بكين تقول إنها تستعد لـ"السيناريو الأسوأ" في التوترات التجارية مع واشنطن
اعتبر سياسيون ومحللون متابعون للشأن الليبي، أن وصفة الاتفاق على تقاسم المناصب السيادية، كما نصت عليها مخرجات الحوار بين الفرقاء في بوزنيقة، قد تكون مقدمة لتقسيم البلاد إلى أقاليم، بالنظر إلى اعتماد الانتماء الجغرافي في توزيع هذه المناصب.
وأفادت وسائل إعلام ليبية بأن الأطراف الليبية اتفقت على تقاسم المناصب السيادية على أساسي الجغرافيا والسياسة، أي بين ممثلي مجلس الدولة في الغرب ومجلس النواب في الشرق، وأيضا وفقا للمحاصصة بين الأقاليم.
وأوضحت أن الاتفاق جرى على أن يكون محافظ المصرف المركزي من شرق ليبيا، ونائبه من غرب البلاد، وأن يكون رئيس ديوان المحاسبة من غرب ليبيا، بينما مناصب الوكلاء ستكون بحسب التوزيع الجغرافي من الأقاليم الثلاثة، وسيكون رئيس الرقابة الإدارية من الشرق، بينما رئاسة جهاز مكافحة الفساد من غرب البلاد، وسيكون رئيس المحكمة العليا من الغرب، مع خضوع الأمر للمنظومة القضائية، وكذلك اتفق المشاركون على أن يكون النائب العام من غرب البلاد.
بادرة خطيرةوتعليقا على ذلك اعتبر المحلل السياسي، رئيس المؤتمر الوطني الليبي الجامع محمد عبدالسلام العباني أن "تقسيم المناصب وفق المناطق يعد بادرة خطيرة وأكبر خطر على ليبيا ووحدتها"، محذرا من أن ذلك قد يدفع إلى طغيان الولاء للمناطق أكثر من الولاء للدولة.
وقال العباني، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إنه كان على الفرقاء المتحاورين أن يكلفوا شخصيات وطنية مركزية لا انتماء لها. وهناك فعلا شخصيات مستقلة وأصحاب خبرة عالية ولا تنتمي إلى أي طرف من أطراف النزاع الحالي. وقد كان من الأفضل تقديم هؤلاء واختيار شخصيات منهم للمناصب القيادية، وفي ذلك فوز لليبيا".
واعتبر العباني أن "التقسيم بالشكل الحالي يعتبر خطوة سيئة جدا لأنه سيدفع إلى تكليف أشخاص مجاملة وربما دون كفاءة، وهذا لا يخدم الدولة إطلاقا ويعيدها إلى المربع الأول"، وفق تعبيره.
رائحة التقسيموفي السياق، ذهب المحلل السياسي الليبي محمد النالوتي إلى اعتبار أن "الاتفاق يُشتمّ منه رائحة التقسيم لأنه لا يقوم على مبدأ الكفاءة ولا الاستقلالية بل على أساس التقسيم الجغرافي الذي يمزق ليبيا سياسيا إلى أقاليم وإلى مراكز ولاءات ستُضعف الدولة المركزية، والحال أن الوضع الراهن يتطلب تكاتف الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية لا تكريس الانقسام".
وأضاف النالوتي، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن "سرعة التوصل إلى تفاهمات حول المناصب السيادية وتغييب فئة من الليبيين في محادثات بوزنيقة والاقتصار على الأطراف التي تمثل المشهد السياسي الحالي كلها عوامل تثير الريبة في أن هناك من دفع في اتجاه هذه الوصفة التي تجعل من ليبيا دولتين متنازعتين لا يلتقي شرقها بغربها، اعتبارا للتنافر الجلي بين مكونات المشهد السياسي الحالي، والذي على أساسه فقط تم الاتفاق على تقاسم المناصب السيادية".
تفاهمات ضروريةوفي المقابل قلل المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي مختار اليزيدي من خطورة تداعيات الاتفاق على الوحدة الوطنية الليبية، معتبرا أن هذه التفاهمات بهذا المنطق ضرورية في هذه المرحلة لإرضاء كل الأطراف وخلق مناخ من الثقة بينها وإنجاح المرحلة الانتقالية بطريقة لا تقصي أحدا ولا ترجح كفة أحد على أحد إلى حين إجراء انتخابات ستكون هي الفيصل".
وأوضح اليزيدي، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أنه "لا خوف على وحدة ليبيا وإن بدت التفاهمات قائمة على التقسيم لأن الطبقة السياسية الحالية موكول إليها إنجاح هذه المرحلة الانتقالية، وإن هي نجحت في ذلك ووصلت إلى مرحلة الانتخابات فسيمثل ذلك انتصارا لليبيا وللحل السلمي السياسي بصرف النظر عن التفاصيل".
وأشار اليزيدي إلى أن "الاتفاق على تقاسم المناصب السيادية على قاعدة المحاصصة الجغرافية هو في كل الحالات أفضل من المضي في الحل العسكري واستمرار حالة الاقتتال بين الليبيين، ولا ننسى أنه إلى وقت قريب قبل أشهر قليلة كان التحشيد العسكري على أشده والجميع يتحدث عن معركة سرت وعن تغيير في موازين القوى وعن حالة حرب قد يطول أمدها، ومن ثمة فإن أي حل يُخمد صوت البنادق وينهي الخيار العسكري سيكون أفضل، رغم علاته ونقائصه".