في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية حزب "العدالة والتنمية" المغربي بشكل غير مسبوق، وتحوله إلى كيان سياسي غير مؤثر، اختار الأمين العام للحزب عبدالإله بنكيران الظهور بجبة الواعظ الديني، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على المنصات الاجتماعية.
وبدأ قائد "إخوان" المغرب، قبل أيام، ببث سلسلة من حلقات الوعظ الديني تحت اسم "آية استوقفتني" على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وأكد بنكيران في مستهل حلقته الأولى أن برنامجه الديني لا علاقة له بما كان ينشره سابقا من تفاعل مع الأحداث السياسية.
وشدد بنكيران، الذي تولى رئاسة الحكومة المغربية في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2016، على أنه "توجد أمور تستوقفني ولها معان كبيرة وتجيب عن إشكالات تعترض حياتي سأنشرها لعلها تفيد الناس"، وفق تعبيره.
وزاد: "سأتفاعل مع كتاب الله وسنة رسول الله، وبعض ما تركه لنا السلف الصالح في كتبهم وآثارهم الحسنة".
وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من رفض بنكيران تجديد الشراكة بين حزبه و"حركة التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للعدالة والتنمية.
ويرى مراقبون أن بنكيران يحاول من وراء هذا الظهور استعادة بريقه، واستمالة مشاعر المغاربة من بوابة الدين، بعدما فشل في إرجاع وهج الحزب سياسياً.
وكانت أصوات عديدة تتطلع إلى أن يعيد بنكيران بريق حزب "المصباح" من جديد، غير أن الرجل المثير للجدل يقف عاجزا عن تحقيق ذلك.
ومنذ رجوع بنكيران إلى رئاسة الأمانة العامة، غابت مواقف الحزب الإسلامي إزاء العديد من القضايا الراهنة في المملكة، كما لم يعد صوت "العدالة والتنمية" داخل قبة البرلمان مؤثرا كما في السابق.
وقال معلق عبر "فيسبوك" يدعى الخطيب محسن، مخاطبا بنكيران: "تخليت عن مصلحة شعب واتبعت أهواء المخزن (السلطة) فأصبحت كالغريق".
وأضاف: "لا مرجع لك ولا مواقف ثابتة ولا معارضة قوية تقف وراء الفساد والمفسدين.. أتمنى منك الاعتزال والتفرغ لما بقي من أيامك للاستغفار عن ذنوبك وترك السياسة".
بدوره، قال معلق آخر يدعى عماري أبو أمل: "عجيب أمرك بعد إهلاك الزرع والضرع والفوز بيانصيب 9 مليون شهريا (في إشارة إلى المعاش الكبير الذي يتقاضاه بنكيران) وتفقير الشعب بعد تحرير الأسعار.. استوقفتك آية.. كم هي الآيات التي يجب أن توقفك عند حدك، اتق الله".
ورأى معلق يدعى عبدالله أحمد أن "أمر الدين لا يستقيم مع من باع نفسه مقابل دريهمات".
وأردف متسائلًا: "كيف لمن غدر بشعب أعزل وأثقل كاهله بتشريعات لم يكن من كان ليبراليا محضا القدرة على تنزيلها أن يتحدث عن الدين وهذا الأخير منه براء، #كفى_نفاقا".
وحيال ذلك، قال المحلل السياسي المغربي عبدالفتاح الحيداوي، المهتم بالحركات الإسلامية، إن الخطوة التي قام بها بنكيران لها العديد من الدلالات، مشيرًا إلى أن الرجل يسعى إلى إرجاع بريقه من خلال استغلال الدين.
وأوضح الحيداوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "بنكيران قبل الولوج إلى عالم السياسة كان مهتمًا بالدعوة والوعظ الديني، ولكن مع وصوله إلى السلطة تخلى عن مبادئه وأضحى إنسانًا براغماتيًا يلهث وراء الامتيازات ويتعارك مع الأحزاب، بل والأخطر من هذا تناسى هموم الشعب، وصادقت حكومته حينها على قوانين مجحفة تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، كما لم يمارس السياسة بنفس ديني كما يروج له الآن"، وفق تعبيره.
وزاد المحلل السياسي: "في ظل هذه النقاط لن تؤثر حلقات بنكيران الدينية (استوقفتني آية) على المواطنين بقدر ما ستجلب له الكثير من الانتقادات".
ورأى أن الهزيمة التي تلقاها الحزب الإسلامي في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة مؤشر على غضب المغاربة على "العدالة والتنمية" وعلى الخطاب الذي روجه بنكيران طيلة سنوات عديدة.
واستطرد متسائلًا: "لماذا لم تستوقف بنكيران أوضاع المغاربة في فترة قيادته للحكومة؟ ولماذا لم يجد الحلول؟".
ومُني حزب "العدالة والتنمية" الإخواني بهزيمة مدوية في الانتخابات التشريعية بالمغرب، التي أجريت في 8 سبتمبر أيلول الماضي إذ حل الحزب بقيادة أمينه العام السابق سعد الدين العثماني في المرتبة الأخيرة بعد حصوله على 13 مقعدا فقط، مقارنة بـ 125 مقعدا حصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية عام 2016.
