مصلحة الضرائب الداخلية الأمريكية تخطط لإلغاء الإعفاء الضريبي لجامعة هارفارد
أثار تصريح المسؤول الإيراني، الذي زعم فيه تخلي طهران عن الحوثيين، تساؤلات عدة حول جدية الموقف واستعداد النظام في إيران للتخلي عن آخر أذرعه وأهمّ أوراقه الرابحة في المنطقة.
خبراء وباحثون ومراكز دراسات أجمعوا على أن التصريح الذي نقلته "تيليغراف" ما هو إلا سياسة إلهاء ومماطلة تمارس فيها طهران نوعا من التقية، بهدف تشتيت الأنظار، مؤكدين أنها مجرد مناورة سياسية لتخفيف الضغط وتضليل الخصوم.
واعتبر الخبير العسكري اليمني العميد خالد النسي، أن تصريح المسؤول الإيراني حول تخلي طهران عن الحوثيين في ظل تهديدات ترامب "بمثابة تقية ومجرد أكاذيب اعتاد عليها النظام الإيراني الذي يلعب على التسويف والمماطلة والنفس الطويل"، وفق قوله.
وجزم الخبير النسي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن إيران لا يمكن أن تتخلى عن الحوثيين، فهي من أعدتهم ورعتهم منذ العام 1992، وعملت منذ ذلك الوقت على مواجهة الإقليم والمجتمع الدولي من خلال الإنفاق على الحوثيين ودعمهم.
وأضاف "من المستحيل أن تتخلى إيران عن الحوثيين بعد أن مدتهم بالقدرات العسكرية والخبراء الذين يتواجدون حاليا في اليمن".
وبين النسي أن الحوثيين بالنسبة لإيران ورقة رابحة، وأنها "مستميتة" عليها، مشيرا إلى أن تصريح المسؤول الإيراني لا يعدو عن كونه وسيلة لتخفيف الضغوط الأمريكية عنها.
وتابع أن "الهجمات الأمريكية الحالية على اليمن موجهة بدرجة أولى لإيران لاخضاعها وليس للقضاء على الحوثيين، حيث إنه صراع أمريكي إيراني على أرض يمنية، وإذا تخلت طهران عن الحوثيين فسيكون بداية النهاية بالنسبة لها".
وأكد النسي أن الدعم المقدم للحوثيين لا يزال مستمرا، مستطردا "قبل أيام ضبطت شحنة من الطائرات المسيرة في أحد المنافذ اليمنية الشرقية، كما يحصلون على الإمدادات من خلال ميناء الحديدة وبتواطؤ من منظمة الغذاء الدولية".
ولفت إلى أن الحوثيين لا يزالون يحصلون على تسهيلات ودعم من قبل بعض الدول الأفريقية، مبينا وجود تواطؤ ومساعدات من قبل دول إقليمية.
وأضاف النسي "إيران خلقت لها أذرعا في أكثر من منطقة عربية من العراق إلى سوريا إلى لبنان وغزة واليمن. كانت تتلاعب بهذه الأذرع لتخفيف الضغط عنها وممارسة التهديدات فيما يتعلق بزعزعة استقرار المنطقة وتهديد الملاحة الدولية من خلال السيطرة على مضيق باب المندب ومضيق هرمز".
وأوضح أن إيران لا تستطيع الوقوف في إطارها الجغرافي فقط، لذلك عملت على مبدأ تشتيت الضغوط الموجهة عليها من قبل المجتمع الدولي "عن طريق أذرعها التي انتهت عمليا بعد أن زرعت الإرهاب والفوضى والجهل واللصوصية أينما تواجدت".
وتابع "كان اعتماد إيران بدرجة كبيرة سابقا على ميليشيا حزب الله والنظام السوري وحركة حماس، ولكن بعد أن فقدتهم، يأتي اعتمادها على الحوثيين بشكل أساسي نظرا للموقع الجغرافي المهم والذي لا يمكن لإيران التفريط فيه".
من جهته، قال رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر، إن ما نشرته صحيفة "التيليغراف" البريطانية نسب إلى مسؤول إيراني كبير. وهو مجرد تسريب لا يمكن الاعتماد عليه.
