عاجل

آيكوم اليابانية: نحقق بتقارير عن انفجار أجهزة لاسلكية تحمل شعار الشركة في لبنان

logo
أخبار

إخفاقات وأزمات مركبة.. مصير السلطة الفلسطينية بين غضب الداخل والتجاهل الإسرائيلي

إخفاقات وأزمات مركبة.. مصير السلطة الفلسطينية بين غضب الداخل والتجاهل الإسرائيلي
18 يوليو 2021، 3:27 ص

في 24 حزيران/يونيو الماضي أُعلن عن وفاة الناشط الفلسطيني المعارض للسلطة الفلسطينية نزار بنات، أثناء اعتقاله على يد قوة أمنية، وذلك نتيجة للتعذيب الذي تعرض له أثناء الاعتقال.

وبعد ذلك بيومين، خرج الفلسطينيون في مدينة رام الله وأنحاء متفرقة من الضفة الغربية، منددين بحادثة مقتل بنات ومطالبين الحكومة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالتحقيق ومحاسبة الأجهزة الأمنية المتهمة باعتقال وتعذيب بنات.

الاحتجاجات استمرت، وبدأت الأصوات تتعالى في الضفة الغربية التي تنتقد السلطة وسياساتها، وهو ما شجّع عائلة بنات على الإعلان أنها ستلجأ إلى محاسبة عناصر الأجهزة الأمنية الذين اقتحموا المنزل الذي وجد فيه ابنهم نزار بنات وقاموا باعتقاله وتعذيبه حتى الموت ،في حال لم تقدمهم السلطة للمحاكمة.

بدت السلطة الفلسطينية في مرحلة ارتباك، وبادرت إلى قمع المحتجين في دوار المنارة وسط مدينة رام الله، وبدأ قادة السلطة وأعضاء من اللجنة المركزية لحركة فتح بتوجيه اتهامات للمحتجين بالتآمر على السلطة والعمل لصالح أجندات خارجية، الأمر الذي أثار كثيرا من التساؤلات والتوقعات حول ماهية السلطة ومستقبل استمرارها.





وجود السلطة الفلسطينية

وحول طبيعة وجود السلطة وردود فعلها، قال المحلل السياسي فراس ياغي إن "السلطة الفلسطينية وُجِدت، وفقا لاتفاق (إعلان المبادئ)، الذي يحتوي على بنود تجعل من السلطة الفلسطينية أداة وفق مهمات محددة، تخدم هدفا محددا مرتبطا بمفهوم أمني واضح واسمه محاربة (الإرهاب)، مع توسع هذا المصطلح ليشمل المحيط وليس فقط الداخل الفلسطيني، لذلك هناك وظيفه أمنية للسلطة الفلسطينية ومن دونها لن يكون لها وجود".

وأضاف ياغي في تصريح لـ "إرم نيوز": "نلاحظ أن حصار المقاطعة والتخلص من رمز الوطنية الفلسطينية جاء بعد أن حاول الشهيد أبو عمار تغيير وظائف السلطة وتحويلها لمفهوم محارب أو مقاتل أو مقاوم، خاصة في الضفة الغربية والقدس، لأن قطاع غزة كان يُنظر له وفق مفهوم آخر لمحاصرته وتحويله لسجن كبير كما حدث ويحدث الآن".

واعتبر أنه "عندما يتحدث بعض الفلسطينيين عن ضرورة تغيير مهمات السلطة لتتحول لسلطة خدمية وشرطية بعيدا عن وظيفتها الأمنية التي هي سبب بقائها، يتجاهلون الحقيقة الموضوعية وهي أن بقاء السلطة كجهاز إداري وخدمي شامل مرتبط بالواقع الاحتلالي، وبالتالي من المستحيل أن يُبقي الاحتلال على سلطة في حضنه لا تخدم أمنه بالأساس".

