مبعوث ترامب: المحادثات مع روسيا بشأن حرب أوكرانيا تنعقد الأحد المقبل في جدة
تجدد التوتر بين الجزائر وباريس، المرتبط أساسا بإرث الاستعمار؛ بسبب تصريحات المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الفرنسية إريك زمور، بعدما زعم أن "الغزاة جلبوا الحضارة لدولة لم تكن يوما أمة". وسرعان ما أثارت أقواله ردود فعل غاضبة، لا سيما من جانب مؤرخين فرنسيين متعاطفين مع الجزائر.
وجاء أبرز رد على لسان المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا، المعروف بعمله في تاريخ الاستعمار، ليُعيد إثبات العديد من الحقائق التاريخية التي تدحض هذه الرؤية الاختزالية للجزائر ما قبل الاستعمار.
وأكد ستورا عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس"، أن إيالة الجزائر، كانت كيانا سياسيا واقتصاديا قويا في ذلك الوقت. وذكّر أنها "هي التي أقرضت فرنسا، التي كانت آنذاك في خضم أزمة مالية خلال الثورة الفرنسية. وهذه التفاصيل غالباً ما يتم تجاهلها في الروايات التاريخية، ولكنها ضرورية لفهم العلاقة بين البلدين قبل الاستعمار "، حسب قوله.
وأضاف المؤرخ بنيامين ستورا، أن رفض فرنسا سداد هذا الدين أدى إلى حدث رمزي معروف باسم "حادثة المروحة" عام 1827. وخلال هذه الحادثة، ضرب داي الجزائر، من شدة انزعاجه من سلوك القنصل الفرنسي، هذا الأخير بمروحة.
وقد استخدمت فرنسا هذا الفعل كذريعة لتبرير غزو الجزائر عام 1830. وبالنسبة لستورا، فإن هذه الحلقة توضح الدوافع السياسية والاقتصادية التي أدت إلى الاستعمار، وليس عملا من أعمال "الحضارة" كما يحلو للبعض أن يدّعي.
ووثّق ستورا في أعماله الفظائع التي ارتكبتها فرنسا، مثل المجازر، والاستيلاء على الأراضي، ومحو الثقافات المحلية، والاستغلال الاقتصادي للجزائريين؛ إذ لم يجلب الاستعمار الفرنسي "الحضارة"، بل فرض نظاما قمعيا ومدمرا على السكان المحليين، بحسب المؤرخ الفرنسي.
أما بالنسبة إلى ريما حسن، وهي ناشطة في مجال ما بعد الاستعمار الفرنسي، فاعتبرت تصريحات زمور خطيرة، مؤكدة ضرورة أن تعترف باريس بمسؤولياتها تجاه الجزائر، وألا تكتفي بالاعتذارات البسيطة. وذكرت النائبة من أصول فلسطينية في تصريحات لها أن فرنسا "ذبحت ثلث الشعب الجزائري وعذبت وقتلت واغتصبت ونهبت".
كما أشارت إلى استخدام الأراضي الجزائرية لإجراء التجارب النووية، مما خلف إرثًا من النفايات المشعة يقدر عمرها الافتراضي بـ24 ألف عام، وهو جانب آخر منسي أو تم التقليل من أهميته من الاستعمار.
الصحفي المتخصص في التاريخ والمناهض للاستعمار، جون ميشال أباتي، خصّ إيريك زمور بردّ في منشور على منصة "إكس"، واصفا إياه بأنه كاذب سواء بإخفاء الحقائق أو إغفالها.
وقال أباتي إن تقديم احتلال الجزائر في 5 يوليو 1830 على أنه دفاع عن حقوق الإنسان، مثل محاربة استعباد المسيحيين، أو حماية القانون البحري ضد القرصنة، مثلما قال زمور، هو طرح خاطئ.
وأوضح أن العبودية، التي تقبلتها جميع الدول الأوروبية لقرون، كانت في تراجع في الجزائر آنذاك، وأن الأسطول الجزائري كان قد تم القضاء عليه من قبل البحرية البريطانية قبل ذلك بسنوات.
وذهب أباتي، إلى أن زمور يتجاهل دائما حقيقة أساسية، وهي أن فرنسا، اعتبارا من عام 1840، قررت تحويل الجزائر إلى "مستعمرة استيطانية".
وكان السياسي اليميني المتطرف زمور أطلق تصريحات مستفزة في صفحته على "فيسبوك"، مكررا الأسطوانة المُبرّرة للاستعمار بأن "الجزائر لم تكن يومًا أمة، ولا شعبًا، ولا دولة، ولا كيانًا ذا سيادة".
وقال إن "الجزائر كانت قاعدة للقراصنة البربر الذين نشروا الرعب في البحر الأبيض المتوسط، حيث قاموا بالنهب والقتل والعبودية"، وفق تعبيره، متسائلًا: "من سيدفع تعويضات عن ذلك؟".