تعيش مئات العائلات الفلسطينية وجع الانتظار منذ عقود، في ظل استمرار السلطات الإسرائيلية باحتجاز جثامين أقاربها بعد أن قتلهم الجيش، إذ تنتهج إسرائيل سياسة احتجاز الجثامين، وهي السياسة التي استخدمتها في غزة خلال الحرب الدائرة في القطاع.
وبدأت فصول قضية احتجاز جثامين الفلسطينيين والعرب منذ تاريخ النكسة، العام 1967، والذي شهد احتجاز الجيش الإسرائيلي جثامين 256 قتيلًا في مقابر سرية، يحمل فيها كل قتيل رقمًا بديلًا عن اسمه، فيما يُعرف بـ"مقابر الأرقام".
ووصل عدد الجثامين المحتجزة، على مرّ العقود، في مقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى إلى قرابة 475 جثمانًا، في حين تغيب الإحصائيات حول أعداد الجثامين المحتجزة للضحايا من قطاع غزة.
تقول عبلة غطاس، والدة القتيل المحتجز جثمانه فادي غطاس، لـ"إرم نيوز": "كنت أعتقد أن أصعب ما يمكن أن تمر به الأم، أن تسمع خبر استشهاد ابنها، لكن الأصعب هو احتجاز جثمانه وعدم وداعه".
وأضافت: "حتى الآن لم أدفن ابني، وليس لدي من كل قصة موته إلا صورة نشرها الجيش الإسرائيلي"، متابعة: "لا يمكن وصف صعوبة عدم وجود قبر لزيارته".
وقالت عبلة: "أنا أم للآن لم أتقبل فكرة أن ابني في ثلاجة، وفي البرد أفكر في فادي.. وكيف أنه في الثلاجة، وعندما أفتح ثلاجتي أفكر في فادي، احتجاز الجثمان ألم يومي تعيشه الأم عند كل حركة".
بدوره، يقول خالد شجاعية، والد أحد الضحايا المحتجزة جثامينهم: "احتجاز جثمان الابن هو أصعب ألم يمر فيه أي أب في الدنيا كلها، ويتضاعف ألم الفراق باحتجاز الجثمان".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أنهم "محرومون حتى من نظرة وداع لابنهم، ولا قبر نزوره عندما نشتاق له".
وأكد أن "إسرائيل تهدف من احتجاز الجثامين لمفاقمة ألمنا، والانتقام منا في جثامين أولادنا"، مشيرًابالقول: "صنعت شاهدًا لقبر ابني على أمل وضع جثمانه فيه يومًا ما".
منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الفلسطينيين، حسين شجاعية، أوضح أن "عدد جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة لدى إسرائيل، بلغ 457 جثمانًا وفق إحصاءات الحملة، ما بين الثلاجات ومقابر الأرقام، من بينهم 18 أسيرًا، و25 طفلًا تقل أعمارهم عن 18 عامًا، و6 نساء"، لافتًا إلى أن "أصغر جثمان محتجز يعود للطفل خالد زعانين، البالغ من العمر 14 عامًا، من بلدة بيت حنينا في القدس".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الحكومة الإسرائيلية تهدف من سياسة احتجاز الجثامين لاستخدامها كأداة عقاب للعائلات الفلسطينية، إضافة لاستخدامها كأوراق ضغط ومساومة لأي صفقة تبادل قادمة مع الفلسطينيين، وكأداة ردع في محاولة حرمان الفلسطينيين من الوداع والحزن".
وتابع شجاعية: "سياسة احتجاز الجثامين تهدف أيضًا لإخفاء الأدلة، فمعظم الاحتجازات تكون لضحايا تم إعدامهم، واحتجاز الجثمان يمكّن إسرائيل من إخفاء الأدلة التي يمكن أن تدين الجيش الإسرائيلي في أي محاكم".