في المؤتمر الصحفي الذي تلى انتهاء الجولة الأولى، أكد بأن الوفدين توصلا لتوزيع أماكن المؤسسات السيادية على الأقاليم الثلاثة، وترك تسمية من يتولاها لمؤتمر جنيف.
ويرى المختص في العلوم السياسية د. عبدالعليم الزايدي بأن نهاية مباحثات بوزنيقة الأولى، لم تشر إلى جولة جديدة وكذلك أكدت على أن تسمية من يتولون مناصب المؤسسات السيادية لن يتم التحاور بشأنها في المغرب وتؤجل لاجتماع جنيف بين المشري وعقيلة صالح.
ووفق الزايدي في تصريح لـ"إرم نيوز"، فإن هذا التغير في مسار "بوزنيقة " يرجح أنه عائد لاجتماعات القاهرة بين المشير حفتر وعقيلة صالح، والتي تمت بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويأتي هذا التغير في المسار بناء على ما تم في اتفاق تصدير النفط بين قيادة الجيش الليبي وحكومة الوفاق.
وبحسب الخبير القانوني محمود الشارف، فإن تعدد اللقاءات والتحركات السياسية خلال الفترة الراهنة، أعطى مؤشرات ظاهرها حلحلة الأزمة الليبية، غير أن التمعن في تفاصيل مطالب بعض الشخصيات، من خلال تصريحاتها تعطي انطباعا عاما بأنها تصب في إطار إطالة الفترة الانتقالية.
ويوضح الشارف في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن من أكثر الحريصين على وجود فترة انتقالية جديدة رئيس المجلس الرئاسي للدولة خالد المشري، مبينا أن المشري وعدة شخصيات من فريقه ومؤيديه تركز على ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور، وهي عملية قد تستغرق على الأقل مدة عامين، خصوصا أنه يدرك بأن المسودّة الحالية للدستور لا يرضى عنها أغلب الليبيين، كما أن رئيس المفوضية العليا للانتخابات برئاسة عماد السائح لا يلقى قبولا في أغلب أنحاء ليبيا.
تكريس الانقسام وسلاح الميليشيات
من جهته، قال رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، عز الدين عقيل لـ "إرم نيوز"، إن نتائج الجولة الأولى من المحادثات كانت مخيبة للآمال من حيث محتوى الاتفاقات ومحاور الحوار التي لم تخرج عن سياق تقاسم السلطة والدفع نحو تكريس تقسيم ليبيا إلى مناطق والتعامل مع ذلك كأنه أمر واقع، وفق تعبيره.
وأكد عقيل أنه "إذا تم بناء الجولة الثانية من المحادثات على هذا الأساس، فإن مصيرها سيكون الفشل؛ لأن الفرقاء يغردون خارج السرب الليبي، ويتعاطون مع هذه المحادثات وفقا لامتداداتهم الإقليمية ومصالحهم الذاتية بعيدا عن تطلعات الشعب الليبي إلى الأمن وتوفير الخدمات والحد من غلاء المعيشة وغيرها من المطالب اليومية".
أما المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي، مختار اليزيدي فقد أكد في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن "تأجيل جلسة الحوار التي كان من المزمع إجراؤها اليوم، يبعث برسائل سلبية إلى الليبيين ويزيد من شكوكهم في التوصل إلى حل سلمي أساسه التوافقات على مختلف النقاط الخلافية، وطي صفحة الماضي والتوجه نحو بناء ليبيا موحدة وقوية بمؤسساتها وقانونها وشعبها".
وأضاف أن "الحوار الليبي لا يخلو من تجاذبات بين ممثلي الوفدين حول قضايا خلافية ذات علاقة بالامتداد الإقليمي لكل طرف، لا سيما مسألة نزع أسلحة الميليشيات وتوحيد الجهاز العسكري للدولة، وإنهاء الوجود التركي خصوصا، الأمر الذي لا يبدو مدرجا ضمن أجندة وفد حكومة الوفاق، ما قد يعسر التوصل إلى اتفاقات حول هذه النقاط والدفع نحو حل سلمي للأزمة".
وكانت المشاورات الليبية قد انطلقت، في 6 سبتمبر/أيلول الجاري، بإشراف من المغرب على الحوار الذي جمع ممثلين عن مجلس النواب الليبي، والمجلس الأعلى للدولة، وتم الإعلان عن توصل وفدي التفاوض إلى اتفاق شامل بشأن المناصب السيادية، فضلا عن الاتفاق على مواصلة اللقاءات.