أطباء ترامب يقولون إن الرئيس في صحة "ممتازة" بعد فحوص طبية (البيت الأبيض)
عزا تقرير نشره موقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي، أسباب الاضطرابات الجارية في السودان، إلى عاملين رئيسيين هما "لعنة الموارد وغياب التنمية"، منوها إلى أن "المشكلتين المذكورتين امتدتا على مدار سنوات ودون حل، رغم تعاقب الحكومات والثورات والانقلابات في الدولة الأفريقية".
والإثنين، أعلن الفريق أول عبدالفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، وتم اعتقال العديد من الوزراء على رأسهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك؛ ما أثار احتجاجات شعبية واسعة.
وقال التقرير إن "ثمة أوجه قصور في قرارات البرهان التي جاءت بعد أزمة وتوتر بدأ قبل أسابيع بين المكونين العسكري والمدني في المجلس السيادي الانتقالي، فإلى جانب البحث عن مسارات سياسية للأزمة السودانية، تحتاج السلطات السودانية الحالية إلى معالجة أوجه القصور الاقتصادي العميقة الجذور".
وأضاف أن "السودان الذي يقع في شمال شرق أفريقيا، ويشترك في حدوده مع مصر وليبيا وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، ينعم باحتياطيات ضخمة من النفط والموارد البحرية، ويلتقي نهر النيل الأزرق والأبيض في الخرطوم ليشكل نهر النيل الذي يتدفق شمالا عبر مصر إلى البحر الأبيض المتوسط، في حين أن السودان محاط من قبل هذه الدول السبع المذكورة أعلاه، فإنه لديه بحر ضخم يقع شمال شرق البلاد ويمكن تسخيره لمزيد من التنمية الاقتصادية، وكان يمكن استخدام هذه الموارد الهائلة للانخراط في مشاريع تنويع اقتصادي، بالتالي خلق فرص عمل للشباب".
والسودان هو ثالث أكبر دولة في أفريقيا، وثالث أكبر دولة في العالم العربي من حيث المساحة قبل انفصال جنوب السودان في عام 2011، ويظل الإنتاج الزراعي أهم قطاع في السودان، حيث يعمل به 80% من القوى العاملة، لكن معظم المزارع لا تزال تعتمد على مياه الأمطار وعرضة للجفاف، ويضمن عدم الاستقرار والظروف المناخية غير المواتية، وضعف الأسعار الزراعية العالمية، بقاء الكثير من السكان عند خط الفقر أو تحت خط الفقر لسنوات.
نقص التنمية
وأوضح التقرير أنه "على مر السنين، لم يتم بناء السدود للاستفادة من الموارد المائية ودعم الاقتصاد. حيث إن الغرض الرئيسي من السد هو توليد الكهرباء. وكان يمكن من خلال ذلك أن يمتلك السودان أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية المعاصرة في أفريقيا، فيما خلت سنوات حكم الرئيس السابق عمر البشير التي امتدت لنحو 30 عاما من تحقيق أي تنمية رئيسية، وبعد رحيله افتتح السودان فصلا سياسيا جديدا مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الاقتصادي البالغ من العمر 62 عاما الذي عمل سابقا في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا".
وأضاف: "كان من المتوقع أن تنعكس خبرة حمدوك العملية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا على أداء الحكومة، وبالتالي يكون لها تأثير إيجابي على مستوى التنمية المستدامة التي تربط الحياة اليومية للسكان. وعمليا، كانت حكومة حمدوك بحاجة للدعم الأجنبي، وكانت إحدى الطرق المضمونة هي الوصول لمؤتمر المانحين الذي عقد في برلين، وكان الهدف الرئيسي من مؤتمر المانحين يتمثل في توفير شريان الحياة لعملية الانتقال الجارية. ورغم أن زيادة المساعدة السياسية والمالية الدولية تظل ذات أهمية قصوى، لكنها تظل فقط بمثابة خطوة تقدمية بالنسبة للسودان".
ونوه التقرير إلى أن "الهدف من المؤتمر كان أيضا جمع أموال كافية لبدء برامج الحماية الاجتماعية من قبل البنك الدولي والحكومة السودانية التي يمكن أن تساعد الأسر السودانية المحتاجة، وتخفيف ديون الدولة الأفريقية، حيث تعهدت حوالي 50 دولة ومنظمة دولية بتقديم أكثر من 1.8 مليار دولار، بينما قدمت مجموعة البنك الدولي منحة قدرها 400 مليون دولار".
وأكد حمدوك أن المؤتمر "أساس متين لنا للمضي قدما على الأقل في السنوات اللاحقة. لكن السودان الذي سعى لإصلاح مكانته الدولية كان لا يزال يواجه تحديات اقتصادية هائلة، وكان نموه لا يزال يرتفع من مستوى منخفض للغاية لنصيب الفرد من الناتج".
منع الاضطرابات
ووفقا لمستشار معهد الدراسات الأمنية الذي يتخذ من بريتوريا في جنوب أفريقيا مقرا، بيتر فابريسيوس، فإن "أفريقيا شهدت أربعة انقلابات في أقل من 13 شهرا، منذ 18 أغسطس / آب 2020، وحدث اثنان في مالي أغسطس/ آب 2020 ومايو / أيار 2021، وآخر في تشاد مايو / أيار 2021، وفي غينيا الشهر الماضي".
وقال فابريسيوس إن "ما قد يساعد في منع ذلك، هو استجابات أفضل من الاتحاد الأفريقي والهيئات الإقليمية والشركاء الدوليين للانقلابات وغيرها من أشكال التغيير غير الدستوري للحكومة".
وجاء في تقرير "مودرن دبلوماسي"، أنه "ربما تكون الأسباب الجذرية للانقلابات عميقة جدا داخل البلد، بحيث لا يمكن لأي فاعل خارجي أن يؤثر كثيرا"، مستشهدا بالاضطرابات السياسية والعسكرية الجارية في السودان، مؤكدا ارتباطها بكل من الاقتصاد والسياسة.
وخلص التقرير إلى أن "السودان الغني بالموارد الطبيعية حيث يمتلك احتياطيات نفطية، لا يزال يواجه مشاكل اقتصادية هائلة.. والأسوأ من ذلك هو أن ممارسات الإنتاج بما في ذلك الزراعة بدائية. فلم تكن هناك جهود على مدار الحكومات المتتالية على الأقل، لتحديث الزراعة لتناسب النمو السكاني، حتى في ظل حكومة حمدوك".