كيف نفذت إسرائيل عملية "بيجر حزب الله"؟‎

يرى خبراء أمنيون ومحللون أن تفجير أجهزة تلقي الإشعارات "البيجر" الخاصة بعناصر ميليشيا حزب الله في لبنان، تم وفق "سيناريو واحد" وهو عملية التفخيخ وتفجيرها عن بعد.

وأعلن لبنان أن حصيلة ضحايا انفجار الأجهزة بلغت 12 قتيلاً، ونحو 2800 إصابة، مما أضاف ضغطا كبيرا على القطاع الصحي في بلد يواجه أزمات كبيرة.

وحمل "حزب الله" إسرائيل المسؤولية عن الانفجارات، التي جاءت بعد ساعات من إعلان إسرائيل توسيع أهداف الحرب ضد حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة لتشمل حدودها الشمالية مع لبنان.

نوع المتفجرات

ورجح الخبير الأمني والمتخصص في مكافحة الإرهاب، محمد المعاني، أن تكون الجهة التي فجرت أجهزة تلقي الإشعارات "البيجر" الخاصة بعناصر ميليشيا حزب الله في لبنان، استخدمت متفجرات "PETN".

وقال المعاني وهو عقيد أردني متقاعد، لـ"إرم نيوز"، إن هناك نوعين من المتفجرات يصنع منهما أخطر الأنواع في العالم وهما مادتا "RDX" و"PETN".

وأضاف :" غالبا المادة المستخدمة في التفجير من هذين النوعين والأقرب هي PETN".

ويشير اختصار "PETN" إلى مصطلح (PentaErythritol TetraNitrate) أو (رباعي نترات خماسي ايريثريتول)، وهي نوع متفجرات عالية القوة.

وأكد المعاني أن "5 غرامات إلى 20 غراما من هذا النوع كافية لإحداث ضرر مماثل لما ظهر في الفيديوهات المتداولة للحظة انفجار أجهزة البيجر"، مستبعدا الروايات التي تتحدث عن الحاجة إلى زرع كمية كبيرة من المتفجرات في "البيجر" خاصة أن حجمه صغير.

 

سيناريوهات التفخيخ والتفجير

وأشار الخبير الأمني إلى أن الفرضية التي تتحدث عن التسخين الخاص ببطاريات الأجهزة "غير واقعية وغير علمية"، مبينا أن الأمر الأقرب للواقع هو المتفجرات.

ووفق المعاني هناك عدة خيارات لـ"سيناريو واحد" لزراعة المتفجرات، وهو عبر سلسلة التوريد التي تبدأ من النقطة الأولى المتمثلة بعملية التصنيع وحتى وصولها إلى النقطة الأخيرة بأيدي المستخدمين.

ويرى الخبير في مكافحة الإرهاب أن عملية زراعة المتفجرات في النقطة الأولى من سلسلة التوريد خلال الصناعة لا تصلح استخباريا في ظل أن المصنع سيكون مراقبا، إضافة إلى استحالة تفخيخها خلال النقطة الأخيرة بعد وصولها للمستخدمين.

ونوه العقيد المتقاعد إلى أن الخرق في العملية يكون أقرب للنصف الأول من سلسلة التوريد، أي بعد تجهيز الشحنة ونقلها، خاصة إذا تمت عن طريق البحر التي تحتاج إلى أسابيع.

ولا يستبعد الخبير الأمني أن تكون الجهة التي تقف وراء تفجير أجهزة "البيجر" قد وضعت أجهزة أخرى داخلها خلال عملية التفخيخ للتجسس وتسهيل تفجيرها بوقت متزامن، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأجهزة يعمل بموجات الراديو وأنظمة الاتصالات؛ وبالتالي اختراقها "أمر وارد".

 خرق أمني

ويؤكد المحلل السياسي، عامر ملحم، أن "الحادثة تؤكد مجددا هشاشة الوضع الأمني بالنسبة للميليشيات التابعة لإيران، مما يسهل على جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) الوصول بسهولة إلى ما يريد".

وقال ملحم لـ"إرم نيوز" إن "ما حدث يعني أن جهاز الموساد لديه معلومات كاملة عن جميع صفقات حزب الله، وفي مرحلة ما كان قادرا على الوصول إلى أجهزة البيجر وتفخيخها بكل سهولة قبل نقلها إلى حزب الله لاستخدامها كسلاح غير متوقع عند الحاجة".
وأضاف أن "حسن نصرالله عبر سابقا عن مخاوفه من أنظمة الاتصالات واختراقها بعد أن حذر أتباعه من استخدام أجهزة الهاتف المحمول، لكنه لم يكن يتوقع أن تأتي الضربة عبر البيجر".

و"البيجر" هو جهاز صغير يسهل حمله لاستقبال الرسائل أو رقم الشخص الذي يحاول الاتصال، وتستعمله ميليشيا حزب الله، نظرا لأنه غير قادر على الاتصال بالإنترنت لتوفير حماية أكبر من التعقب.

ويؤيد خبراء أمريكيون أن ما جرى كان عبارة عن عملية تفجير عن بعد لمتفجرات زرعت داخل الأجهزة.

 

 ورجحت نائبة مدير برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إميلي هاردينج، أن تكون إسرائيل "تسللت إلى سلسلة التوريد التي يستخدمها حزب الله لأجهزة الاتصال الخاصة به، حيث وجدت طريقة لتجهيزها فعليا للانفجار".

ورغم أن الهجوم الإلكتروني وارد، إلا أنها قالت إنها استبعدت ذلك بالنظر إلى طبيعة أجهزة "البيجر المنخفضة التقنية للغاية".

وقالت إن أجهزة الاستدعاء لا تستطيع التقاط الصوت، ولا تحتوي على كاميرات، وبالتالي فهي تشكل خطرا أقل من الهواتف المحمولة عندما يتعلق الأمر بمراقبة الحركات والاجتماعات، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

وذهب رئيس مركز سيلفرادو بوليسي أكسيليريتور، وهو مركز أبحاث للأمن القومي، ديمتري ألبيروفيتش، إلى أن ما حدث "ربما يكون الهجوم الأكثر شمولا على سلسلة التوريد في التاريخ من خلال استبدال الأجهزة المستوردة بأخرى تحتوي على متفجرات وتشغيلها جميعًا في الوقت نفسه".

وأضاف أن العملية تطلبت "اتخاذ قرارات استخباراتية بشأن الربح أو الخسارة"، مشيرا إلى أن "إسرائيل كان عليها أن تزن فوائد إصابة عناصر حزب الله عبر الوصول إلى أجهزة اتصالاتهم بفترة أطول، وهو ربما يعطيها ميزة استخباراتية أكبر".