كثرت في العاصمة اللبنانية بيروت علامات الاستفهام عن الكيفية التي سيرد بها "حزب الله" على عدم انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان كما هو مقرر باتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، في الفترة المحددة، خاصة في ضوء المستجدات التي طرحتها تأكيدات أن إسرائيل طلبت رسمياً من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمديد مهلة الانسحاب المتفق عليها في 28 الشهر الحالي، لفترة أخرى لم يتم تحديدها.
كما طلبت البقاء في 5 نقاط عسكرية بالقطاع الشرقي من الشريط المحتل.
وذكر محللون سببًا إضافيًّا للإطالة في مشاورات تشكيل أول حكومة في العهد الرئاسي الجديد، مع نذر مواجهات لا تستثني الخيارات العسكرية.
ومع تأكيد التقارير المتواترة، ارتفعت في بيروت علامات الاستفهام عن الكيفية التي سيرد بها "حزب الله" على هذا المستجد، وقبله رد رئيس الجمهورية جوزيف عون، خاصة وأن احتمالات عدم التزام إسرائيل بالموعد المفترض للانسحاب، كانت قيد البحث طوال الفترة الماضية، كما شكّلت جزءاً من مفاوضات ماراثون تشكيل الحكومة.
في تقديره لمضامين ومآلات ما استجد في موضوع الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، ينطلق المحلل السياسي جبران الدُرّة من الجديد الملفت وهو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، طلب ترخيصاً مسبقاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتضمن مرابطة دائمة لدواعٍ أمنية، في عدة نقاط عسكرية في جنوب لبنان، وهي مسألة يبدو أنها جديدة على الخيارات التي كانت قيد التداول طوال الشهرين الماضيين.
واستحضر الدرّة في تقييم هذا الطلب الإسرائيلي والرد الأمريكي المحتمل عليه، أن موضوع الحدود الشمالية لإسرائيل تعتبره الطواقم الاستشارية في إدارة ترامب مكملاً لموضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وفي الجولان، فكلاهما يحظى بالتفهم والتأييد من طرف ترامب الذي أصدر في أول أيام إقامته بالبيت الأبيض أوامر إدارية برفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين.
وكانت تقارير الساعات القليلة الماضية، نقلت أن إسرائيل طلبت رسميا من الولايات المتحدة تمديد مهلة الـ60 يوما لفترة لم يتم تحديدها. كما أبلغت لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أنها تحتاج إلى البقاء «وقتاً إضافياً» في القطاع الشرقي من الشريط اللبناني المحتل، فيما ستغادر نهائياً القطاعين الأوسط والغربي مع الموعد المحدد للانسحاب.
وجاء في التقارير المتداولة أن إسرائيل طلبت الاحتفاظ بـ5 نقاط عسكرية، وهو ما سيُبتّ فيه خلال اجتماع الكابينت الأمني والسياسي في جلسة خاصة اليوم.
كما تأكد أن لبنان، ممثلاً برئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، يواصل مع الإدارتين الأمريكية والفرنسية، الحث على تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي ضمن المهلة بحلول مساء الأحد المقبل. كما أبلغ لبنان الأمريكيين أن عدم الانسحاب في الوقت المحدّد يعقّد مهمة انتشار الجيش ويشكل ضربة للجهود الدبلوماسية.
الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، نعمان جوهر الطنيب، قرأ في تلك المستجدات ما يتجاوز التقديرات التي كانت سائدة طوال الشهرين الماضيين، وهي التي اندرجت ضمن الجدل في موضوع نزع سلاح "حزب الله" واعتماد الجيش كطرف وحيد يتحمل مسؤولية الأمن الوطني.
وبتقدير الطنيب أن الترتيبات التي تعمل عليها إسرائيل الآن، وتتطلب إقراراً أمريكياً لها، أحدثت خللاً في السياقات التي تم التفاهم عليها بين الكتل اللبنانية الرئيسية في مفاوضات تشكيل الحكومة؛ ما يرجح أن يمتد التأخير في استكمال التشكيل الوزاري، انتظاراً لما سينتهي إليه موضوع الانسحاب الإسرائيلي.
ويستذكر أن الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، كان وضع حداً يفصل المسار السياسي عن وضع المقاومة، وترك موضوع الرد على الخروقات الإسرائيلية والمماطلة في الانسحاب، رهن القرار المنفرد والتوقيت الخاص الذي يحدده "حزب الله".
ويخلص الطنيب في قراءته لمستجدات موعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، إلى القول إنها تندرج في المشهد الإقليمي كتصعيد مكمّل لما يجرى الآن في الضفة الغربية، من زاوية أن لبنان والضفة، جبهات يواصل فيها الجيش الإسرائيلي ما عجز عنه في غزة.