الرئاسة الفرنسية: ماكرون يستقبل غدا الخميس وزير الخارجية الأميركي والمبعوث ويتكوف
قال خبراء في الشأن الإسرائيلي إن الخسائر البشرية للجيش الإسرائيلي باعتراف تل أبيب في جنوب لبنان، لم تكن ضمن التصورات القائمة أو المنتظرة، الأمر الذي سيلقي بظلاله وسيكون له إسقاطات وانعكاسات على المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية وطبيعة الحكومة.
وفي وقت تتصاعد فيه توقعات بإقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي كان على رأس المعارضين للهجوم البري على جنوب لبنان، على عكس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يتأثر الداخل الإسرائيلي بتلك الخسائر، لاسيما أن ما يحدث يأتي ضمن قضايا تخيف الإسرائيليين في المطلق، على حد قول خبراء.
ورأى محللون أن ما يسيطر على "نتنياهو" في معركة الهجوم البري على جنوب لبنان ، هو "جنون العظمة" رغبة في أن يذكره التاريخ على أنه استطاع إسقاط أسطورة الجنوب اللبناني بعد ما حدث للجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 .
وكانت قد أفادت وسائل إعلام عبرية، حتى الأحد الماضي، بمقتل نحو 27 جندياً وضابطاً في معارك جنوب لبنان وغزة خلال الأسبوع الأخير، إضافة إلى إصابة 88 عسكرياً في معارك لبنان خلال 18 ساعة.
وأشارت إلى مقتل 4 ضباط وجنود إسرائيليين وإصابة 5 آخرين بجروح خطيرة في معارك جنوب لبنان مع ميليشيا حزب الله ، في وقت سمح الجيش الإسرائيلي بنشر أسماء 4 جنود قتلوا وإصابة 14 آخرين في كمين بجنوب لبنان.
ويقول الخبير المتخصص في الشأن الإسرائيلي، د.نزار نزال، إن خسائر الجيش الإسرائيلي أصبح خبراً صادماً على الشارع وسط تناول مكثف ودقيق من جانب الإعلام العبري، ويبدو أنه سيلقي بظلاله على قرارات كبيرة داخل المؤسسة العسكرية في تل أبيب.
ويوضح في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن حالة من التوتر تطفو على السطح بين "نتنياهو" ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، علماً أن الأخير ، كان من المعارضين للهجوم البري على جنوب لبنان، لكن الأمور أخذت منحى آخر، في ظل ما طلبه "نتنياهو" من الشارع الإسرائيلي، بتحمل فاتورة هذا الهجوم، حتى لا يتم التعرض لسيناريو الـ7 من أكتوبر عبر الجنوب اللبناني، ولكن لم يكن من المتوقع أن تصل الفاتورة إلى هذا الحجم.
وأشار "نزال" أن ما آلت إليه الأوضاع في عمليات الجنوب اللبناني البرية من جانب الإسرائيليين، بعشرات القتلى ومئات الجرحى، لم يكن قائماً ضمن تصورات الداخل، وهو ما سيلقي بظلاله وسيكون له إسقاطات وانعكاسات على المؤسسات العسكرية والأمنية وطبيعة الحكومة الإسرائيلية.
ويتوقع "نزار" في هذا الصدد، إقالة "غالانت" في القريب العاجل بسبب انتقاده لطبيعة العمليات العسكرية وعدم موافقته على الكثير من الخطوات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، لافتاً إلى أنه في حال استمرار نزيف القوات الإسرائيلية، سيكون هناك حركة بالشارع وارتدادات من جهة أخرى، على مكانة "نتنياهو" بين أنصاره".
وتابع "نزار" أنه في حال ذهاب إسرائيل إلى انتخابات، ستؤثر هذه الوضعية على حزب الليكود وتواجد "نتنياهو"، لاسيما أن ما يحدث يأتي ضمن قضايا تخيف الإسرائيليين في المطلق؛ لأن أهم شيء بالنسبة لهم، عدم دفع الثمن بالدم لاسيما أن العملية العسكرية في جنوب لبنان، لم تأت بأي ثمار ولم تحقق إسرائيل أي إنجاز فيما يتعلق بالواقع العسكري وما يقوم به "حزب الله".
