حماس: مصلحتنا كانت في استمرار الاتفاق وسنظل نتعامل بمرونة وإيجابية مع الوسطاء
في ذروة الأزمة الدبلوماسية بين المملكة المغربية وإسبانيا، غادرت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا منصبها إثر تعديل حكومي جزئي، أعلن عنه أمس السبت في إسبانيا.
وربطت وسائل إعلام مغربية الإطاحة بالوزيرة بما اعتبرته "سوء إدارتها" للأزمة الدبلوماسية مع الرباط، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تفتح الباب لانفراج مرتقب في العلاقات بين البلدين الجارين.
وتشُوب حالة من التوتر العلاقات المغربية الإسبانية على خلفية استقبال مدريد قبل أشهر زعيم جبهة "البوليساريو" المطالب باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، إبراهيم غالي، من أجل تلقي العلاج.
وتفاقمت الأزمة بين الرباط ومدريد منتصف شهر مايو حين تدفق آلاف المهاجرين -معظمهم مغاربة- على مدينة سبتة المحتلة الخاضعة للإدارة الإسبانية؛ ما فسِّر في مدريد بأنه رد على استقبال زعيم البوليساريو.
خطوة غير كافية؟
ورأى أمين صوصي علوي، الباحث المغربي في مجال الإعلام وصناعة الرأي العام، أن إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية غونزاليس لايا في هذا التوقيت له دلالات كثيرة. مشددا على أن هذه الخطوة "لن تحل الأزمة القائمة بين الرباط ومدريد بشكل نهائي إلا إذا كانت مرفقة بتغيير الموقف الإسباني الرسمي إزاء قضية الصحراء".
وأضاف علوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن بلاده "لم تعد تقبل برمادية المواقف حول قضيتها الأولى"، مبينا أن المملكة "استطاعت خلال السنوات الماضية تغيير مواقف عدد من الدول".
وقال علوي "إذا أرادت مدريد أن تذيب جليد الخلافات مع الرباط، فيجب عليها أن تقوم بخطوات سياسية عملية، في مقدمتها قطع العلاقات مع جبهة البوليساريو، وإعطاء ضمانات للرباط -ولو بشكل غير معلن- لتفادي تكرار هذا السيناريو المشحون".
واعتبر الباحث المغربي أن الجارة الشمالية إسبانيا "هي المتضررة بشكل أكبر من أي تدهور لعلاقاتها مع المغرب، خصوصا في الشق الاقتصادي، والأمني، وقضية الهجرة".
وقال صوصي علوي، إن أي تأخير في حل الأزمة المغربية الإسبانية "سينعكس بشكل سلبي على الجارة الشمالية"، بحكم أن المغرب يشكل عنصرا مهما في التعاون على أكثر من صعيد.
ورأى أن دعم البرلمان الأفريقي للمغرب خلال هذه الأزمة "أظهر بأن المملكة ليست وحيدة في هذا المعترك، بل مسنودة بقوة"، داعيا إسبانيا إلى الخروج من "عقدة الاستعمار".
بوادر انفراجة
من جهته، قال المحلل السياسي المغربي عبدالفتاح الحيداوي، إن إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية "قد تذيب جليد الخلافات بين الرباط ومدريد، خصوصا وأن سفيرة المغرب بإسبانيا كريمة بنيعيش، كانت تعتبر منذ البداية أن الوزيرة لايا هي السبب في هذه الأزمة".
وأضاف الحيداوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، نستطيع القول إن هذا الحل السياسي الإسباني يؤشر على تغير إستراتيجي في العلاقات ولكن قد يكون بشروط.. الواضح أن إسبانيا تضررت كثيرا، وفهمت الآن أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، كما كانت توضح بلاغات وزارة الخارجية المغربية.. الوزيرة المقالة ربما لم تقس جيدا عواقب تصرفها وخطابها تجاه المغرب".
وفي هذا الصدد، اعتبر المحلل السياسي المغربي أن سماح وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة بدخول زعيم جبهة "البوليساريو" إلى التراب الإسباني لأجل العلاج، وضع مصداقية إسبانيا على المحك.
وشدد المتحدث على أن الرهان المطروح في الوقت الحالي هو إعادة بناء الثقة بين الرباط ومدريد لتخطي هذه الأزمة، على اعتبار أن المغرب وإسبانيا يحتاجان إلى بعضهما بسبب التحديات المطروحة في المجال الاقتصادي والأمني.
وكان الحزب الشعبي الإسباني (معارض)، طالب قبل أسابيع بالرحيل الفوري للوزيرة غونزاليس لايا بسبب ما وصفه بالإدارة "الكارثية" للأزمة مع المغرب.
بدوره، قال عمر الشرقاوي، المحلل السياسي المغربي وأستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بمدينة المحمدية، إن وزيرة الخارجية الإسبانية غادرت السلطة التنفيذية من "النافذة".
وأضاف الشرقاوي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك "إعفاء وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا التي سمّمت بتصريحاتها العلاقات بين الرباط ومدريد في إطار التعديل الحكومي، ربما تكون بداية حل الأزمة بين المغرب وإسبانيا".
وتولى خوسيه مانويل ألباريس منصب وزير الخارجية خلفا لأرانشا غونزاليس لايا.
وأفادت تقارير إعلامية إسبانية، بأن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز "يعول كثيرا على خبرة الوزير الجديد لتحسين أداء الدبلوماسية الإسبانية".
ووفق المصادر ذاتها، فإن الأزمة الدبلوماسية مع المغرب هي "من أهم التحديات العالقة والتي ستكون بانتظاره في مقر الوزارة، بالإضافة إلى حل مشاكل الهجرة والإرهاب، وقضية خنق المغرب لاقتصاد مدينتي سبتة ومليلية".