وأضاف في حديث لـ"إرم نيوز"، أن هذا التسريب يهدف لتلبية أحد المطالب الأمريكية التي وردت في رسالة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وهو مطلب إنهاء إيران سياسة دعم الميليشيات الإقليمية.
وأكد بن صقر أن "إيران لا تستطيع تكذيب هذا الخبر. لكون التكذيب يعني افتراضا استمرار دعمها للحوثي وهو أمر لا ترغب تأكيده في هذه الظروف".
الباحث بمركز الحبتور للأبحاث، مصطفى أحمد، أوضح أنه من غير المرجح أن تكون هذه التصريحات تعبيرا عن تخلّ كامل وفوري عن دعم الحوثيين، بل قد تكون جزءا من مناورة سياسية أو استراتيجية لتخفيف الضغط وتضليل الخصوم، وفق قوله.
وأكد في حديث لـ"إرم نيوز" أنه من الصعب الجزم بشكل قاطع بجدية ومصداقية هذه التصريحات لعدة أسباب.
أول هذه الأسباب، "توقيت وسياق الخبر حيث تأتي هذه التصريحات في ظل توترات إقليمية مستمرة، بما في ذلك التهديدات التي صدرت من إدارة ترامب".
أما الثاني، بحسب أحمد، فـ"طبيعة العلاقة بين إيران والحوثيين معقدة ومتشعبة. فهناك دعم أيديولوجي وسياسي وعسكري تقدمه إيران للحوثيين، ومن غير المرجح أن تتخلى إيران بشكل كامل وفوري عن جماعة تعتبرها حليفا استراتيجيا في منطقة ذات أهمية جيوسياسية لها".
وأضاف أحمد، أنه "من المستبعد أن تتخلى إيران بسهولة عن الحوثيين، الذين يعتبرون أحد أهم أذرعها في المنطقة. الحوثيون يسيطرون على مناطق استراتيجية في اليمن ويشكلون قوة إقليمية مؤثرة. التخلي عنهم يعني خسارة نفوذ كبير لإيران في منطقة حساسة".
ومع ذلك، أبان الباحث في مركز الحبتور أن إيران تقوم بتعديل طبيعة الدعم أو مستواه بناءً على الظروف والضغوط، حيث قد تلجأ إلى تقليل الدعم العلني أو المباشر، أو تغيير آليات الدعم.
وأردف "لكن من غير المرجح أن تتخلى عنهم بشكل كامل ما لم تكن هناك تسوية سياسية شاملة في اليمن تضمن مصالحها بشكل أو بآخر".
في السياق، يقول الباحث مصطفى أحمد إن تصدير الثورة، كان ولا يزال أحد المبادئ الأساسية للجمهورية الإسلامية في إيران منذ تأسيسها، ومع ذلك، شهد هذا المشروع تحولات وتطورات على مر السنين.
وتابع "يبدو أن هناك تحولا في السنوات الأخيرة نحو براغماتية أكبر في السياسة الخارجية الإيرانية، حيث أصبحت الأولوية بشكل متزايد في الحفاظ على النظام ومواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية الداخلية والخارجية".
علاوة على ذلك، أوضح أحمد أن مشروع تصدير الثورة، بما في ذلك دعم الحركات والجماعات الموالية في المنطقة، يحمل تكاليف باهظة اقتصاديا وسياسيا، حيث قد تدفع هذه التكاليف إيران إلى إعادة تقييم أولوياتها واستراتيجياتها.
ومن غير المرجح بحسب الخبير مصطفى أحمد، أن تتخلى عنه إيران بشكل كامل، فهو جزء أساسي من هويتها الأيديولوجية، لكن من الممكن أن تشهد استراتيجيات تنفيذه تعديلات وتطورات بما يتناسب مع الظروف والتحديات الراهنة، وفق قوله.
ووفق الخبير مصطفى أحمد، فإنه ليس من السهولة بمكان لإيران أن تتخلى عن الحوثيين، حيث سبق أن استقطبت قيادات الحركة الحوثية إلى مدينة قم لتلقي التعليم الديني والأيديولوجي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي؛ ما يمثل استثمارا طويل الأمد في بناء جيل من القادة الموالين والمتبنين لفكر إيران.
وبين أن هذا النوع من الاستثمار الأيديولوجي يخلق رابطا قويا يصعب فكّه بسهولة.
