ستارمر: أنشطة بن غفير وسموتريتش في الضفة الغربية "بغيضة" ومثيرة للقلق 

logo
العالم العربي

هل غيّرت إيران قواعد إدارة الحرب مع إسرائيل؟

هل غيّرت إيران قواعد إدارة الحرب مع إسرائيل؟
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجيالمصدر: إ . ب. أ
16 أكتوبر 2024، 9:33 ص

تذهب إيران اليوم إلى إدارة الحرب بينها وبين إسرائيل، نحو "عزل الساحات" بدلًا عن المبدأ السابق القائل بـ"وحدة الساحات" الذي طالما هددت فيه، كما هددت فيه ميليشياتها في المنطقة، منذ ضرب قنصليتها في دمشق ومن ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها. 

ويلاحظ مراقبون أن النشاط الإيراني الدبلوماسي الأخير يظهر أن طهران تركز في جهدها على ضرورة وقف إطلاق النار وضبط التصعيد في "الساحات" التي تنتشر فيها ميليشياتها، وكان ذلك جليًا في سلسلة مباحثات وزير خارجيتها عباس عراقجي مع المسؤولين العراقيين، حيث تمحورت حول ضرورة التهدئة.

 كما أن عراقجي بعث برسائل إلى قادة الفصائل المسلحة العراقية، بشأن طبيعة التعاطي مع الأزمة الحالية، وأهمية خفض التصعيد، لتطويق الخسائر التي لحقت بما يُعرف بـ"محور المقاومة"، وفقًا لمصادر عراقية.

تحول مهم في إدارة الأزمة

المحلل السياسي السوري فراس إلياس، الباحث في الشؤون الإستراتيجية، يقول لـ"إرم نيوز"، إن ‏السلوك الإيراني حيال الحرب في لبنان، أظهر تحولًا مهمًا في إدارة الأزمة وتوزيع التكاليف، عبر التحول من مبدأ (وحدة الساحات) إلى مبدأ (عزل الساحات)، وهذا كان واضحًا من دور إيران في الحديث عن ضبط التصعيد، ورفض الحرب، والأهم في تسكين الساحات في العراق وسوريا واليمن.

‏هذا التحول، وفقًا للباحث، كان قائمًا بالأساس على إعطاء إيران فرصة للحل السياسي الذي تبحث عنه، من أجل إعطاء حزب الله فرصة لإعادة إنتاج نفسه من جديد سياسيًا وميدانيًا، فضلًا عن كونها فرصة للحديث بأكثر من خطاب؛ خطاب الحرب في غزة ولبنان، وخطاب التهدئة وعدم التصعيد في العراق وسوريا ولبنان، من أجل تنويع الفوائد المتحققة من جولة عراقجي الإقليمية الأخيرة.

ويعتقد إلياس أن ‏المسار الأهم في التحول لمبدأ (عزل الساحات) هو أن إيران لا تريد تكرار ما حدث في غزة ولبنان، في العراق وسوريا واليمن، من أجل أن لا تخسر كل شيء، ولا تعطي لإسرائيل كل شيء، ولذلك فإن (وحدة الساحات) رغم أهميتها، فإنها أيضًا خطيرة، خصوصًا عندما تكون معادلة الحرب غير متكافئة، ماديًا ومعنويًا، والأهم الظروف الإقليمية والدولية المحيطة ببيئة الحرب.

النقطة الخطيرة في هذا التحول، كما يقول المحلل السياسي السوري، هو أن إسرائيل بدأت تنظر إليه على أنه تراجع إيراني وليس نمط لإدارة الأزمة، وهو ما جعلها اليوم ترفض كل المبادرات السياسية، وبدأت تهدد بفتح جبهة بعد الأخرى، وهو ما قد يدفع إيران أيضًا للعودة إلى المبدأ الأول.

 مستجدات وراء التحول الإيراني

من جهته، يقول المحلل السياسي المقيم في السويد، طاهر أبو نضال، إن ثمة  مستجدات جعلت إيران تتحول في إدارة الحرب من مبدأ وحدة الساحات إلى عزلها وفصلها، في صدارتها تراكم حجم الضغوط الدولية والإقليمية المتعلقة بتأثير العقوبات وعدم حلحلتها من جهة على عكس الآمال التي كانت مطروحة في الفترة الأخيرة من جانب طهران، وانعكاس ذلك من جهة أخرى على الداخل بتصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية داخل إيران.

ويرى أبو نضال أن الشارع الإيراني يرى في التوجه التوسعي لنظامه وتعدد الجبهات عبر الميليشيات والإنفاق عليها، له آثار كبيرة في فرض العقوبات ومضاعفة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، بالتزامن مع ما تتعرض له إيران من حصار دولي، بسبب سياساتها التوسعية والعمل على تهديد وزعزعة الأمن الإقليمي والدولي. 

أخبار ذات علاقة

خبراء: ضربات إسرائيل فكّكت"وحدة الساحات"

 
 
وأوضح "أبو نضال" في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن إيران في هذا الصدد، تحاول استخدام قوتها وتركيز إمكانياتها عبر ميليشياتها في ساحة واحدة، وهي "اللبنانية" حاليًا، وتعمل على فصل الساحات، حتى لا تنتقل المعركة بسرعة إلى ساحات أخرى لها، ويكون تلبية الاحتياجات على أكثر من جبهة أمر يصعب تحقيقه في وقت تواجه فيه إسرائيل التي تحظى بدعم يجعلها قادرة على المواجهة في أكثر من ساحة، وهو ما ظهر بوضوح في الأسابيع الماضية، وما عرّض ساحات عدة لإيران، لاسيما في لبنان بشكل رئيسي لضربات موجعة، وأيضًا في سوريا والعراق واليمن، فأصبح الحل تكتيكيًا أمام المسؤولين الإيرانيين، وهو فصل الساحات وعزلها مؤقتًا.
 
واستكمل طاهر أبو نضال بأن من أهم أهداف عزل إيران للساحات، أن تكون لديها جاهزية وتأهب من الأذرع، بحيث إن خسرت معركة في المواجهة على ساحة، يكون لديها ساحات أخرى عبر ميليشياتها، لتستطيع من خلال ذلك، فرض نفسها على المعادلة الدولية والإقليمية، وعدم إزاحتها من التأثير.
 
وأردف بأن ما يحدث في لبنان والتغيير الإستراتيجي مؤخرًا من خلال عمليات في العمق الإسرائيلي بهذا الشكل من الجبهة اللبنانية عبر "حزب الله" بقيادة من قادة بـ"الحرس الثوري، يوضح أن المسؤوليين الإيرانيين، ذهبوا إلى إدارة الصراع معتمدين إستراتيجية التركيز في ساحة واحدة، وتجنيب ساحات أخرى للمواجهة حتى يتم تجهيزها لما هو قادم، ليصبح التركيز حاليًا على ساحة المواجهة في لبنان مع إسرائيل، من أجل العمل على استمرار الذراع الأهم والأقوى وهو حزب الله، وظهور كبار المسؤولين الايرانيين وقادة الحرس الثوري في لبنان، يدل على أن طهران، قامت بتحويل جزء كبير من قدراتها العسكرية إلى لبنان.
 
وخلص "أبو نضال" إلى أن أهم ما يهم طهران حاليًا، هو حماية الداخل من الضربة الإسرائيلية المنتظرة، والحفاظ على الميليشيات في ساحتها، دون الدخول في مواجهات، لتكون جاهزة ومؤهلة لردود فعل مستقبلية، سيحددها الرد الإسرائيلي بشكل كبير خلال الفترة القادمة.
 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC