logo
العالم العربي

رسائل "الليزر والنار".. ما وراء التعزيزات الأمريكية إلى شمالي شرق سوريا؟

رسائل "الليزر والنار".. ما وراء التعزيزات الأمريكية إلى شمالي شرق سوريا؟
قوات أمريكية في سورياالمصدر: رويترز
21 أغسطس 2024، 1:54 م

استقدمت القوات الأمريكية إلى قواعدها العسكرية في شمالي شرق سوريا، تعزيزات عسكرية لوجستية متطورة، من ضمنها منظومات دفاع جوي، خلال شهر آب الجاري، وفقًا لما كشف عنه "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

قبيل ذلك بأيام، ذكر مصدر ميداني سوري بأن القوات الأمريكية تواصل تعزيز قواعدها في منطقة الجزيرة السورية شمال شرقي البلاد بمروحيات وعتاد عسكري "لتوفير حماية إضافية لإسرائيل".

وأضاف المصدر لوكالة روسية أن "القوات الأمريكية عززت قواعدها بـ15 مروحية من نوع أباتشي لتعزيز قدراتها الهجومية".

فما هي دلالات هذه الخطوة الأمريكية؟ وهل تشير هذه التعزيزات النوعية إلى اقتراب الرد الإيراني على إسرائيل، وبالتالي ضم هذه التعزيزات العسكرية للتحشيد العسكري الأمريكي المتواصل في شرق المتوسط؟ أم أن وظيفة الأسلحة الجديدة تقتصر على تأمين القواعد العسكرية الأمريكية في شرق سوري؟

احتمالات الحرب

الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال، يرى أن هذه التعزيزات الجديدة إلى شرق سوريا لا تختلف عن باقي التحشيدات في شرق المتوسط، ويقول إنه على الرغم من تأخر الرد الإيراني، فإن احتمالات الحرب ما زالت عالية جدًّا، ومخاطر ضربة إسرائيلية إضافية موجود أيضًا في ظل الغطاء الدولي لها.

ويشير مازن بلال في تعليق لإرم نيوز إلى ما يصفها بـ "المسألة الأساسية" وتعني أنه "كلما اقتربت الانتخابات الأمريكية، زادت احتمالات الحرب، وذلك مع ازدياد انشغال الإدارة الأمريكية بالقضايا الانتخابية، ونوعية الأسلحة التي اسْتُقْدِمَت إلى شرقي سوريا، والتي تؤشر إلى أن واشنطن متخوفة من العمليات البرية".

وفقًا للكاتب السياسي السوري، فإن تحرك "العشائر" الأخير ضد "قسد" قبل أسابيع كان اختبارًا لإمكانية تصفية الحسابات الإيرانية مع الولايات المتحدة عبر شرقي سوريا، ذلك أن الخوف الأمريكي وبالتحديد العسكري، هو من احتمال اشتعال الجبهات دفعة واحدة قبيل الانتخابات الأمريكية، وليس بالضرورة نتيجة رد إيراني، بل لرغبة إسرائيل أيضًا في توريط إيران بحرب واسعة تغير من المعطيات الإستراتيجية لشرقي المتوسط.

جملة مخاطر

من جهته، الخبير العسكري كمال الجفا، يعتقد أنه في ظل التوتر المستمر في منطقة الشرق الأوسط واستمرار الهجمات المتبادلة بين أطراف الصراع الرئيسة في سوريا وغزة والضفة وجنوب لبنان والعراق، تعزز الأطراف جميعها قدراتها الهجومية والدفاعية، ولكن التعزيزات الأخيرة ترتبط بجملة من المخاطر التي صاعدت حدة التوتر بين الأطراف جميعها، وخاصة بعد الهجمات الإسرائيلية على طهران وبيروت والتهديدات الإيرانية بالرد على اغتيال إسماعيل هنية، والذي ضاعف من حدة التوترات والتهديدات المتبادلة، وأيضًا الهجمات التي قامت بها العشائر العربية على قوات "قسد" بالضفة الشرقية من نهر الفرات؛ ما دفع الأطراف جميعها لتعزيز قدراتها العسكرية واللوجستية تحسبًا من القادم في ظل عدم التوصل إلى أي اتفاق أو تهدئة على الجبهات المشتعلة في المنطقة، وخاصة في غزة.

 

التعزيزات.. بالأرقام


ويذكر الخبير العسكري في معلومات خاصة لإرم نيوز، أن شحنات الأسلحة لقوات التحالف وحلفائها في سوريا لم تتوقف منذ بداية العام، إذ شهدت مناطق شمالي شرق سوريا وصول 1113 شاحنة، وهبوط ما يزيد على 66 طائرة شحن محملة بكل أنواع الأسلحة من منظومات دفاع جوي وصواريخ بعيدة المدى ورادارات متطورة وأسلحة ليزرية مخصصة للتصدي للطائرات المسيرة.

يقول الجفا إن منظومات الدفاع الجوي والرادارات التي اسْتُقْدِمَت قادرة على التعامل مع الطائرات الحربية والصواريخ المتطورة التي تملكها الجيوش النظامية مثل تركيا وسوريا وحتى روسيا، ويضاف إليها بطاريات الصواريخ بعيدة المدى مثل هيمارس ومرابض مدفعية موجهة بالليزر، وهذا كله يسهم في حماية القوات الأمريكية وحلفائها من مليشيات قسد. 

ويذكر أن كل هذه التعزيزات ترافقت مع تدريبات عسكرية ومشاريع بالذخيرة الحية أجرتها قوات التحالف مع حليفتها "قسد" لتعزيز قدراتها ورفع مستوى الكفاءة والأداء لديها.

ويلفت إلى أن التدريبات جرت في قاعدة حقل العمر النفطي في دير الزور، إذ أُنْشِئ مهبط جديد للطائرات المروحية بالقرب من بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي.

وبحسب الخبير العسكري السوري، فإنه "يمكن تقسيم هذه الأسلحة إلى قسمين؛ دفاعي وهجومي ردعي، ويمكن أن تستخدم بأوجه متعددة إن كان فيما يتعلق بالتصدي لأي هجمات من قبل إيران، أو من قبل ميليشياتها، أو حتى من قبل قوات العشائر أو قوات الجيش السوري فيما لو توصلوا إلى مرحلة الصدام بين قوات "قسد" والجيش السوري إذا ما تفاقمت الأوضاع، وتطورت هجمات العشائر العربية، ودخلت مرحلة التحرير لمناطق شمالي شرق سوريا من الاحتلال الأمريكي وعصابات قنديل" وفقًا لقوله.

أيضًا ربما تدخل هذه التعزيزات في أتون الصراع بين تركيا و"قسد" في ظل إصرار تركيا على تقويض المشروع الكردي في سوريا، وهذا أيضًا له دلالات خطرة، إذ سيعدُّ صدامًا غير مباشر بين الولايات المتحدة وتركيا وبوساطة حليفتها "قسد" بحسب الجفا.

ردات فعل عكسية

يرى الخبير الجفا أنه من الطبيعي أن هذه الأسلحة لديها قدرات ردعية تدميرية في الميزان العسكري لكل طرف، وسيكون لديها إمكانية للحد من تأثير الأسلحة التي تمتلكها الفصائل التابعة لإيران، وربما يؤدي نقل هذه الأسلحة المتطورة إلى ردات فعل عكسية لدى أطراف الصراع - والمقصود هنا ميليشيات إيران - على طلب أسلحة متطورة أكثر مما تملكه، وتُعزز قدراتها الردعية والهجومية؛ "لأن هذه الصراعات تدار من قبل قوى إقليمية عالمية تعمل على إطالة أمد الصراعات المتنقلة في المنطقة، ولا تريد وجود أي تهدئة أو استقرار لصالح صراعاتها الكبرى فيما بينها وترك هذه المنطقة في صراعات مفتوحة ونازفة لشعوب المنطقة جميعها" بحسب يقول الخبير العسكري.

رسائل.. لا تتوقف

يوجد رسائل من وراء التعزيزات الأمريكية الأخيرة بلا شك، ولكن الخبير العسكري السوري يرى أن الرسائل الأمريكية مستمرة، ولم تتوقف إن كانت سياسية أو عسكرية أو ميدانية، ذلك أن الولايات المتحدة منخرطة في كل صراعات المنطقة انخراطًا كاملًا، إن كان في غزة أو سوريا أو العراق، أو في اليمن أو مع إيران بشكل غير مباشر، فإن تعزيز قدرات القوات الأمريكية وحلفائها هي رسائل سياسية ورسائل بالنار للأطراف كلها التي لديها صراعات مفتوحة معها، وتشمل أعداءها جميعهم إن كانت سوريا أو روسيا أو إيران وحلفاءها أو ما يسمى "جبهات الإسناد" التي دخلت في الصراع بعد حرب غزة في العام الماضي.


ولا يستبعد الجفا أن تكون تركيا معنية بهذه التعزيزات؛ "لأنها في صراع مفتوح مع قسد ومشروعها الانفصالي في الشمال السوري، وتعزيز قدراتها يغضب الجانب التركي، ويوتر العلاقات مع الولايات المتحدة". 

ولكن، هل يعني نشر هذه الأسلحة أن أمريكا موقنة ومتأكدة من أن الرد الإيراني على إسرائيل حاصل لا محالة، أم فقط لدرء الهجمات على قواعدها؟

الرد والرد المضاد

يجيب الخبير العسكري بأن "الرد الإيراني قادم لا محالة، وهذا وعد قطعه المرشد خامنئي على نفسه، وألزم الرئيس الإيراني نفسه أيضًا بالرد"، ويقول الجفا" الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في القاهرة من خلال جهود المصالحة المكثفة، والتي تسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهذا ربما يخفف سقف الرد الإيراني، ويرضي القيادات الإيرانية وقواعدها الشعبية بعدِّها أجبرت إسرائيل على القبول بوقف إطلاق النار، خوفًا من الرد الإيراني واحتمال قيام حرب إقليمية بعد الضربات الإيرانية، والتي ستتبعها حتمًا ردود إسرائيلية ألزمت بها القيادة الإسرائيلية نفسها بها أيضًا".

الخطر في الأمر وفقًا للخبير العسكري أن "أوضاع نتنياهو الداخلية سيئة جدًّا، وهو يهرب إلى حرب إقليمية يتمناها ولا تتمناها أو تدعمها لا الولايات المتحدة ولا الدول العربية الحليفة لها في المنطقة، ولا يوجد حتى الآن من يمولها فيما لو توسعت إلى ما يسمى دول الطوق".


ويختم الخبير الجفا حديثه بالقول إن "هذه التعزيزات كلها قد لا تؤدي إلى انفجار الأوضاع، بل قد تكون محاولة من الأطراف جميعها الفاعلة على الأرض السورية إلى تعزيز مواقعها العسكرية؛ استعدادًا للدخول في العملية السياسية، في منعطف جديد عنوانه الأبرز وقف حرب غزة وقرب الوصول إلى تفاهمات سورية تركية ستكون قسد أكثر الخاسرين منها" وفقًا لقوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC