صندوق النقد الدولي: حل التوترات التجارية أكثر أولويات الأجندة الدولية إلحاحا
تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية تحولا ملحوظا فيما يتعلق بطبيعة توجهات بعض الأحزاب العربية وسعيها نحو تمثيل القطاع العربي الإسرائيلي الذي يفوق تعداد سكانه الـ 20%، من داخل الحكومة وليس من مقاعد المعارضة.
وشكلت التوجهات السياسية للأحزاب العربية طوال السنوات الماضية معضلة حالت دون قدرة هذه الأحزاب على انتزاع حقوق عرب الداخل، وسط حديث لا يتوقف عن غياب المساواة بينهم وبين أقرانهم من اليهود ولا سيما في ظل عدم وجود قواسم سياسية مشتركة يمكن البناء عليها.
وشهدت الأشهر القليلة الماضية بوادر لهذا التحول بشكل واضح حين حدث تقارب بين رئيس الوزراء وزعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو وبين النائب العربي منصور عباس، رئيس حزب "القائمة الموحدة" أحد 4 أحزاب تشكل "القائمة العربية المشتركة"، وسط حديث مفاجئ عن إمكانية دعم هذا الحزب العربي لنتنياهو والتوصية بتشكيله للحكومة المقبلة.
ومهد هذا التقارب لظهور أول حزب عربي إسرائيلي يضع على رأس أولوياته الانضمام للحكومة الإسرائيلية المقبلة، ويؤكد أنه لا يريد أن يدخل في تحالفات مع أحزاب لا تدعم هذا النهج، إذ يعتقد مؤسسه، المحامي محمد دراوشة، أن انتزاع حقوق السكان العرب لا سيما المساواة في الفرص والحقوق، لن يتأتى سوى من خلال تمثيل هذا القطاع داخل الحكومة.
الهدف الحكومة
ووفق صحيفة "ماكور ريشون" العبرية، يجري الحديث عن حزب عربي جديد يحمل اسم "معا" ظهر بالتزامن مع انهيار شعبية "القائمة العربية المشتركة" بزعامة النائب أيمن عودة، طبقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، والحديث عن احتمال تفكك هذه القائمة وخوض حزب "القائمة الموحدة" بزعامة منصور عباس الانتخابات بقائمة مستقلة.
وأكد الموقع أن الحزب الجديد حدد هدفه الأساس وهو الانضمام للحكومة المقبلة، وأن الناخبين العرب استشعروا في السنوات الأخيرة أن صوتهم مؤثر، وسط حالة من الإحباط إزاء وضع "القائمة العربية المشتركة"، واستمرار المشاكل التي يواجهها القطاع العربي الإسرائيلي، مثل: العنف، وعدم توزيع موارد البلاد بشكل عادل، وغياب المساواة، فضلا عن سعي الجيل الجيد للاندماج بالمجتمع، مضيفة أن كل ذلك هو ما تسبب في ظهور المبادرات السياسية الجديدة في هذا القطاع.
وسلط الموقع الضوء على حزب "معا"، ولا سيما تأكيد مؤسسه أنه "سيعترف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي"، كما أنه سيعمل على الاندماج داخل الحكومة الإسرائيلية حتى ولو ترأسها شخصي ينتمي لليمين.
بيت سياسي بديل
كانت وسائل اعلام عربية في إسرائيل أشارت إلى أن دراوشة وحزبه الجديد يطالب بالمساواة في الحقوق بين جميع المواطنين العرب واليهود، إضافة الى اعترافه بقانون مساواة يعتمد على "إعلان الاستقلال"، وأنه جاء ليكون جزءا من الحكومة، مؤكدا عزمه خوض انتخابات الكنيست الـ 24 في آذار/ مارس المقبل.
ونقلت وسائل إعلام عن دراوشة البالغ من العمر (57 عاما) القول: "نريد التأثير من خلال التواجد على طاولة الحكومة، نريد أن نكون بيتا سياسيا بديلا، وأن نصبح قائمة عربية يهودية مشتركة، يمكن أن تكون عاملا مؤثرا في السياسة وفي الكنيست".
ويقول القائمون على هذا الحزب إنه "حركة اجتماعية اقتصادية، مؤلفة من نسيج اجتماعي واسع ومتنوع من مختلف الميادين والطبقات والخلفيات الاجتماعية والمهنية والثقافية، وإنه يستهدف توفير تمثيل لائق للمجتمع العربي بمختلف أطيافه وشرائحه العمرية، وخاصة أن هناك تعطشا لرؤية واضحة في كل ما يخص القضاء على آفة العنف، وكل ما يخص موضوع الاقتصاد، ومستقبل الجيل الجديد والأجيال القادمة".
من سيصوت لـ "معا"؟
ووفق وسائل إعلام، يدير دراوشة مركز المساواة والعيش المشترك في "جفعات حبيباه" وهو عضو في هيئة معهد "شالوم هارتمان"، وناشط اجتماعي سياسي واقتصادي، وأدار مشاريع شراكة يهودية عربية عدة، وأدار حملات تشجيع التصويت في المجتمع العربي، وحملات لدمج الطلاب العرب في الأكاديميا.
وأكدت المصادر الاعلامية أن الحزب الجديد نجح في جذب العديد من الشخصيات العامة من عرب إسرائيل، ومن ضمنها شخصيات أكاديمية، متوقعة أن ينجح الحزب في ضم المزيد من الأعضاء خلال الأسابيع المقبلة سواء من اليهود أو العرب.
صحيفة "ماكور ريشون" العبرية ذكرت، الإثنين، أن مؤسس الحزب يدير حاليا مفاوضات مع العديد من الشخصيات، مؤكدة أن من بين هذه الشخصيات أسماء يهودية، مضيفة أنه يعول على من يمتلكون حق التصويت من العرب الذي ينشدون التغيير الحقيقي.
ونقلت الصحيفة عن مؤسس حزب "معا" القول: "أجرينا استطلاعا داخليا وتيقنا أن 21% ممن يمتلكون حق التصويت من الناخبين العرب يرغبون في التغيير ويعتزمون منحنا أصواتهم"، مضيفا: "أؤمن أن هذه المعطيات ستتزايد كلما اقترب موعد الانتخابات".
وحسب الصحيفة، من غير المعروف ما إذا كان هذا الحزب الجديد سينجح في عبور نسبة الغلق التي تمنحه مقعدا بالكنيست المقبل، لكن مجرد الإعلان عن خوض الانتخابات المقبلة فإنه يدل على دفعة كبيرة وحالة من الزخم المتزايد في المجتمع العربي الإسرائيلي ورغبة في علاج أزماته وإحداث التغيير.