وسائل إعلام: الحكومة الأمنية الإسرائيلية تجتمع غدا لبحث التصعيد على جبهة لبنان

logo
أخبار

تقرير فرنسي: الاعتقالات التعسفية تعمّق الهوة بين الشباب والدولة في تونس

تقرير فرنسي: الاعتقالات التعسفية تعمّق الهوة بين الشباب والدولة في تونس
16 مارس 2021، 12:18 م

سلّط تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، اليوم الثلاثاء، الضوء على الاعتقالات التي طالت مئات من الشباب التونسيين خلال تحركاتهم في الشارع الأشهر الأخيرة، حيث تدعو العديد من منظمات حقوق الإنسان، الحكومة إلى اتخاذ موقف تجاه هذه الاعتقالات التي تعتبر تعسفية.

ومن الحالات التي أثارت الرأي العام في تونس، رانيا العمدوني الناشطة في مجال الحريات الجنسية، 26 عاما، التي حُكم عليها في 4 مارس / آذار بالسجن ستة أشهر بتهمة "إهانة موظف عمومي" لتوجيهها الشتائم في مركز للشرطة حيث كانت تحاول تقديم شكوى.

ويشير التقرير، إلى أنّ هذه الشابة "كانت هدفًا لحملة تشهير عبر الإنترنت يغذيها أشخاص ينتحلون صفة ضباط شرطة، وتمت مشاركة صورتها عدة مرات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب تفاصيل شخصية أخرى مثل عنوانها.

وبينما كان من المقرر عقد محاكمتها الاستئنافية في 17 مارس / آذار في تونس العاصمة، تظاهر عدة مئات في 6 مارس / آذار، في العاصمة للمطالبة بالإفراج عنها.





ويقول التقرير: إنه "على الرغم من إصلاحات النظام الأمني منذ ثورة 2011 إلا أنه لا يزال يتعرض لانتقادات شديدة وبالتالي فإن اللجوء إلى مواد من قانون العقوبات مثل تلك المتعلقة بـ "إهانة موظف عمومي" أو "الإخلال بالنظام العام والأخلاق الحميدة" يظل متكررًا.

وقد كانت هذه الصعوبة في تغيير طريقة إدارة التوترات الاجتماعية واضحة بشكل خاص خلال مظاهرات يناير / كانون الثاني الماضي".

ونزل آلاف الشباب من أحياء الطبقة العاملة إلى الشوارع؛ للتعبير عن سأمهم من البطالة وتدهور مستوى معيشتهم، وأعقبت هذه الاحتجاجات العفوية مسيرات دعم نظمتها أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني رفعت شعارات مناهضة للحكومة كل أسبوع ولمدة شهر تقريبًا.

وبحسب جمعيات تدافع عن حقوق الإنسان في تونس، فقد تم اعتقال ما يقرب من ألفي شخص منذ هذه الأحداث، وهي تقديرات تختلف عن تقديرات السلطات، وبحسب الأرقام التي نقلتها المديرية العامة للسجون للموقع الإخباري الاستقصائي التونسي "إنكيفادا" فقد تم اعتقال 968 شخصًا بينهم 141 قاصرًا بين 14 يناير و17 فبراير.

ومنذ ذلك الحين تم الإفراج عن 617 بعد محاكمات لنحو 40 منهم، ومن جهتها لم تنشر وزارة الداخلية أي بيانات جديدة منذ الاحتجاجات الأولى، وتحدثت عن ما يقرب من 630 حالة اعتقال.





وقالت ألفة لملوم، مديرة المكتب التونسي لمنظمة "إنترناشيونال أليرت" غير الحكومية التي تعمل على قضايا الشباب والتهميش: إن "صعوبة الوصول إلى المعلومات الدقيقة تشهد على عدم مساءلة قطاع الأمن في تونس بعد عشر سنوات من الثورة".

وتؤكد اعتقالات الشباب في الأحياء ومن ثم النشطاء الذين ساندوهم مرة أخرى، أن التعاطي الأمني يظل رد الفعل الرئيسي للسلطة على الغضب الاجتماعي" وفق تعبيرها.

