يهدد التصريح الأخير الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بأن الحزب لن يتخلى عن سلاحه، بالعودة إلى المربع الأول في لبنان، ويزيد من التحديات أمام الحكومة اللبنانية الجديدة، خصوصاً أن الحزب يحشد جزءاً كبيراً من بيئته الحاضنة لاستعادة الكثير من قوته التي خسرها في الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
ويبدو أن تصريحات نعيم قاسم تستبق أي محاولات لنزع سلاح حزبه بالقوة تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ولهذا يرى المحلل للشأن اللبناني في صحيفة "ميديا لاين" الأمريكية، أن على الحكومة اللبنانية المسارعة لنزع سلاح حزب الله و"استغلال الزخم الدولي الضاغط قبل أن تتغير التوازنات الإقليمية".
وبينما تنقل الصحيفة عن مصدر سياسي مقرب من نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته الذي اتخذ موقفاً معتدلاً تجاه حزب الله، قوله إن "أياً من الأحزاب السياسية لن يقبل بعودة القدرة العسكرية للحزب"، إلا أنها ترى أن التوازن الطائفي الدقيق الذي يرتكز عليه النظام السياسي اللبناني الهش يتطلب توخي الحذر.
ويعتقد مراقبون أن حزب الله يستغل "تردد" خصومه المحليين في مواجهته، حتى وهو في أضعف حالاته العسكرية والتنظيمية، إذ لم يصرّح الرئيس اللبناني جوزيف عون أو رئيس وزرائه نواف سلام علناً بعبارة "نزع سلاح حزب الله"، رغم أنها عبارة منصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1701، وآلية وقف إطلاق النار وتطبيقها التي وقعها عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحزب الله في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
"كسب الوقت"
ويقرأ أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور محمد خير الجروان، تصريحات أمين عام حزب الله، بأنها تأكيد على أن الحزب "يربط وجوده بتأكيد دوره العسكري داخل لبنان وعلى الساحة الإقليمية"، رغم ما أشاعه سابقاً من مراوغات وتقديم بعض التنازلات أمام القوى السياسية الأخرى في لبنان، خاصة حركة أمل، بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت قيادات الصف الأول وترسانته العسكرية.
الهدف من هذه المراوغات والتنازلات، وفق تصريحات الجروان لـ "إرم نيوز"، هو "كسب الوقت لإعادة ترميم الحزب إدارياً وسياسياً وعسكرياً"، مشيراً إلى أن الحزب نجح جزئياً في ذلك، لكنه يعتبر أن ذلك لن يطول، إذ تغيرت الأوضاع وميزان القوى بشكل كبير لصالح الأطراف السياسية الأخرى في لبنان.
ويعتقد الجروان أن التصريحات الأخيرة لزعيم حزب الله، بما تعنيه من استمرار الحزب تمسكه بسلاحه، يمكن أن "تفاقم الأوضاع بشكل كبير"، وقد تؤدي إلى صدامات عسكرية "يثبت الحزب من خلالها قدرته على فرض أجنداته داخلياً وخارجياً"، وإن كان يستبعد تطوّرها إلى حرب أهلية.
وفي ضوء الضغوط الدولية والإقليمية على لبنان المتأزم سياسياً واقتصادياً، يذهب الجروان إلى أن خيار تجدد المواجهة العسكرية ليس مستبعداً، لكن الأخطر برأيه أن يدخل الحزب في صراع مع الحكومة السورية الجديدة "نتيجة محاولاته إعادة خطوط إمداداته من إيران عبر الساحل السوري".