تباينت آراء مراقبين للمشهد الليبي بشأن أعمال اللجنة الاستشارية الليبية التي شكلتها بعثة الأمم المتحدة بهدف اقتراح حلول للقضايا الخلافية العالقة بشأن إجراء الانتخابات، ومدى قدرتها على اختراق جدار الأزمة المستعصية في البلاد.
وقال المراقبون إنه سيكون على البعثة الأممية توسيع الحوار لاحقًا لبحث أبرز تحدّ يتمثل في توحيد الحكومة الليبية.
وحثت القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا السابقة، ستيفاني خوري، اللجنة الاستشارية في أول اجتماع لها على التفكير "بصدق وصراحة في الأسباب التي حالت دون نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول عام 2021، وذلك للمساعدة في تذليل العقبات التي تمنع إجراء الانتخابات اليوم".
وكانت خوري أكدت أن هذه اللجنة "ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقى للحوار؛ بل تعمل تحت سقف زمني محدد".
وتضم اللجنة عشرين خبيرًا ليبيًّا في مجال القانون، للعمل على إعداد مقترحات "ملائمة فنيًّا وقابلة للتطبيق سياسيًّا، لحلّ القضايا الخلافية العالقة من أجل تمكين إجراء الانتخابات".
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين هانا سيروا تيتيه ممثلة خاصة له في ليبيا ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة في البلاد.
وفي هذا الصدد، يصف المتحدث السابق باسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، الخطوة الأولى بـ"البداية الجيدة"، بعد أن طرحت المبعوثة الأممية بالإنابة حزمة واضحة من الإجراءات تتركز على تدابير قانونية ودستورية ومعالجات سياسية لإزالة العقبات المعيقة لإجراء الانتخابات وفق إطار زمني محدد، كما صرحت.
بيد أن السلاك قال، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن المسؤولة الأممية "تعمل في مشهد شديد التعقيد، حيث يبقى الانقسام هو العنوان الأبرز، خاصة أن الأطراف الفاعلة غير ممثلة في هذه الحوارات، مما يضع تساؤلات حول مدى قدرتها على تحقيق اختراق فعلي في الأزمة".
وأكد صعوبة تجاهل التقاطعات الإقليمية والدولية والحالة التي تمر بها المنطقة، مرجحًا أن تمتد تأثيراتها على الأزمة الليبية.
وقال السلاك إنه "بدون إرادة سياسية حقيقية وترتيبات تنفيذية واضحة، وموقف دولي متناغم يدعم أي مخرجات تنتهي إليها اللجنة، ستظل مجرد محاولة أخرى لإعادة تدوير الجمود السياسي بدلًا من حل الأزمة".
وبدوره، يرى المحلل السياسي، فرج فركاش، أن "نجاح اللجنة يعتمد على مدى قبول الأطراف الداخلية التي عودت الليبيين على العرقلة، وما إذا كانت هذه المخرجات تصب في صالحها".
ويعتمد النجاح أيضًا على مدى الدعم الدولي، خاصة مجلس الأمن، لمخرجات اللجنة، وفق قول فركاش لـ"إرم نيوز".
وفي إشارة إلى مؤتمرات جنيف وبرلين التي تشكلت بموجبها حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، أوضح فركاش أنه ليس متفائلًا كثيرًا بالنظر إلى التجارب السابقة مع لجنة الـ75 وغيرها من اللجان، خاصة أن مخرجات اللجنة الاستشارية غير ملزمة، وليس للجنة أساس قانوني يجبر الأطراف على القبول بمخرجاتها.
وفي حال أنتجت هذه اللجنة مخرجات منطقية وقابلة للتطبيق، ومتوافقة مع القوانين الليبية المعمول بها حتى لا تتعرض للطعون لاحقًا، وبالتالي قبول هذه المخرجات، أوضح المحلل الليبي أن المرحلة التالية التي لمحت لها خوري في إحاطتها السابقة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ستتمثل بحوار موسع يجمع الأطراف الفاعلة لحل المعضلة الأخرى، المتمثلة في توحيد البلاد تحت حكومة واحدة، وهو ما تعارضه بعض الأطراف في الغرب الليبي، ومنها حكومة عبد الحميد الدبيبة.
ومن وجهة نظر فركاش، كان على البعثة اعتماد مخرجات اللجنة المنتخبة من الشعب، أي لجنة الستين، التي أخرجت دستورًا يمكن أن يؤسس للدولة ولقوانين الانتخابات، بدلًا من تكرار أخطاء الماضي وتكرار نفس الحلول التي ثبت فشلها في السابق.
يشار إلى أن "المؤتمر الوطني لتفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا" بعث برسالة إلى اللجنة الاستشارية المشكلة من قبل بعثة الأمم المتحدة، دعا فيها إلى العودة لدستور الاستقلال الصادر في العهد الملكي عام 1951.
وقال المؤتمر في رسالته إن "دستور الاستقلال لم يلغَ بل عطله انقلاب سبتمبر/أيلول عام 1969".