عاجل

آيكوم اليابانية: نحقق بتقارير عن انفجار أجهزة لاسلكية تحمل شعار الشركة في لبنان

logo
أخبار

مادلين أولبرايت.. "دبلوماسية الدبابيس" والرسائل السياسية

مادلين أولبرايت.. "دبلوماسية الدبابيس" والرسائل السياسية
24 مارس 2022، 7:11 ص

تُعتبر مادلين أولبرايت، التي تَوفّت أمس الأربعاء عن 84 عامًا بعد معاناتها من السرطان، أول امرأة تولت وزارة الخارجية الأمريكية، وإحدى أكثر الشخصيات السياسية نفوذًا في جيلها.

وتولت أولبرايت حقيبة الخارجية خلال عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، بين 1997 و2001، وكانت أيضًا سفيرة لبلادها لدى الأمم المتحدة، حيث قورن نفوذها على المستوى الدولي بدور مارغريت تاتشر، في بريطانيا في ثمانينيات القرن الفائت.

وفي فترة ولايتها كأول امرأة وزيرة للخارجية الأمريكية، استحدثوا لمادلين أولبرايت، لقب "السيدة الوزيرة" كتحية رسمية للاحترام.

لكن الدبلوماسية السابقة والبروفيسورة التي هزمها السرطان، كانت تحمل لقبين آخرين أكثر قربا لنفسها، أحدهما "السيدة الشجاعة – مدام كوجونية"، والثاني"سيدة دبلوماسية الدبابيس"، ولهذا اللقب الأخير قصة لم يشاركها فيها أي وزير سابق أو لاحق في حقيبة الخارجية.

وفي حديث لها بشهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وهي تنشر كتيبا عن نحو 200 دبوس مذهب أهدتها لمتحف وزارة الخارجية، قالت اولبرايت "عندما تسلمت الوزارة، اكتشفت سطوة الذهب والمجوهرات في تشييع الرسائل السياسية من خلال الدبابيس.. كنت أمثل الولايات المتحدة، لذلك كان من المهم أن أبدو رصينة، لكنني أيضًا مثل كل النساء كنت أحب التنوع في ارتداء الملابس، وقد ساعدت دبابيس الزينة في إشاعة بعض أجواء الدعابة التي استخدمتها في بث الرسائل السياسية بالأوقات الخطيرة للغاية".

وأضافت "يجب أن أعترف، أنني استمتعت كثيرًا بهذه اللعبة، خاصة في محاولة معرفة إلى أي مدى وصلت رسالتي".

وأول رسالة بالدبوس وجهتها، أولبرايت، كانت للرئيس العراقي السابق صدام حسين، فقد شبكت بفستانها دبوسًا على شكل ثعبان، بعد أن وصفوها بأنها "ثعبان لا مثيل له".

وقالت أولبرايت إنها تأكدت بأن رسالتها لصدام وصلت واضحة.

أما الرسالة الثانية بالدبوس وجهتها أولبرايت فكانت للزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، قائلة "عندما اجتمعت به اخترت أن ارتدي دبوسًا على شكل نحلة.. كنت أريد أن أوصل له رسالة بأنه يلدغ كالنحلة، وهو أمر لا يريحنا.. وقد وصلت رسالتي إليه".

الهدف الثالث لـ"دبابيس أولبرايت"، كان موسكو، وفي مناسبتين، الأولى كما قالت "بعد أن علمت أن الروس قاموا بالتنصت على غرفة في وزارة خارجيتنا، ففي اجتماعي مع دبلوماسييهم كنت أرتدي دبوسًا كبيرًا للغاية وبشكل لافت، وكانوا يعرفون بالضبط ما كنت أقوله وهو إننا غير راضين عن الذي فعلوه".

أما المرة الثانية فقد أرادت بها أولبرايت أن تصل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثات حول حرب الكرملين في الشيشان، موضحة "عندما ذهبت إلى موسكو مع الرئيس كلينتون، كنت أرتدي دبوسًا عن القرود التي لا تسمع ولا ترى أو تتكلم.. وكانت إشارة إلى أنهم في موسكو لم يتحدثوا معنا ولم نسمع منهم شيئًا عن تلك الحرب".

وتضيف أولبرايت "سألني بوتين، خلال الاجتماع لماذا أضع على صدري تلك القرود.. قلت، بسبب سياستكم في الشيشان.. ولم يعجبه جوابي".

فتحت باب الخارجية للنساء

وتماثلت كل التقارير الفورية التي بثت عن وفاة أولبرايت في توصيفها للراحلة على أنها دخلت التاريخ كونها "أول وزيرة خارجية للولايات المتحدة"، لكن القراءات التالية عن سيرة حياتها استذكرت أنها في كفاءتها بهذه المسؤولية غير المسبوقة فتحت الطريق أمام سيدتين أعقبتاها في هذا المنصب، الذي كان حكرا على الرجال، وهما كوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون..

وتعد هذه شهادة على النجاح النوعي الذي حققته أولبرايت، إذ حاولت إثبات أن أفضل شخص لهذا المنصب هو "المرأة"، وهو ما كشفته قبل وفاتها.

توسيع حلف الأطلسي

ويأخذ البعض على الإستراتيجية الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون أنها افتقدت للرؤية المتكاملة على المستوى الدولي، إذ كانت معظم السياسات مجرد ردود أفعال، لكن هذا الوصف لا ينطبق بالضرورة على الفترة التي تولت فيها أولبرايت، وزارة الخارجية في الدورة الثانية من ولاية كلينتون.

وفي عهدها، تم توسيع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما تم احتواء آثار التوترات الاجتماعية والعرقية في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، وكذلك شهدت الفترة محاولات عديدة لإنجاز تسوية نهائية لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وإن كان لم يكتب لها النجاح.

وخلال فترة عملها كوزيرة للخارجية، عملت أولبرايت على احتواء الهزة الأوروبية التي أحدثها الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، فهي التي دافعت عن ضرورة اتخاذ موقف صلب ضده.. وساعدت في إدارة تعبئة حلف "الناتو" خلال تلك الحرب في يوغسلافيا السابقة، وجعلت ميلوسيفيتش، أول رئيس دولة في منصبه يتهم بارتكاب جرائم حرب.

وتميزت أولبرايت، بالصلابة اللافتة، عندما كانت سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال الولاية الأولى لإدارة كلينتون، أظهر رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك، الجنرال كولن باول، تردده في نشر القوات الأمريكية في يوغوسلافيا السابقة - التي كانت تتفكك جراء الحرب الأهلية العرقية، وكان جواب أولبرايت، عليه "ما الهدف من وجود هذا الجيش الرائع الذي تتحدث عنه دائمًا إذا لم نتمكن من استخدامه؟".

والنهج نفسه أظهرته أولبرايت، في التعامل مع سلسلة من الاختراقات قام بها الجيش الكوبي، إلى الحد الذي اكتسبت فيه أولبرايت، لقب "السيدة الشجاعة" .

عرفت أنها يهودية في وقت متأخر

ولدت أولبرايت، في براغ "تشيكوسلوفاكيا السابقة" عام 1937، واسمها الحقيقي، ماري جانا كوربيلوفا، نشأت على المذهب الروماني الكاثوليكي في المسيحية، إذ كان والداها "يهوديًّا" في الأصل، إلا أنهما تحولا إلى المسيحية الكاثوليكية ثم لاحقًا إلى الكنيسة الأسقفية البروتستانتية.

وفي حديث لها مع "سي إن إن " كانت أولبرايت، قالت عن نفسها "كنت لاجئة مرتين، مرة زمن النازيين، وهاجرنا إلى إنجلترا ، وكرّة ثانية هاجرنا إلى الولايات المتحدة عام 1948، عندما تولى الشيوعيون زمام الأمور في تشيكوسلوفاكيا".

وربما لهذا السبب كانت أولبرايت، لا تترك فرصة الا وتندد بالنظم الموسومة بالاضطهاد، وهو ما توسعت به في انتقاد الغزو الروسي الحالي لأوكرانيا.

وحصلت أولبرايت، على وسام الحرية الرئاسي في 2012، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة، لكنها لم تعرف أنها "يهودية" الأصل إلا أواخر التسعينيات، بعد أن أصبحت وزيرة للخارجية في سن 59، ويومها علمت أن عائلتها يهودية وأن 26 من أفراد عائلتها قتلوا في "الهولوكوست"، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن والديها، جوزيف كوربل وآنا سبيجيلوفا، اللذين هاجرا إلى "دنفر" في 1948، تحولا إلى الكاثوليكية خلال الحرب العالمية الثانية ولم يخبراها عن الخلفية اليهودية لعائلتهما.

وتوفّت أولبرايت، وهي غير راضية كفاية عن أداء الولايات المتحدة في العالم..

وكان آخر كتبها التي أصدرتها عام 2020 بعنوان" الجحيم ومآلات أخرى"، وفيه كررت بعضا مما كانت نشرته في كتابها السابق الذي أصدرته عام 2008، بعنوان "كبف نعيد لأمريكا سمعتها وقيادتها؟".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC