استطلاع عبري: 56% من الإسرائيليين يدعمون إعادة المختطفين مقابل صفقة تنهي الحرب مع حماس
يرى مسؤولون سوريون في واشنطن أن مشاركة وفد سوري رفيع المستوى في اجتماعات صندوق النقد الدولي، تمثل لحظة مفصلية تعكس تغيرًا ملحوظًا في طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع الإدارة السورية الجديدة، وتفتح الباب أمام قراءة متعددة الأوجه لمآلات الانفتاح السياسي المحتمل.
وبحسب الخبراء، فإن أهمية هذه المشاركة لا تنبع فقط من كونها الأولى منذ أكثر من عقدين، بل من كونها تتزامن مع مرحلة انتقالية لسوريا في نظر المؤسسات المالية الدولية، ما يسمح بفتح قنوات جديدة للدعم الاقتصادي بعيدًا عن الاشتراطات السياسية التقليدية.
الحدث، بحسب متابعين، يحمل دلالات تتجاوز البعد الاقتصادي، إذ قد يُقرأ كفرصة لدمشق لاختبار مدى استعداد الأطراف الدولية للتعامل مع واقع سياسي جديد في سوريا، لا سيما في ظل إشارات عن براغماتية الإدارة الحالية وتعاونها في ملفات حساسة.
وقال الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، المقيم في واشنطن، إن دعوة المسؤولين السوريين لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولي تمثل واقعًا ملموسًا، بدأ العمل عليه منذ مطلع أبريل الجاري، مؤكدًا أن حضور الدول لهذه الاجتماعات هو حق أصيل لها كأعضاء في الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وأوضح في حديثه لـ"إرم نيوز" أن ما يميز هذه المشاركة ليس الحضور بحد ذاته، إذ إن النظام السوري السابق كان يشارك في معظم هذه الاجتماعات، بل كونها أول ظهور للإدارة السورية الجديدة في واشنطن.
وعلى الصعيد الاقتصادي، كشف أن البنك الدولي قرر تخصيص 150 مليون دولار لصرف رواتب الموظفين في سوريا، مع تأكيد رسمي سيصدر الأسبوع المقبل، إلى جانب منحة أخرى بالقيمة نفسها لإصلاح البنية التحتية للكهرباء، وستُتبع بمنحة إضافية بقيمة 150 مليون دولار، ليبلغ المجموع 300 مليون دولار لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء.
وفيما يتعلق بتأثير العقوبات الأمريكية، أشار إلى أن واشنطن لا تعترف رسميًا بالحكومة السورية الحالية، لكنها أيضًا لا ترغب في أن تتحمل مسؤولية معاناة السوريين اقتصاديًا، وهو ما يدفعها لمحاولة تحقيق توازن، عبر إبلاغ الحكومة السورية بجملة شروط ينبغي تنفيذها بجدية كخطوة نحو الاعتراف.
وبيّن أن هذه المساعدات لم تكن لتُقرّ لولا الموافقة الأمريكية الضمنية، والتي تأكدت بمجرد إعلان المنح، مع الإشارة إلى أن سوريا كانت مدينة للبنك الدولي بأكثر من 16 مليون دولار لم تُسدد في عهد النظام السابق، ما دفع السعودية إلى التسديد لتمكين البنك من صرف هذه المساعدات.
وبصفته عضوًا في فريق العمل السوري المستقل مع البنك الدولي، أوضح أن هذه الأموال كانت مخصصة أصلًا لمحو آثار الزلزال الذي ضرب سوريا، لكن جرى تحويلها بعد رفض محاولة النظام السابق الاستحواذ عليها بالكامل، واليوم تُخصص هذه المنح لصالح الشعب السوري تحت إدارة الحكومة الجديدة.
وأكد أن مشاركة سوريا في الاجتماعات لا تُعدّ استثناءً، فهي ليست دولة معزولة وفق معايير البنك الدولي، بل تُصنَّف كدولة تمر بمرحلة انتقالية من الصراع إلى الاستقرار، وهي مرحلة تستدعي تدخلًا دوليًا لدعم اقتصادها، كما أن هذه المساعدات مجانية وغير مشروطة سياسيًا.
سياسيًا، أشار إلى أن المسؤولين السوريين لن يعقدوا أي لقاءات مع ممثلين عن الإدارة الأمريكية خلال وجودهم في واشنطن، لأن الاجتماعات تقتصر على إطار البنك الدولي، وبالتالي من المبكر الحديث عن أبعاد سياسية مباشرة، إذ تظل الأولوية الآن للشأن الاقتصادي.
من جهته، رأى إحسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موري ستيت في ولاية كنتاكي، أن الخطوة تحمل مؤشرات مهمة على مستوى العلاقة بين الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي من جهة، والنظام السوري الجديد من جهة أخرى، معتبرًا أن هذا النظام فاجأ الجميع بحكمته ونضجه في التعامل مع الأزمات ومع العالم.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن الحضور السوري إشارة إيجابية، تعكس براغماتية ومرونة القيادة الجديدة، منتقدًا ما وصفه بالظلم الذي يحول دون انفتاح دولي أوسع تجاهها، في ظل استمرار العقوبات التي يرى أنها كارثية.
وأشار إلى تغير المعادلات، موضحًا أن سوريا الجديدة تملك أصدقاء أقوياء من الدول العربية ذات العلاقات الجيدة مع واشنطن، ويمكن لهذه الدول، إلى جانب تركيا، أن تلعب دورًا مؤثرًا في ملف العقوبات.
وختم بالإشارة إلى أن تعاون الرئيس السوري الحالي مع الجانب الأمريكي كان مثاليًا، خاصة في ملف الصحفي الأمريكي المفقود، وفي محاربة تجارة الكبتاغون، ما يعزز فرص تطوير العلاقة مستقبلًا.