ورأى أن "المتطلبات الدولية والإقليمية تستدعي الحفاظ على السلطة الفلسطينية كسلطة وظيفية لا سيادية، تنفذ أجندة تخدم طبيعة السياسة الأمريكية في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السلطة الفلسطينية وبالذات في الضفة هي جزء من الأمن الداخلي الإسرائيلي وسياسته الداخلية".

وحول ما إذا كان لحادث مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات تأثيرات وتبعات على السلطة الفلسطينية علق ياغي "نعم، هناك تبعات كبيرة على السلطة الفلسطينية بعد قتله بوحشية وفق مفهوم العصابة لا مفهوم السلطة، التي تعتبر أنها جهة معترف بها دوليا، وبالتالي يجب أن تلتزم بالقوانين الدولية والقوانين الفلسطينية التي تقوم على مفهوم الحريات وحقوق الإنسان وكرامته".

وقال ياغي: "هناك تراكمات حدثت، أولها الفساد واستمرار الانقسام وفشل مشروع السلام والتعدي على حقوق الإنسان والسيطرة على السلطات الثلاث، والابتعاد عن الديمقراطية وتأجيل الانتخابات والمناكفات الإقليمية، وأخيرا قتل الناشط نزار بنات".

ولفت إلى أن "كل ذلك أوجد فجوة كبيرة بين الشعب وقيادة السلطة وأدى إلى اغتراب حقيقي في واقع فلسطيني مجزأ بين الضفة والقدس وغزة، وسلطة لا سيادة لها أمام الاحتلال على شيء، لذلك هناك وضع ميداني معارض للسلطة بل لا يأبه بها وحاقد عليها، وكان يرى أن الانتخابات وصناديق الاقتراع هي السبيل للتغيير السلمي"، معتبرا أن "تأجيل الانتخابات زاد من الاحتقان الداخلي الميداني، وهذا بالتأكيد سيحدث نظرة دولية وإقليمية جديدة، ويبدو أن ذلك بدأ يظهر من الحديث عن (غرق السلطة) بسبب الأوضاع المالية السيئة نتيجة عدم التزام الدول المانحة وبالذات الأوروبية في تقديم المساعدات الموعودة".

وأشار إلى أن "مقتل بنات ليس الشرارة وحسب، بل سيكون السبب في استمرار سياسة الضغط المباشر وغير المباشر، لإحداث تغيير داخلي قادم لا محالة، لكن السؤال المهم هو هل هذا التغيير القادم ضمن مشروع سياسي جديد وقيادات جديدة؟ أم تغيير يهدف لإدارة الصراع لا أكثر وهذه المرة دون انقسام وبحيث تصبح غزة هي مركز الكيانية الفلسطينية الجديدة؟".





فتح والسلطة الفلسطينية

أما فيما يتعلق بعلاقة السلطة بحركة فتح، وإن كانت هذه العلاقة تخدم السلطة وحركة فتح أم أن لها سلبيات، فقال ياغي إن "مشروع السلطة الناتج عن اتفاق أوسلو هو بالأساس مشروع فتح حتى لو كان هناك تصديق عليه من منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي ومنذ البدايات نظرت فتح للسلطة وكأنها لها وجزء منها، ولكن للأسف نسيت فتح أنها تنظيم وطني تحرري يقود مشروعا وطنيا فلسطينيا، والسلطة ليست سوى مرحلة ناتجه عن اتفاق منقوص لا يعطي أي سيادة على أي شيء، وأنها كانت فقط لخمس سنوات وأصبحت لاحقا بعد استشهاد زعيم فتح والوطنية الفلسطينية القائد أبو عمار، سلطة دائمة لها وظيفة أمنية فقط".

وأوضح أنه "لتحقيق ذلك بدأت سياسة تذويب فتح في السلطة وتحويلها لتابع لا تأثير له على سياسات السلطة، وأصبحت كل ممارسات السلطة السيئة وفسادها ترتبط بشكل مباشر بفتح بسبب التماهي بين الاثنتين، من حيث طبيعة الوظائف، خاصة الأمنية منها، إضافة لتسلق العديد من الفاسدين على أكتاف فتح وتسلم مهمات وظيفية عليا في السلطة، ما زاد من السلبيات التي تحملت أعباءها حركة فتح".