وأكد على أن الدعم العسكري الذي أسهم في تحويل الحوثيين إلى قوة مؤثرة في جنوب الجزيرة العربية لم يكن ليتحقق لولا الدعم المالي المستمر من إيران، مستطردا "هذا الدعم خلق اعتمادا كبيرا من جانب الحوثيين على إيران، وفي المقابل، عزز نفوذ طهران في المنطقة".
ولفت إلى أن التخلي عن الحوثيين سيمثل خسارة إيران لإحدى أهم أوراقها الرابحة في المنطقة، وسيؤدي ذلك إلى تراجع نفوذها في جنوب الجزيرة العربية وتقويض قدرتها على التأثير في الصراعات الإقليمية.
وبحسب مصطفى أحمد فإن العلاقة بين إيران والحوثيين تجاوزت مجرد تحالف تكتيكي لتصبح شراكة استراتيجية عميقة الجذور، مضيفا أن "فك هذه الشراكة يتطلب أكثر من مجرد قرار سياسي عابر، بل قد يتطلب تغييرات جوهرية في استراتيجية إيران الإقليمية وأولوياتها".
وعلى الرغم من أن الظروف والضغوط التي قد تدفع إيران إلى تعديل شكل أو مستوى دعمها للحوثيين، إلا أن التخلي الكامل عنهم وفق الخبير مصطفى أحمد يبدو خيارا صعبا ومكلفا للغاية على المدى الطويل.
وتابع "من المرجح أن تستمر إيران في دعم الحوثيين طالما أنهم يخدمون مصالحها ويسهمون في تحقيق أهدافها الإقليمية".
وأشار الباحث بمركز الحبتور للأبحاث إلى أنه من الوارد جدًا أن يكون هناك اتفاق ضمني أو تفاهمات غير معلنة سبقت هذا التصريح، حيث إنه في العلاقات الدولية والإقليمية المعقدة، غالبا ما تتم وراء الكواليس مفاوضات وتفاهمات لا يتم الإعلان عنها صراحة، وفق قوله.
وبين أحمد أنه قد يكون التصريح جزءا من جهود واسعة لتهدئة التصعيد في المنطقة، مشيرا إلى أن إيران قد تكون تسعى لإظهار استعدادها لتقديم تنازلات معينة مقابل تخفيف الضغوط أو فتح قنوات للحوار مع خصومها.
كما قد يكون هذا التصريح وفق أحمد بمثابة رسالة مبكرة لإظهار استعداد إيران لنهج جديد في التعامل مع قضايا المنطقة، بما في ذلك اليمن.
وأردف "قد يتناول هذا التفاهم الضمني قضايا أخرى، فعلى سبيل المثال، قد تكون إيران تسعى للحصول على تنازلات في ملف آخر مقابل إظهار ليونة في ملف اليمن".
ورجح أحمد أن يكون هناك تنسيق غير مباشر مع أطراف إقليمية تسعى إلى حل سياسي في اليمن، حيث قد يهدف هذا التصريح إلى خلق مناخ إيجابي للمفاوضات.
ومن الاحتمالات وفق الباحث مصطفى أحمد أن تكون الضغوط الداخلية والخارجية قد دفعتها إلى تسريب هذا التصريح كما أنه قد يكون وسيلة لإظهار استجابتها لهذه الضغوط دون الإعلان عن تنازلات صريحة.
من جهته، قال الخبير اليمني في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية علي الذهب، إنه "حتى الآن لا يوجد مصدر رسمي يحدد موقف إيران من الحوثيين، كما لا يمكن الأخذ بهذا التصريح على محمل الجد لأبعاد مختلفة، أولا لأنه مجرد تسريب إعلامي يهدف للمناورة السياسية، وثانيا لأن إيران لا يمكن أن تتخلى عن الحوثيين كونهم إحدى أوراق الضغط التي تناور بها إيران في مفاوضاتها بشأن البرنامج النووي".
وأضاف الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "إيران تقصد بهذا التسريب إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة بأنها سترفع يدها عن الحوثيين".
وأشار إلى أن "مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي لدى الحوثيين تلقى اتصالا من الرئيس الإيراني قبل فترة وجيزة وهذا الاتصال حمل معايدة ومناقشة قضايا".
