الأمم المتحدة: نحو 500 ألف شخص نزحوا في قطاع غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار
أعلنت فرنسا في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، إرسال بعثة دبلوماسية إلى سوريا، بهدف مواكبة التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
هذه المهمة، التي تضم أربعة دبلوماسيين فرنسيين، تهدف إلى مدّ الجسور مع القوى الجديدة في دمشق، وسط تساؤلات دولية حول مستقبل سوريا السياسي ودور القوى الإقليمية والعالمية في إعادة إعمار البلاد.
وقال جان بيير فيليو، أستاذ العلاقات الدولية والخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد الدراسات السياسية بباريس لـ"إرم نيوز" إن إرسال بعثة دبلوماسية فرنسية إلى دمشق يعد انعطافًا مهمًا في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه سوريا".
وأضاف فيليو أن باريس تسعى إلى إعادة ضبط علاقاتها مع اللاعبين الجدد بعد سقوط النظام السابق.
وتابع:"هذه الخطوة ليست اعترافًا بسياسات الماضي، بل هي محاولة لاستعادة النفوذ الفرنسي في سوريا، الذي تأثر نتيجة غياب طويل دام لأكثر من عقد من الزمن".
وأردف: "فرنسا تدرك أن المنافسة شديدة، خاصة مع روسيا التي رسخت حضورها في سوريا عسكريًا وسياسيًا، مما دفع باريس إلى البحث عن موطئ قدم جديد في سياق التحولات الجارية".
وأكد أن "التحدي الأساسي يكمن في مدى قدرة الدبلوماسيين الفرنسيين على فتح قنوات فعالة مع القوى الجديدة، خصوصًا في ظل تعقيدات المشهد السياسي السوري والاصطفافات الإقليمية والدولية".
من جانبه، اعتبر ديديه بيون الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي أن هذه الخطوة الفرنسية جاءت متأخرة نسبيًا، لكن لها أهمية رمزية وسياسية في هذا التوقيت.
وقال بيون إن "عودة فرنسا إلى دمشق تأتي ضمن رؤية أكثر براغماتية لتغيير سياساتها بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية تجاه سوريا. باريس تهدف إلى لعب دور في إعادة إعمار سوريا ومواكبة المرحلة الانتقالية، مع ضمان مصالحها الإستراتيجية في المنطقة".
وأشار بيون إلى أن "فرنسا، بحكم تاريخها وعلاقتها الاستعمارية السابقة مع سوريا، تُعتبر لاعبًا مؤثرًا في الشرق الأوسط، لكن نجاح هذه البعثة يعتمد على قدرة باريس على التوازن بين مصالحها ومواقفها المبدئية السابقة تجاه حقوق الإنسان والديمقراطية".
وشدد على أن وجود جهات إقليمية مثل إيران وروسيا سيزيد من تعقيد المهمة الفرنسية، مما يتطلب دبلوماسية حذرة وفعّالة.
ولأول مرة منذ إغلاق سفارتها في دمشق عام 2012، قررت فرنسا إعادة إرسال بعثة دبلوماسية إلى سوريا، في محاولة لإقامة اتصالات مباشرة مع "الحكام الجدد" للبلاد.
تأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي شكل نقطة تحول تاريخية في مسار الصراع السوري الممتد لعقد من الزمن.
والوفد الفرنسي المكون من أربعة دبلوماسيين رفيعي المستوى ينطلق في مهمة دقيقة، تُشرف عليها وزارة الخارجية الفرنسية، وتتمحور حول تقييم الأوضاع السياسية الجديدة على الأرض وفتح قنوات للحوار مع الأطراف الفاعلة.
وتُعد هذه الزيارة اللقاء الأول مع الحكام الجدد للبلاد، وهم تحالف من الحركات المسلحة التي تهيمن عليها جماعة هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني.
وقد تخلى الأخير عن اسمه الحركي وأصبح يستخدم اسمه الحقيقي، أحمد الشرع.
أما بالنسبة لهيئة تحرير الشام، التي كانت في السابق مرتبطة بتنظيم القاعدة، فقد أعلنت رسميًا قطع علاقتها بالحركات الإرهابية المسلحة، إلا أنها لا تزال مدرجة حاليًا على قائمة المنظمات الإرهابية لكل من الاتحاد الأوروبي وواشنطن ولندن.
ويرى محللون سياسيون أن هذه التحركات تعكس رغبة باريس في استعادة نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة، لا سيما مع اشتداد المنافسة بين القوى الدولية الأخرى، مثل روسيا والولايات المتحدة، حول إدارة الملف السوري.
كما تُعتبر هذه الخطوة إقرارًا ضمنيًا بضرورة التعامل مع التغيرات الجديدة بعيدًا عن المواقف السابقة التي اتسمت بالقطيعة مع النظام السوري.
وفي تعليق حول هذا التطور، أشار محللون فرنسيون إلى أن هذه البعثة تنطلق دون "سذاجة سياسية"، وإنما بمقاربة واقعية تأخذ في الاعتبار التعقيدات الجيوسياسية والتوازنات الداخلية والإقليمية التي تهيمن على المشهد السوري.
على الصعيد الدولي، يُطرح تساؤل رئيس حول قدرة هذه البعثة على تحقيق نتائج ملموسة، خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار ووجود أطراف إقليمية فاعلة في سوريا.