البيت الأبيض: لن نتسامح مع ابتزاز أوروبا الاقتصادي لشركتي "ميتا" و"آبل"
مع تصاعد حدّة الضربات الأمريكية، تشهد عمليات ميليشيا الحوثيين العابرة للحدود، تراجعا منذ أواخر الشهر الماضي، بعد توقف هجماتها الصاروخية طويلة المدى، والاعتماد مؤخرا على سلاح الطائرات المسيّرة الانتحارية.
وعقب 3 أيام من انطلاق عمليات واشنطن العسكرية الواسعة ضد الحوثيين، منتصف الشهر الماضي، بدأت الميليشيا في إرسال صواريخها الباليستية إلى أهداف مختلفة في إسرائيل، رغم تخليها عن وعيدها الذي أطلقته في الـ11 من مارس/ آذار المنصرم، باستئناف حظر المرور البحري على السفن الإسرائيلية.
ومنذ الـ18 وحتى الـ30 من الشهر الفائت، أطلق الحوثيون 7 صواريخ "فرط صوتية من نوع فلسطين 2" و3 أخرى من نوع "ذو الفقار"، قبل أن تتعطل هجماتهم لمدة 5 أيام متتالية، ثم تعود في الـ5 من أبريل نيسان الجاري وحتى مساء أمس الجمعة، بعمليات أقل وتيرة، تقتصر على الطائرات المسيّرة فقط.
وبحسب خبراء، فإن التدني المتزايد في أنشطة الحوثيين الصاروخية ذات المديات الطويلة، يكشف عن مدى فاعلية العمليات الجوية الأمريكية، وتأثيرها المتصاعد على قدراتهم العسكرية الاستراتيجية.
يقول الخبير السياسي والعسكري، العميد ثابت حسين صالح، إن توقف الهجمات الصاروخية الحوثية، يعود إلى عدة أسباب، يأتي في مقدمتها الضربات الأمريكية القوية التي أفقدتهم الكثير من الصواريخ النوعية والمخازن الاستراتيجية، فضلا عن ملحقاتها اللوجستية من منصات متحركة ومشغلين فنيين، ومن ثم فإن من الصعب تعويض هذه الخسائر على نحو سريع.
وأشار في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى الحصار الأمريكي المفروض على الحوثيين في مياه البحر الأحمر، لمنع وصول الأسلحة الإيرانية إليهم عبر موانئ الحديدة، وقرارات واشنطن العقابية ذات الصلة، وهو ما حال دون استمرار تدفّق قطع المقذوفات والصواريخ المتطورة.
وذكر صالح أن السبب الثالث قد يكون مرتبطا بالتكلفة الباهظة للصواريخ، الأمر الذي دفعهم إلى استخدام الطائرات المسيّرة أحادية الاتجاه في هجماتهم العابرة للحدود، نظرا لكلفتها الأقل مقارنة بالصواريخ الباليستية.
وبأمر من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انطلقت العمليات الجوية مساء الـ15 من مارس/ آذار الماضي، بهدف "حماية الأصول الجوية والبحرية الأميركية، وعدم السماح لأي قوة إرهابية بعرقلة حرية الملاحة في الممرات البحرية العالمية".
بدوره، يرى الملحق العسكري السابق في سفارة اليمن لدى واشنطن، هشام مقدشي، أن زخم العمليات الأمريكية وتعدد غاراتها الجوية التي وصلت إلى ما يقارب 400 طلعة، على مدى الـ25 يوما الماضية، أعاق حرية الحركة لدى الحوثيين، وصعّب أنشطتهم العسكرية.
وقال مقدشي لـ"إرم نيوز"، إن طيران الاستطلاع الأمريكي لا يتوقف عن التحليق في سماء المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وقد شوهد قبل أيام من على مسافة قريبة ومنخفضة في صنعاء.
وأضاف أن "مراقبة التحركات على الأرض مستمرة، سواء كانت خارج مستودعات الأسلحة المحصّنة تحت الأرض وفي بطون الجبال، أو منصات صاروخية أو حتى أهدافا متحركة؛ ما يجعل التعامل معها واستهدافها فوريا ومباشرا".
وأشار إلى أن الهجمات المتواصلة والتي طالت أهدافا لم يكن الحوثيون يتوقعون انكشافها، وتكثيف الضربات على القدرة الصاروخية بعيدة المدى، وتدمير عدد منها، خاصة في ضواحي صنعاء ومعسكر الصيانة، ومقتل طاقم التشغيل، "أثرت بشكل كبير على قدرة الحوثيين في الاستمرار بوتيرة الهجمات السابقة".
وبحسب مقدشي، فإن القوات الأمريكية باتت تركّز ضرباتها اليومية في ساعات متأخرة من الليل، وهو ما رأى أنه دليل على أن تحركات الحوثيين في وضح النهار باتت صعبة للغاية، وأنهم يحاولون تأخيرها إلى وقت الظلام، ورغم ذلك يتم رصدهم واستهدافهم.
وبيّن أن التحوّل في عمليات واشنطن ووصولها الاستخباري الجديد "وضع الحوثيين تحت ضغط ناري لم يتعرضوا له في حياتهم، وهناك شخصيات قيادية قُتلت في الغارات، لا تستطيع الجماعة استبدالها بسهولة، لذا يحاولون قدر الإمكان امتصاص الموجة الحالية، والخروج منها بأقل الخسائر".
وعلى مدى قرابة شهر من القصف الجوي والبحري، تركّزت الضربات الأمريكية على أهداف متنوعة، بينها منشآت تخزين الأسلحة الاستراتيجية، ومعامل وورش تجميع وتجهيز الصواريخ والمسيّرات، المحصّنة في منشآت تحت أرضية في المناطق الجبلية الوعرة، ومراكز القيادة والسيطرة؛ ما أدى إلى مقتل عشرات من القيادة الميدانيين الحوثيين، الذين ينتحلون رتب "ضباط عسكريين".
وسبق أن أعلنت واشنطن خلال الأيام الماضية، أن عملياتها الجوية، قتلت "عددا من كبار القادة الحوثيين، بينهم كبير خبراء الصواريخ وخبراء في أنظمة الطائرات المسيّرة أحادية الاتجاه"، دون الإشارة إلى مزيد من التفاصيل.
وذكر الباحث في شؤون الحوثيين العسكرية، عدنان الجبرني، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الغارات التي شنتها المقاتلات الأمريكية في أواخر الشهر الماضي، على قرية "القابل" بمديرية بني الحارث، شمالي العاصمة صنعاء، "تفسّر اعتماد الحوثيين مؤخرا على المسيّرات بشكل أكثر للأهداف البعيدة".
وقال الجبرني إن هذه الغارات "استهدفت منصتين لإطلاق صواريخ الحوثيين من نوع (ذو الفقار)، وهما تقريبا المنصتان الوحيدتان في الخدمة، لهذا النوع من الصواريخ".