زيلينسكي يعلن عن محادثة هاتفية مع ترامب الأربعاء
يقف لبنان اليوم على عتبة مرحلة مفصلية من تاريخه السياسي والأمني؛ إذ تشكل الأسابيع القادمة اختبارا حقيقيا للقيادة السياسية الجديدة المتمثلة برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام، كما يقول محللون سياسيون.
وأشار المحللون إلى أن البلاد تترقب كيف ستُترجم الوعود ببناء دولة قائمة على الشرعية والاستقرار والعدالة والتعايش، إلى أفعال على أرض الواقع.
ومع اقتراب الموعد المرتقب في 28 يناير/ كانون الأول الجاري لانسحاب القوات الإسرائيلية من الشريط الحدودي الجنوبي، يُطرح سؤال حاسم حول مصير سلاح "حزب الله"، الذي لطالما شكل نقطة خلافية كبرى في المشهد اللبناني.
وتدور تساؤلات في لبنان إن كان سيشهد تسليم السلاح إلى الجيش وإنهاء الكيانات المسلحة؟ أم سيكون هناك ترتيب جديد يُعيد صياغة دور هذا السلاح ضمن استراتيجية دفاعية للدولة؟.
في ظل هذا المشهد، تتداخل الحسابات المحلية مع الأبعاد الإقليمية؛ ما يضع لبنان أمام معادلات شديدة التعقيد، وفيما تبقى العيون متجهة نحو خيارات الأطراف السياسية واستراتيجياتها، يبقى مصير البلاد مرهونا بقدرتها على إدارة التوازنات الدقيقة في هذه اللحظة الحساسة من تاريخها، بحسب المحللين.
وفي استعراضه لمجريات اللعبة السياسية اللبنانية التقليدية، يرى المحلل السياسي سعيد الأسمر، أن الطريقة التي أُنجز بها انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وما أعقبه من تكامل في اختيار القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة، يمثل "ترتيبا عالي الاحتراف"، يعكس مستوى نادرا في المناورات السياسية العابرة للحدود.
يشير الأسمر في حديث لـ"إرم نيوز" إلى الحجم الاستثنائي للحضور الدولي هذه المرة، والطريقة التي تمت بها معالجة التعقيدات التقليدية للسياسة اللبنانية؛ ما أنتج مفاجآت ترتبط بشكل وثيق بإعادة رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط.
ويستند الأسمر في تحليله إلى ردود الفعل الحادة التي ظهرت فور الإعلان عن هذه التسويات، من الطرفين الأساسيين في اللعبة اللبنانية، حزب الله من جهة وحزب القوات اللبنانية من جهة أخرى.
ويصف هذه الردود بأنها "المرآة الحقيقية التي يمكن من خلالها استشراف العواصف التي تنتظر لبنان مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة للانسحاب العسكري الإسرائيلي، لا سيما ما يتعلق بمصير سلاح حزب الله، الذي يمثل العنوان الأبرز للصراع المرتقب".
ولفت الأسمر إلى تصريح "غير مألوف" من حيث حدّته وإيحاءاته، صدر عن النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، عقب اجتماعه مع الرئيس جوزيف عون لمناقشة الترشيحات لرئاسة الحكومة.
يقول رعد في تصريحه: "مددنا يدنا، وكانت تأمل أن تلاقي اليد التي لطالما تغنت بأنها ممدودة، وإذ بها قُطعت. أي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها. سنراقب وسنرى أفعالهم من أجل إخراج المحتل من أرضنا، واسترجاع الأسرى، وإعادة الإعمار، والتطبيق الصحيح لقرار 1701 بما يحفظ الوحدة الوطنية".
على الجانب الآخر، يشير الأسمر إلى رد رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي جاء سريعا وحادا، مستعدا لتصعيد المواجهة السياسية.
يقول جعجع: "على الرئيس ورئيس الوزراء أن يسألا حزب الله عن مصير سلاحه، ليروا إذا كانوا يريدون إرساله إلى إيران أو بيعه أو تسليمه للجيش اللبناني. عندها تبدأ مرحلة جديدة". يعكس هذا التصريح رغبة القوات اللبنانية في إعادة فتح ملفات حساسة وإثارة أسئلة جوهرية حول قضية السلاح؛ ما يزيد من تعقيد المشهد الداخلي.
من جانبه، يرى المحلل العسكري العقيد المتقاعد نوفان إسليّم أن احتمال تسخين الجبهة اللبنانية بعد اتفاق وقف النار في غزة بات مرتفعا، بغض النظر عن إفرازات الانتخابات اللبنانية.
يؤكد أن "قضية نزع سلاح حزب الله تتجاوز النصوص القانونية المتعلقة بمنطقة الـ19 ميلا الحدودية التي يتدفق عبرها نهر الليطاني، مشيرا إلى أن بنود وقف إطلاق النار تظل غامضة وقابلة للتأويل، فضلا عن أن الجيش اللبناني لا يمتلك القدرة الفعلية على تنفيذ هذا الملف الشائك".
يرجح إسليّم أن "يُنصح الرئيس جوزيف عون بتبني طرح لدمج سلاح المقاومة ضمن وزارة الدفاع، على غرار السيناريو الجاري في سوريا، غير أن هذا المسار، رغم كونه منطقيا من حيث المبدأ، يبدو شديد التعقيد والتنفيذ في ظل الظروف الراهنة، ويتطلب توافقات بعيدة المنال ضمن استراتيجية الدفاع التي أعلن عنها الرئيس اللبناني الجديد".
ويتفق المحللان سعيد الأسمر ونوفان إسليّم على أن "المشهد اللبناني الجديد يميل إلى أن يكون بوابة لتصعيد إقليمي محتمل، بالنظر إلى ارتباطه العميق بالمصالح الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط. ويعتبران أن هذه التطورات تمثل إحدى الأدوات المتاحة لطهران لتكريس نفوذها ضمن ترتيبات إقليمية لا تزال تغلي على نار الأزمات المستمرة".