وتابع: "هنا يأتي هذا التسريب بمغزى يدلل على أن هناك تفاهما قد أجري بين إيران والحوثيين".
وأضاف الذهب، أن "ما يدحض هذا التسريب أن الولايات المتحدة لا تزال تفرض عقوبات على كيانات وشركات إيرانية متهمة بدعم جماعة الحوثي، وفي هذا السياق الكامل فإن إيران رسميا لم يثبت عنها البتة أنها تدعم الحوثيين".
واستطرد: "كانت الإشارة إلى وجود كيانات محلية داخل إيران تدعم الحوثيين وهذه الكيانات عابرة للحدود سواء كانت الحرس الثوري عن طريق فيلق القدس ووكلائه في المنطقة مثل حزب الله العراقي والنجباء، فضلا عن الحوزات والزعماء الدينيين في إيران نفسها الذين يمدون الحوثيين بالدعم اللوجيستي المختلف".
ويستبعد الذهب، أن تتخلى إيران عن الحوثيين، معتبرا أن الغرض من هذا التسريب هو تخفيف الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة على الحوثيين وترك مساحة للمناورة وجذب واشنطن للتفاوض.
أما عن مشروع الثورة، فقال خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية اليمني إن هنالك رؤية جديدة داخل النظام السياسي الجديد في إيران حول موضوع التمدد، مبينا أن بعد انحسار إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، فإن لها علاقة جديدة مع دول الجوار بالتركيز على الجانب الداخلي والحؤول دون وقوع طهران في صدام دولي وإقليمي خصوصا في الظروف الراهنة.
وتابع أن "مشروع تصدير الثورة تراجع خلال العقد الماضي نسبيا، ولكن فواعل العنف الموجودة في المنطقة كانت بأمس الحاجة لدعم إيران لتثبيت حكمها، سواء كانت في العراق أو لبنان أو في اليمن على وجه الخصوص".
وبين أن مشروع الثورة الإيرانية كان من أجل تثبيت دعائم الحكم في الداخل وإرساء منصات دفاع لإيران خارج جغرافيتها وتقاتل بالنيابة عنها لكي تتفرغ للمشروع الأكبر والاستراتيجي وهو المشروع النووي.
ولفت الذهب، إلى أن "المرحلة القادمة إن لم تندلع المواجهة بين أمريكا وإيران، أتصور أن يكون هناك التفاتة أكبر داخل طهران نظرا لما يواجهه النظام من تحديات اقتصادية وسياسية، فضلا عن موجة التغيرات في الإقليم التي قد تمتد إلى إيران".
وأوضح الخبير علي الذهب أن الحوثيين استفادوا من إيران بإرساء دعائم حكمهم، ولديهم القدرة والاستعداد على التخلي عن إيران، لكنهم يستفيدون من إيران بوصفها المصدر الأساسي للتمويل، وفق قوله.
وأكد الذهب، أن الحوثيين لديهم مشروعهم الخاص ويريدون أن يكون قوة إقليمية كإيران، مبينا أن الحوثيين يمثلون رأس هلال شيعي شرق أفريقي، تزرعه إيران للعقدين المقبلين.
وتابع "يمتد الهلال الشيعي هذا من كينيا مرورا بالقرن الأفريقي وصولا إلى شمال اليمن، وهم يؤسسون لهذا لكنهم يخفون هويتهم الدينية الجارودية".
وأضاف الذهب، أن "الحوثيين لديهم ارتباطات مع جماعة الشباب الصومالية، كما أن هناك تنسيقا مع تنظيم القاعدة في الداخل، وامتدت نحو جماعة الشباب في الصومال، كما أن زعيم تنظيم القاعدة يقيم في إيران"، وفق قوله.
الإنفاق الإيراني على الحوثيين
وبحسب مراكز دراسات، قدمت إيران دعما عسكريا للحوثيين، بما في ذلك الأسلحة والتدريب، وقد تم الإبلاغ عن شحنات أسلحة إيرانية.
ويعتبر الدعم الإيراني للحوثيين جزءا من استراتيجيتها الأوسع لمواجهة الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة؛ ما يجعل الحوثيين ورقة مهمة في الصراع الإقليمي.
وتشير الدراسات إلى أن الدعم الإيراني للحوثيين قد يتراوح بين 100 مليون إلى 200 مليون دولار سنويا.