كما رأى ياغي أنه "في زمن الرئيس الشهيد أبو عمار، استطاع بشكل براغماتي أن يعمل وفقا لطبيعة السياسة القائمة، حيث يستدعي فتح لمواجهة الاحتلال وتكون السلطة وأجهزتها الأمنية رديفا لذلك، أو يستدعي السلطة لتنفيذ سياسة ما ويبعد فتح عنها وتحت عنوان سياسي محدد".

وأضاف: "لقد استطاع (عرفات) أن يجعل لكلٍ دوره في النضال ضد الاحتلال ولفرض أجندة التحرر والاستقلال، وعندما اكتشف الخديعة الدولية وأن لا دولة حتى على حدود الرابع من حزيران، رفع شعار (على القدس رايحين شهداء بالملايين)، وهو شعار تبنته فتح أولا وأصبح للكل الفلسطيني لاحقا" .

وتابع ياغي: "بعد اغتيال أبو عمار، بدأت عملية إنهاء حركة فتح وبالتدريج، فتم تسليم غزة لحماس وبالتالي الحد من التأثير الفتحاوي الغزاوي على حركة فتح والسلطة، ولاحقا وبعد الخلاف بين الرئيس عباس وعضو اللجنة المركزية محمد دحلان، ومن ثم فصله وفصل كل الذين وقفوا معه، حيث انتهى أي تأثير لفتح قطاع غزة على القرار الفتحاوي، وهذا يعني الكثير، خاصة أن الثورة الفلسطينية وفتح بالأساس عنوانها فلسطيني غزاوي ثائر".

وزاد: "لاحقا تمت السيطرة على فتح وتحويل كادرها لموظفين في السلطة، وأصبحت فتح للأسف تتحمل وزر كل الفساد والممارسات السيئة في السلطة الفلسطينية، وهذه التجربة أدت لوجود أصوات تطالب بفصل فتح عن السلطة، وبما يؤدي لوجود قيادات عدة للسلطة والمنظمة وفتح وليس قائدا واحدا للمكونات الثلاث أعلاه".





وأكد ياغي أن "فتح تضررت من السلطة ليس فقط إداريا وفكريا وأخلاقيا، بل وطنيا أيضا، لأن التنسيق الأمني الذي تقوم به السلطة وفقا لوظيفتها عكس نفسه بقوة على حركة فتح، والسلبيات التي عكستها السلطة على فتح شاملة وكبيرة، وأي إيجابيات حدثت في بدايات تكوين السلطة غطت عليها آخر خمسة عشر عاما من عمر السلطة".

المال مقابل التعاون الأمني

وفي سياق متصل، قال الناطق باسم التيار الإصلاحي داخل حركة فتح عماد محسن إن "إسرائيل أجهزت على المسار السياسي التفاوضي بالكامل، ونفذت ما يناسب مصالحها من برتوكول باريس، وأبقت على منظومة التنسيق الأمني، ضمن نظرية الوظيفة والمقابل (المقاصة مقابل التعاون الأمني)".

وأضاف محسن في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "السلطة تحولت إلى جهاز بيروقراطي يقاد من مجموعة أفراد ارتبطت مصالحهم وامتيازاتهم الشخصية بالكامل مع دولة الاحتلال، ولم تعد قادرة على مواجهة تحديات الواقع".

