حظرت المعاهدات الدولية القائمة منذ مدة طويلة إجبار الناس على مغادرة أراضيهم والاستيلاء عليها، وشدد خبراء على أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على قطاع غزة تصل إلى حد الرفض الصارخ للمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
وقال ترامب إنه يرغب في "إعادة توطين" الفلسطينيين من قطاع غزة في مصر والأردن، وهدم المباني المتبقية لإفساح المجال لمشروع تنمية على طراز (ريفييرا)، ووضع الأراضي المحتلة تحت "ملكية" الولايات المتحدة.
وفيما يلي عرض لتداعيات خطط ترامب بموجب القانون الدولي:
قال ترامب إن "الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وسنبذل جهودا معه أيضا.. أرى وضع ملكية طويل الأمد".
وتعتبر الأمم المتحدة وأعلى محكمة في المنظمة، وهي محكمة العدل الدولية، قطاع غزة جزءا من الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
ويحظر القانون الدولي الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهو ما يعرف بأنه عمل عدواني.
وينص ميثاق الأمم المتحدة على أن "جميع الأعضاء يمتنعون في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة وعن استخدامها ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي".
وقال مايكل بيكر، وهو أستاذ مساعد في قانون حقوق الإنسان الدولي في كلية ترينيتي بدبلن، "في نهاية المطاف، يصل اقتراح الرئيس ترامب إلى حد الرفض الصارخ للمبادئ الأساسية للقانون الدولي السارية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الأقل واعتماد ميثاق الأمم المتحدة".
وأشار بيكر إلى أنه في حال أعلنت الولايات المتحدة ملكيتها لقطاع غزة "فإن هذا سيصل إلى مستوى الضم غير القانوني للأراضي. كما أنه لا يحق لإسرائيل التنازل عن أراض فلسطينية للولايات المتحدة أو لأي جهة أخرى".
وأكدت جانينا ديل، العضوة في إدارة معهد أكسفورد للأخلاق والقانون والصراع المسلح والمتخصصة في القانون الإنساني الدولي، قائلة: "لا توجد ظروف يجوز فيها الاستيلاء على الأراضي بالقوة. والحجة القائلة بأن ذلك يعود بالنفع على السكان هناك أو في أي مكان آخر لا معنى لها من الناحية القانونية حتى لو كانت صحيحة من الناحية الواقعية".
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، تقع مسؤولية تعريف الأفعال بأنها عدوانية والرد عليها على عاتق مجلس الأمن، إذ تتمتع الولايات المتحدة بعضوية دائمة وحق النقض (الفيتو).
كما أن العدوان هو أيضا من الجرائم التي يمكن ملاحقة مرتكبها أمام المحكمة الجنائية الدولية. والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، لكن المحكمة أكدت وقوع الأراضي الفلسطينية ضمن اختصاصها، بما في ذلك ما ترتكبه دول غير أعضاء من أفعال في هذه الأراضي.
تقول ديل إن "إعادة توطين سكان غزة الفلسطينيين قسرا تشكل جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الترحيل أو التهجير القسري".
ويزعم ترامب أن الفلسطينيين في غزة يريدون المغادرة لأن الوضع أصبح خطيرا. لكن حتى الآن لا يوجد أي مؤشر على أن السكان، الذين كان عددهم 2.3 مليون نسمة قبل الحرب، يرغبون في المغادرة.
وتحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 النقل القسري أو ترحيل الأشخاص المحميين في الأراضي المحتلة.
ووفقا لنظام روما وهو الوثيقة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، فإن "مصطلح (قسرا) لا يقتصر على القوة البدنية، بل قد يشمل التهديد بالقوة أو الإكراه، مثل ذلك الناجم عن الخوف من العنف أو الإكراه أو الاحتجاز أو القمع النفسي أو إساءة استخدام السلطة ضد الشخص المعني أو الأشخاص أو شخص آخر، أو من خلال استغلال بيئة قسرية".
وقالت ديل إنه من المرجح أيضا ارتكاب جرائم أخرى واسعة النطاق ضد الفلسطينيين لإبعادهم من غزة.
وأوضحت قائلة "إن حجم مثل هذا التعهد ومستوى الإكراه والقوة المطلوبة يعني أن هذا من المرجح أن يبلغ مستوى هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين".
وأشار ترامب إلى أنه لا يتصور عودة سكان غزة بعد مغادرتهم.
ومنعهم من العودة سيعد أيضا انتهاكا للمبادئ القانونية الدولية التي بموجبها يحتفظ السكان النازحون بالحق في العودة إلى الأراضي التي فروا منها.
وقال بيكر إن الإخلاء القانوني من قبل قوة احتلال "لا يمكن أن ينطوي على إرسال الناس إلى دولة ثالثة، ولا يمكن أن يكون ذريعة للتطهير العرقي أو تهجير السكان من المنطقة إلى أجل غير مسمى أو على أساس دائم".
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن إخراج السكان من غزة "من شأنه أن يخلق خطرا كبيرا يجعل إعلان دولة فلسطينية أمرا مستحيلا إلى الأبد".