هيئة البريد في هونغ كونغ تعلّق خدمة إرسال الطرود إلى الولايات المتحدة
توصّل تحقيق لمجلة "جون أفريك" الفرنسية إلى فك لغز نشاط خفي لحزب الله في القارة الأفريقية، يضم خلية تسمى "العبدلي".
وكشف التحقيق انخراط رجال أعمال ونافذين لبنانيين في عمليات تبييض أموال الماس والكوكايين لتمويل آلة الحزب الحربية.
وروى التحقيق تفاصيل استثمار بعض العائلات اللبنانية في دول أفريقية، من بينها الغابون، وكيف تقوم بغسل الأموال لصالح حزب الله، حيث تراقب تل أبيب القارة بسبب الجالية اللبنانية هناك وارتباطاتها المفترضة مع الحزب.
وأكد مصدر أمني غابوني للمجلة استثمار بعض العائلات اللبنانية في الأشغال العامة والترميم في الغابون.
وقال: "تخيلنا أنهم قد يقومون بغسل الأموال لصالح حزب الله"، مشيرًا لعلمهم أن لديهم علاقات مع أشخاص في النبطية، وهي أحد معاقل الحزب في جنوب لبنان.
وكشفت "جون أفريك" عن استهداف الإسرائيليين عبد المحسن جمال حسين الشطي الكويتي، الذي ظهر على رادارهم قبل بضع سنوات كجزء من خلية تسمى "العبدلي"، وهي مجموعة تضم نحو 20 كويتيًا وإيرانيًا واحدًا متهمين بالعمل لصالح طهران وحليفها حزب الله.
وقد تم وضع أعضاء الخلية تحت المراقبة من قبل الموساد والولايات المتحدة، لكن لم يتم القبض عليهم.
والآن تريد تل أبيب تحديد هوية شركاء الخلية ومموليها ومن يديرها من اللبنانيين والإيرانيين.
ولفتت المجلة الفرنسية النظر إلى ما يحدث على بعد آلاف الكيلومترات، في الطرف الآخر من خليج غينيا، حيث يتعين على سلطات ساحل العاج أيضًا اتخاذ الحيطة والحذر.
وقالت: توظف الشركات المملوكة للجالية اللبنانية في ساحل العاج ما لا يقل عن 300 ألف شخص، وهم مسؤولون عن نسبة كبيرة من خلق الثروة في البلاد.
ويعتقد أن نحو 100 ألف لبناني يعيشون في ساحل العاج، 80% منهم من الشيعة و10% منهم لديهم أصول في منطقة النبطية.
وبحسب المجلة، حوّل هذا الوضع الجميع إلى مشتبه بهم، ناقلة عن مصدر عمل في بيروت وأبيدجان القول: "هناك شك تلقائي أن أي شيعي لبناني، وخاصة من جنوب البلد، هو ممول محتمل لحزب الله".
ويستفيد حزب الله من التبرعات الطوعية التي يقدمها العديد من التجار في غرب أفريقيا، حيث يتمكن من فرض شكل من أشكال الضرائب، إما أن يدفعها اللبنانيون أو يتم استبعادهم بطريقة أو بأخرى من الحياة المجتمعية.
أما في أبيدجان، فهناك منطقة واحدة تخضع لمراقبة خاصة، المنطقة رقم 4، في بلدية ماركوري، حيث تتمحور حياة المجتمع اللبناني حول مسجد المهدي الرمزي.
ومن بين من تتم مراقبتهم الشيخ غالب كجوك، إمام مسجد ماركوري، وكذلك سلفه عبد المنعم القبيسي.
ويظهر اسم كجوك في سجلات منظمة القرض الحسن، وهي منظمة غير ربحية تأسست العام 1983، وقد تعرضت ملفاتها للاختراق من قبل المخابرات الإسرائيلية. وتعتبرها تل أبيب إحدى وكالات غسيل الأموال التابعة لحزب الله، ويُعتقد أنها تساعد في تمويل أنشطتها.
ومثلما يؤكد شخص مطلع على المجموعة اللبنانية، "فإن الشتات ليس مجرد مجموعة سكانية تُفرض عليها الضرائب. فهي أيضًا عبارة عن مجتمع ينشيء أعمالًا تجارية، يمكن استخدامها لغسل الأموال من الأنشطة الإجرامية، من حزب الله أو المنظمات الأخرى".
وبين أن الحزب أدرك منذ وقت مبكر جدًا أن لديه مصلحة في تمويل المساجد والمراكز الثقافية والجمعيات الخيرية في جميع أنحاء العالم، وفي توحيد المجتمعات لجعلها ركائز لشبكته لتبييض الأموال.
وعرّجت المجلة الفرنسية على أسماء بعض العائلات اللبنانية النافذة، فقبل بضع سنوات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أحد أركان الجالية الكونغولية اللبنانية، وهو صالح عاصي.
وذكرت أن هذا الرجل الذي أطلق عليه الجميع لقب "ملك الخبز" هو أيضًا شقيق ناظم سعيد، وهو تاجر أعمال فنية (فتح معرضًا في أبيدجان)، متهم بتمويل حزب الله ومطلوب لدى الولايات المتحدة.
أما عائلة آل نصّور فهي الأخرى تتمتع بمكانة مرموقة في الكاميرون، وتحديدًا في دوالا، وأحد قادتهم هو رضوان نصّور، الرجل اللبناني الذي يحمل أيضًا جواز سفر بريطانيًا ويعيش هناك معظم أيام السنة.
والأهم من ذلك أن نصور يدير أعماله وشركاته هناك، والعديد منها تعمل في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة في قطاع الماس الاستراتيجي والمربح.
ويقول أحد خبراء الصناعة "يعتبر الماس إحدى السلع المفضلة لدى الشبكات الإجرامية"، فهو قابل للنقل وإعادة البيع بسهولة في الأماكن التي لا يوجد فيها تدقيق كبير على أصله أو على الأموال المستخدمة في شرائه.
وكشف أحد المصادر المقربة من الشبكة أن الماس، الذي يمكن شحنه أيضًا من بانغي، يتم القيام بإخفائه بسهولة في الأمتعة المسجلة على متن الرحلات الجوية من مطار دوالا إلى لبنان، وذلك بسبب ضوابط الحدود غير الفعالة ومسؤولي الجمارك الفاسدين، حسب وصف المجلة.
وقالت: يمكن لحزب الله بعد ذلك استعادة هذه الأحجار في بيروت، لدعم المجهود الحربي الذي تغذيه أيضًا تجارة سلعة أخرى عالية القيمة ومربحة للغاية هي الكوكايين.
ويقال الآن إن الكوكايين هو المصدر الثاني لتمويل الحزب، وذلك بفضل البنية الأفريقية الفعالة التي تسمح لحزب الله بالاستفادة من موانئ خليج غينيا.
أما في أمريكا الجنوبية، وبفضل الجالية المنحدرة من جنوب لبنان التي تعيش هناك منذ نهاية القرن التاسع عشر، في الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، فقد تمكن حزب الله بالفعل من التقرب من عمالقة المخدرات، بحسب إيمانويل أوتولينغي، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
وأشار أوتولينغي إلى تقديم خدمات غسيل الأموال إلى عصابات المخدرات الكولومبية في ميديلين ووادي الشمال، ولكن أيضًا إلى القوات المسلحة الثورية الكولومبية، والقيادة الأولى للعاصمة البرازيلية، أو عصابة زيتاس المكسيكية.
وقالت المجلة: أصبح حزب الله، من خلال الاتصال بشركائه، تاجرًا للمخدرات في حد ذاته. وفي العام 2018، كان النظام القضائي الأمريكي قد أدرك بالفعل أهمية حزب الله في الاتجار الدولي بالمخدرات، التي تمتد مساراتها من أمريكا إلى أوروبا، مرورًا بالساحل الأطلسي لأفريقيا.
وأشار المدعي العام الأمريكي إلى أن "التهديدات الأساسية للجريمة المنظمة" تتمثل في عصابات المخدرات المكسيكية وحزب الله.
ومنذ ذلك الحين، تعزز هذا الموقف، حيث أجبرت العقوبات المفروضة على إيران حزب الله على تعزيز استقلاليته المالية.
وهنا أيضًا، كشف التحقيق عن وضع الولايات المتحدة بعض الشبكات اللبنانية على الساحل الأفريقي المطل على المحيط الأطلسي تحت المراقبة.
وبحسب إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، فإنهم يستغلون أنشطة الاستيراد والتصدير للترويج لاستيراد هذا الذهب الأبيض.
ومن بين الموانئ الأفريقية المشتبه في أنها تعمل كمنصة لوجستية للمخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية ميناء دوالا، حيث يقال أيضًا إن شبكات لبنانية تقدم خدماتها هناك.
وأفاد التحقيق الفرنسي بأن الاستخبارات الإسرائيلية ووكالة مكافحة المخدرات الأمريكية تحاولان حاليًا رسم خريطة للشبكات اللبنانية النشطة في أفريقيا وقياس تأثيرها.
وقد لاحظ الجانبان بالفعل أن شركة رضوان نصّور "دايموندز فوريفر" يمثلها في لبنان كامل راشد عازار، وهو محامٍ مقرب من حزب الله، يدافع أحيانًا عما لا يقل عن ثلاث عشرة شركة أخرى فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب قربها من الحزب.
ومع الحرب الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023، وجد حزب الله نفسه معزولًا بشكل أكبر عن إيران، التي مولته بنسبة 70%.
ويرى مصدر مطلع أن "الحزب قد يضطر إلى تطوير أنشطته في غسيل الأموال والاتجار بها بشكل أكبر، وبالتالي الاعتماد على شبكاته الأفريقية".