واستكمل "نزار" أن هناك قتلى في صفوف الجيش بشكل كبير وعدم قدرة على الدخول والسيطرة على اليابسة في الجنوب، بمقابل استطاعة "حزب الله"، استهداف مدن الوسط وتوسيع رقعة الجغرافيا التي تتعرض إلى صواريخ ومقذوفات ومن ثم إسرائيل تدفع ثمن دون الحصول على مقابل.
وبين الخبير أن هذه إشكالية كبرى تهدد واقع الحكومة وتعاظم قوة الشارع وتؤثر على النخب الحاكمة، ومن ثم استمرار هذا النزيف سيكون له تداعيات كبرى في الأيام والأسابيع القادمة، لاسيما إذا استمر الهجوم البري على الجنوب اللبناني.
فيما يؤكد المحلل السياسي جورج سليم، أن هناك تحديات يحاول "نتنياهو" التعامل معها وإثبات انه قادر على تسخيرها في الجنوب اللبناني، وهو ما ذهب بالدفع إلى مواقع في الداخل، في زهوة ما حقق من انتصارات على القيادة العامة لـ"حزب الله" وترسانته العسكرية.
وأضاف الخبير أن نتنياهو تناسى ما هو قائم في الأساس، من تدبير فخ ومصيدة وكمائن، ليس بالضرورة من جانب مقاتلين متمرسين لـ"حزب الله" على الحدود، ولكن على الأقل من محيطين بتلك الحاضنة الشعبية، والتي تدمرت مكوناتها وتهجر أهلها، فكان العمل على مواجهات قد يصل بعضها إلى الفردي وغير المنظم، أمام محاولات إسرائيلية، لا يمكن أن يطلق عليها عمليات، بدخول سريع وخروج أسرع على شريط الجنوب، لتحقيق أهداف غير مقنعة.
ويبين "سليم" في تصريحات لـ"إرم نيوز" ، أن "نتنياهو" يريد إزالة أي تحد في الداخل ليس لضمان مستقبله السياسي فقط ولكن بدافع "جنون العظمة" سعياً إلى أن يذكره التاريخ على أنه استطاع إسقاط أسطورة الجنوب اللبناني بعد ما حدث للجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 .
وذكر "سليم" أن "نتنياهو" لا يريد أن يدرك ، أنه لا يواجه في الجنوب اللبناني "حزب الله" بقدر مواجهة طبيعة أرض صعبة وقاسية، لن يقف على أبعادها مهما كان يمتلك من تطورات تكنولوجية وأجهزة كشف ورصد ومنظومة استهداف دقيقة؛ لأن الوضع من أعلى، مغاير تماماً لمن يدخل على الأرض، حتى لو كان متتبعاً وسائل التأمين والدعم كافة.
أردف "سليم" أن في الجنوب طبيعة أرض لا يستطيع أن يتعامل معها، سوى من عاش وتفاعل هناك، وأدرك هذه "الصخرة" وبعدها بأمتار، تكون بقعة من "الوحل" في نهايتها بركة مياه عميقة.
وأضاف "سليم" أن الخسائر التي تعرض لها الإسرائيليون باعترافهم، قد لا يكون لها أثر في النهاية على الصدام بين نتنياهو و"غالانت" من جهة، بقدر ما سينعكس من جهة أخرى على "حزب الله" في الفترة القادمة، بالسعي لاستفزاز "نتنياهو"، ليتمسك بهذه المواجهة في الجنوب، حتى يتم جره إلى "منازلة" قد تعطي لـ"حزب الله" نقلة نوعية إيجابية عسكرية وأيضاً شعبية وسط حاضنته.