وبحسب استطلاعات أجرتها المنظمة غير الحكومية لمدة سبع سنوات، وفي واحد من أحدثها جرى العام 2019، قال 17 % من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا في حي للطبقة العاملة في تونس الكبرى: إنهم تعرضوا بالفعل للاعتقال أو السجن مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

ويتابع التقرير مستحضرا حالة أحد الشباب: "لن ينسى فاروق المداهمة الشديدة التي شنتها الشرطة في 17 يناير / كانون الثاني، على منزله في القصرين وسط الغاز المسيل للدموع في منتصف الليل بحضور والده المذعور.

وينفي الشاب البالغ من العمر 32 عامًا مشاركته في المظاهرات التي أدت بعد ذلك إلى إثارة الأحياء الفقيرة في هذه المدينة الواقعة في وسط غرب تونس ومدن أخرى في البلاد، كما يدعي أنه تعرض للضرب عدة مرات على أيدي بعض ضباط الشرطة".

واحتُجز فاروق مع اثنين من رفاقه يشهد أحدهما تعرضه للعنف الوحشي وتجريده من ملابسه أمام عينيه، ثم ينتظر ثلاثة أيام قبل أن يمثل أمام قاضٍ ويعلم سبب اعتقاله: "التحريض على العنف".

ويعلق على ذلك: "لقد كنت ناشطًا في مجموعات على "فيسبوك" منذ الثورة لذا فهم يعرفونني لكن حسابي مُعلّق منذ كانون الأول / ديسمبر 2020 لذا لا أرى ما كان بإمكاني كتابته ويمكن اعتباره محرضا على العنف".





ويستدعى فاروق في ذكرى الثورة سنويا، بسبب تدويناته على "فيسبوك" التي تنتقد انتهاكات قوات الأمن، لكن الأمر ينتهي بمكالمة هاتفية واستدعاء واستجواب.

ويعلق فاروق: "لم يكن مثل هذا العام أبدًا: غارة على منزلي في منتصف الليل وحين سألت أحد رجال الشرطة "لماذا تفعل هذا؟" أجابني أنه ليس عليّ سوى الذهاب والشكوى على مواقع التواصل الاجتماعي".

وتؤكد ألفة لملوم، أن "تجارب السجون التعسفية حتى القصيرة منها تحطم هؤلاء الشباب، وتزيد من فقدانهم للثقة في بلدهم".

ويتابع التقرير: "أحد زملاء فاروق، مهدي برهومي، قُبض عليه في منزل صديق مع ناشطين آخرين بعد أن شارك لتوه في مظاهرة وهو مقيد اليدين، ونُقل إلى مركز احتجاز دون إبداء أي سبب، وقد أطلق سراحه منذ ذلك الحين ولكن من المقرر أن يمثل أمام قاضٍ قريبًا".

ويأتي هذا التشديد الأمني في سياق سياسي متوتر: رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الداخلية المؤقت في صراع مفتوح مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبحسب خنساء بن ترجم، الباحثة في جامعة لوزان (سويسرا) المتخصصة في الأجهزة الأمنية في تونس، فإنّ المشيشي لا تدعمه سوى حفنة من الأحزاب في البرلمان، لذلك يجب أن يضمن ولاء قوات الأمن".





ويؤكد التقرير، أنّ "ظهور النقابات الأمنية، التي لم تكن موجودة قبل الثورة، أدّى إلى تعقيد الوضع وتعزيز الإفلات من العقاب، اليوم تحت شعار "الأمن الجمهوري" تريد النقابات أن تحرر نفسها من وصاية وزارة الداخلية، وتشكل نفسها تقريبا كقوة سياسية مستقلة كما تحلل الباحثة.

وتضيف: "إنهم لا يدافعون عن الحقوق الاجتماعية للشرطة فحسب، بل يضغطون أيضًا لتمرير بعض القوانين القمعية، أو الاحتجاج في المحكمة عند محاكمة زملائهم".

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC