الكشف عن زيارة سرية لوزير إسرائيلي للمغرب لبحث تسليم مجرمين خطيرين

كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة سرية، أجراها وزير القضاء، جدعون ساعر، والمفوض العام للشرطة الإسرائيلية، كوبي شابتاي، إلى المغرب، قبل أسبوعين.

وعقد الاثنان اجتماعات مع مسؤولين مغاربة، لا سيما من وزارتي العدل والداخلية؛ بغرض مناقشة سبل تعزيز التعاون بين "تل أبيب" والرباط في مجال تسليم المجرمين الهاربين.

وتزامنت الزيارة مع انقضاء مدة حبس أحد أكبر المجرمين الإسرائيليين، وهو غولان أفيتان، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات أمام القضاء المغربي، ومن المفترض أن يتم ترحيله إلى إسرائيل خلال ساعات، حيثُ تنتظره اتهامات خطيرة.

ووفق ما أورده موقع "Posta" العبري، اليوم السبت، كان أفيتان قد اتهم في القضية المعروفة باسم "ملف 512"، قبل أن يفر من إسرائيل إلى المغرب خلال المحاكمة، بجواز سفر مزور.

وأشار إلى أن أفيتان نجاح في الحصول على جواز سفر مغربي بطريق غير شرعي، لكن فضح أمره بعد ذلك، وحُكم بالسجن لمدة 3 سنوات، مبينًا أن أفيتان نُقل حاليًا إلى أحد المراكز في مدينة مراكش، حيث سيُرحَّل من هناك إلى إسرائيل.

جرائم خطيرة

من جانبها أكدت قناة "أخبار 12" العبرية، يوم الجمعة، أن الوزير ساعَر والمفوض العام للشرطة، ناقشا تعزيز التعاون بين الرباط وتل أبيب في مجال تسليم المجرمين، في ظل تفاقم هذه المشكلة.

وأكدت أن العديد من المجرمين الإسرائيليين، الذين نجحوا في دخول المغرب في وقت سابق، وأقاموا فيه، علموا من الإعلام المغربي أن تلك الزيارة ستركز على ملف تسليم المجرمين.

وبينت أن "10 منهم على الأقل، متورطون في جرائم خطيرة في إسرائيل، فروا من الدار البيضاء ومراكش إلى تركيا وبلغاريا ودول أخرى، خشية اعتقالهم وتسليمهم إلى إسرائيل.

ونقلت القناة عن مصدر، قالت إنه من الجالية اليهودية في المغرب، أن هؤلاء "فروا من البلاد بالتزامن مع الزيارة خشية اعتقالهم، لقد تعرضوا لضغوط كبيرة"، منوهة إلى أنه على الرغم أن الزيارة لم تحظ بتغطيات إعلامية، إلا أنها وصفت بـ"الزيارة الناجحة".

وأشارت إلى أنه خلال العقود الأخيرة، شكل المغرب ملاذا لعصابات الجريمة المنظمة من إسرائيل، مبينة أن من بين أبرز المجرمين الذين فروا من إسرائيل إليها كان غابي بن هاروش، وشالوم دومراني، وآفي روحان، وليؤور حداد، وإليعازر برلاند.

جنة عدن

وتحدثت القناة عن تحول المغرب إلى وجهة لمئات المجرمين الإسرائيليين، حين لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين البلدين، ما يعني عدم تسليمهم إلى إسرائيل حال اعتقالهم بوساطة السلطات المغربية، وهناك بلادهم حيث أسسوا ما وصفتها القناة بـ"إمبراطورية الجريمة".

ونقلت القناة عن مصدر رفيع بالشرطة الإسرائيلية، لم تكشف هويته، قوله إن "المغرب تحول إلى جنة عدن بالنسبة للمجرمين الإسرائيليين المطلوبين، والذين تورطوا هنا (إسرائيل) في جرائم مثل: القتل، والجرائم الجنسية، وغسيل الأموال، وجرائم أخرى خطيرة، منها الشروع في القتل".

وأضاف أن هؤلاء المجرمين اشتروا عقارات في المغرب واستثمروا فيها في مجالات منها توفير خدمات استئجار السيارات، وبيع الهواتف النقالة، كما أن لديهم مزارع خاصة هناك، وتورط بعضهم في تهريب مخدر الحشيش من المغرب إلى أوروبا وإلى دول خليجية.

وأوضح المصدر أن الشرطة الإسرائيلية كانت ترصدهم منذ فترة طويلة، وتنصتت على هواتفهم وهواتف عائلاتهم في إسرائيل، مضيفًا "انتظرنا الفرصة المناسبة من أجل مفاجئتهم، ليصل الأمر إلى تسليم ليؤور حداد المتهم بالقتل، كما اعتقلت السلطات المغربية غولان أفيتان، المتهم بثلاث حالات قتل، وسوف تسلمه الرباط قريبا".

قائمة أسماء

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أرسلت إلى الرباط قائمة تضم أسماء مجرمين إسرائيليين مطلوبين، وطالبت بتسليمهم، وعلى رأسهم أفيتان، المتهم بجرائم خطيرة؛ إذ اتهمته السلطات الإسرائيلية بجلب أجهزة التحكم عن بُعد التي استخدمت في تفجير عبوات ناسفة في فرع شركة الصرافة "تشينج" في شارع يهودا هاليفي، جنوبي "تل أبيب"، عام 2003.

وحينها، تسبب الانفجار في مقتل 3 أشخاص، وإصابة 37 شخص، وجاء ضمن محاولة لاغتيال أحد أبرز رؤساء عصابات الجريمة المنظمة، وهو زئيف روزنشتاين، ضمن تصفية حسابات مع عصابة أفيتان، وتعد تلك المحاولة علامة فارقة في تاريخ الجريمة المنظمة في إسرائيل.

والقناة أشارت أيضًا إلى مشكلة تتعلق بالإسرائيليين الذين يحملون جنسية مزدوجة، وبالتحديد الجنسية المغربية، وبشكل قانوني، بينما تعتقل السلطات المغربية من زوروا وثائق وجوازات سفر مغربية.

ونقلت عن مصدر بالجالية اليهودية في المغرب، أن الرباط "لن تُسلم المجرمين الإسرائيليين الذين لديهم جنسية مزدوجة، هذا الأمر غير ممكن، بيد أنهم سيُسلمون الإسرائيليين المتورطين في جرائم خطيرة، وتبين أن الجنسية التي يحملونها غير حقيقية".

ووقّع المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2020، إعلان ثلاثي مشترك في العاصمة الرباط، ونص الإعلان على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين المغرب وإسرائيل لـ"خدمة السلام في المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي".

كما وقعت إسرائيل مع المغرب، في شهر حزيران/يونيو العام 2021، اتفاقًا أمنيًا في مجال الدفاع السيبراني، يتيح التعاون في مجالات البحث العلمي والتطوير والتعاون الدفاعي في مجال الفضاء السيبراني.

ويُشار إلى أن الجريمة المنظمة أصبحت ظاهرة في إسرائيل منذ مطلع عام 1970، واعترفت الحكومة الإسرائيلية بوجود هذا النمط من الجريمة عام 1978،وبدأ الإسرائيليون يستشعرون بوجود هذه العصابات بشكل ملحوظ في الشارع، أواخر التسعينيات وبداية عام 2000، عقب بدء عمليات تصفية حسابات وثأر متبادل بين زعماء هذه العصابات.

وشكل اغتيال ياعكوف البارون عام 2008، أحد أبرز الاغتيالات بين تلك العصابات؛ إذ اعتبرت عائلة البارون واحدة من أبرز عصابات الجريمة المنظمة في إسرائيل طوال 30 عامًا.