طالبت قوى سودانية بإقامة منطقة منزوعة السلاح تحت حماية دولية في البلاد؛ بهدف حماية المدنيين من انتهاكات الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".
وطرحت الفكرة "تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية"، المعروفة باسم "تقدم"، التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، في ظل محاولتها حشد الدعم الدولي لصالح تنفيذ الفكرة في حال واصل الطرفان الحرب.
وقبل يومين، شارك أمين عام تنسيقية "تقدم"، صديق الصادق المهدي، في اجتماع "المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات" للمبعوثين الخاصين لمجموعتي دول "إيقاد" و"إكواس"، في العاصمة الكينية نيروبي، إذ دعا خلال الاجتماع إلى إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين في السودان.
وقال المهدي إن "الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في السودان تتطلب إنشاء مناطق آمنة لحمايتهم، إلى جانب وقف العدائيات والطيران فورًا"، موضحًا أن "الحرب تحولت من شبه نظامية إلى حرب أهلية شاملة".
وأضاف المهدي، وفق بيان لتنسيقية "تقدم"، تلقاه "إرم نيوز"، أن "المدنيين الأبرياء العزل يتعرضون لانتهاكات لا يمكن السكوت عليها، ويجب الترتيب لإنشاء مناطق آمنة لحمايتهم، شريطة توقف العدائيات والطيران، ما من شأنه أن يخفف معاناة السودانيين ويقلل الضغوط على دول الجوار التي تستضيف اللاجئين".
وأشار إلى أن "التحالف السياسي والعسكري بين الجيش وحزب المؤتمر الوطني المحلول شوّه مؤسسات الدولة، وأن الحرب الجارية أُشعلت للتمكين والسيطرة على موارد البلاد، فقد أصبح الصراع في السودان بين المشروع المدني الديمقراطي، والعسكري الشمولي"، وفق قوله.
وخلال زيارة لوفد من تنسيقية "تقدم"، بقيادة عبدالله حمدوك، إلى بريطانيا هذا الأسبوع، طرح الوفد أيضًا فكرة إقامة مناطق منزوعة السلاح لأجل حماية المدنيين في السودان.
وقال عضو الوفد، خالد عمر يوسف، على منصة "إكس"، إن "فكرة إنشاء مناطق آمنة ومحمية داخل السودان أثارت نقاشًا مثمرًا"، موضحًا أن "حال البلاد الراهن يتطلب تفكيرًا جادًا، وعملًا حثيثًا لتحديد الأولويات، وعلى رأسها توفير الحماية للمدنيين الذين دمرت حياتهم، وأجبرتهم الحرب على اللجوء والنزوح".
وأضاف أن "تنسيقية (تقدم) ستواصل السعي لوقف الحرب بشتى الوسائل، وينبغي البحث عن بدائل تحفظ أرواح المدنيين إلى حين عودة العقل لأهل السودان وتوقف هذه الحرب الإجرامية".
وأكد أن "فكرة المناطق الآمنة منزوعة السلاح، تحت آليات مراقبة دولية، تطرح حلًا عمليًا، إذ تتيح للمدنيين العيش بأمان، وتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء، وتمنع تهديدهم من قبل أي من الأطراف المتقاتلة".
وقال يوسف إن "الجرائم المرتكبة بحق الشعب يجب ألا تُستغل لتحقيق مكاسب سياسية لأي طرف كان"، موضحًا أن "هناك من يتلذذ بانتهاكات الأبرياء سعيًا لتحقيق مكاسب سياسية ضد جهة ما، وهناك من يؤجج النزاع ويتكسب منه ماديًا وسياسيًا، وليس له مصلحة في إنهائه".
وأضاف أن "هؤلاء لا يكترثون لمعاناة المدنيين، ولا يعيرونها أدنى اهتمام، بل يدعون لاستمرار هذا الجنون الإجرامي، وهذا ما لن نسمح به، وسنتصدى له بحزم".
وأشار يوسف إلى أنه "لا توجد منطقة آمنة في السودان، على عكس ما يروج له البعض زورًا"، مشيرًا إلى أن "الحرب بدأت منذ عام ونصف العام في ولاية الخرطوم وحدها، وانتقلت تدريجيًا إلى ولايات أخرى، بدءًا من دارفور مرورًا بكردفان ووصولاً إلى الجزيرة وسنار وتخوم ولايات نهر النيل والنيل الأبيض والنيل الأزرق والقضارف".
وأضاف أن "هناك ولايات مستقرة نسبيًا، مثل جنوب وشرق دارفور، لكن الطلعات الجوية المستمرة للجيش السوداني تزعزع حياة المدنيين هناك، إضافة إلى إغلاق معابر المساعدات الإنسانية الذي يهدد السكان بالجوع والمرض وانعدام مقومات الحياة".
وأشار إلى أن "الجيش السوداني دخل مناطق كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مثل الدندر والحلفايا، وارتكب جرائم تصفية للمدنيين العزل بدعوى أنهم متعاونون".
وتساءل يوسف: "إذًا، ما هو الحل الذي سيضمن بالفعل حماية المدنيين العزل من الموت والدمار الذي يزداد يومًا بعد يوم؟".
ونوه إلى أن "معسكر الحرب ودعاته يطرح استمرار القتال لفرض الأمان بالقوة، إلا أن نتائج ذلك وضحت في توسيع دائرة الحرب من دون تحقيق الغاية، مع تفاقم الوضع بدعوات تسليح المدنيين، مما يؤدي عمليًا إلى تحلل وتفتيت البلاد، وتفاقم أزمة النزاعات المسلحة وتعدد الجيوش، ناهيك عن خطر فكرة دفع مدنيين قليلي التدريب وضعيفي التسليح لخوض حرب ضد جيوش مدججة بالسلاح والعتاد"، وفق قوله.