ورأى أن السلطة "لا تملك قرار المواجهة (كما في عهد أبو عمار)، ولا تملك رصيداً شرعياً خاصة بعد أن عطلت الانتخابات، وليس لديها هامش سياسي في ظل توقف المفاوضات، ولا أقامت منظومة حكمٍ رشيد، فالفساد ينخر جسدها، ولا غلّبت مبدأ الفصل بين السلطات فقد حلّت التشريعي وسيّست القضاء وجعلت جهاز الأمن قوة بطش، وجمدت قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وعطلت المصالحة الوطنية، وعاقبت أهل غزة، وبالتالي انسد الأفق أمام إمكانية استمرارها وفق هذا المنهج على كل المستويات".

وحول تأثيرات جريمة قتل نزار بنات، أشار محسن إلى أن" الجريمة تمت بفعل فاعل، تهديد بالقتل بعد اعتقالات متكررة، ثم قرار من جهة تملك إصداره وجهة خططت، وفريق نفذ، وهي جريمة مكتملة بركنيها المادي والمعنوي، ولا يختلف اثنان على هذا" .

واعتبر محسن أن "التفاعل الشعبي مع قضية نزار بنات والتعاطف الدولي مع هذا الحدث المؤلم والتعامل الهمجي مع المتظاهرين من قبل أجهزة السلطة، قلبت الطاولة على رأس منفذي الجريمة، وأنه إذا تواصل التفاعل الجماهيري مع القضية، وتجرأت القوى المدنية على هراوة الأمن وبطشه، فسيكون لهذه الجريمة ما بعدها، وستطال حتماً الجهة التي أزعجها نزار بنات بمواقفه وأقواله".

وتابع: "السلطة الفلسطينية كانت منجزا وطنيا، وكانت فتح الحاضنة الشعبية لهذه السلطة، ونواتها، وكادرها الوظيفي، ودفعت فتح ثمن كل إخفاق في أداء السلطة على مدى سنوات (انتخابات البلديات 2005، وانتخابات التشريعي 2006)، ولكن، فكرة دفاع فتح عن السلطة وتبني أفعالها ودعم بطشها بالجماهير ستكلفها كثيراً".





ثورة فتحاوية على فساد السلطة

ورأى محسن أن "الأهم هو أن تبادر فتح إلى إعلان ثورة على الفساد والفاسدين، وتنتفض في وجه من يريدها حركة مطواعة ومقلصة، وتهب لحماية الجمهور من البطش، وتطالب بقوة بإعادة بناء العقيدة الأمنية لضباط السلطة، وتصطف بجوار المطالبين بسرعة تنظيم الانتخابات العامة، وتعلن بشكل واضح أنها غير مسؤولة عن إخفاقات السلطة، وأنها ليست جاهزة لدفع أثمان عن جرائم فردية يرتكبها انتهازيون لتحقيق مصالحهم على حساب فتح وإرثها النضالي".

وأوضح أن "فتح ليست حزباً حاكماً وإنما حركة تحرر وطني، وهي (قبيلة الشعب الفلسطيني)، وهي التي ضحت من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل الإقرار بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا، ولذلك فهي مدعوة اليوم إلى إعادة بناء منظمة التحرير كبيت جامع يضم كل أطياف شعبنا وقواه الوطنية" .

يشار إلى أن بعض المراقبين والمحللين يعتقدون أن السلطة تمر بظروف صعبة نتيجة ارتفاع حدة الانتقادات، وأن الرئيس الفلسطيني وفريقه الحاكم يتصرفون بحالة من الارتباك، خاصة بعد انتقاد الاتحاد الأوروبي والخارجية الأمريكية قمع السلطة للحريات وإدانة مقتل نزار بنات، وهو ما دفع اللجنة المركزية لحركة فتح في الضفة الغربية للدعوة لاستنفار قواعدها لمواجهة ما أسموه بالمؤامرة.

وعبّر الرجل الثاني في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، محمود العالول عن هذه الحالة بأن وجه تحذيرا لمن يستفز حركة فتح، وقال إن "حركة فتح إذا استفزت فإنها لن ترحم أحدا"، في إشارة للمحتجين الذين تتهمهم الحركة والسلطة بالتآمر على السلطة وفتح.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC