عاجل

وسائل إعلام: رشقة صاروخية جديدة من جنوب لبنان تجاه الجليل الأعلى 

logo
العالم

في مواجهة معضلة الرد وما بعده.. إيران تسعى لتحويل المأزق إلى استثمار

في مواجهة معضلة الرد وما بعده.. إيران تسعى لتحويل المأزق إلى استثمار
تشييع جثمان إسماعيل هنية في طهران المصدر: أ ف ب
22 أغسطس 2024، 8:02 م

انقضت ثلاثة أسابيع على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران .

 أسابيع وقف خلالها العالم على قدم واحدة من منطلق أن الرد الإيراني آت لا محالة، "سريعا ومزلزلا"، ومدعوما هذه المرة بإسناد من حلفاء إيران وأذرعها في المنطقة، ما سيستدعي ردا إسرائيليا عنيفا، ومن ثم جر المنطقة إلى حرب شاملة لا تحمد عقباها.

كانت كل التصريحات ومن مختلف المستويات السياسية والعسكرية في إيران تصر وتؤكد أن طهران ماضية في ثأرها، وكذلك روج الإعلام الغربي ومراكز الدراسات للرد القادم وتفاصيله، بحيث تحدثت عن حاجة واستعداد إيران لرد قاس يحفظ ماء وجه النظام الإيراني بعد الانتهاك الإسرائيلي للسيادة الإيرانية -في أرضها وبين جمهورها هذه المرة- عبر اغتيال ضيف الجمهورية الإسلامية خلال حفل تنصيب الرئيس.

بعد ساعات على اغتيال هنية، أعطى المرشد الإيراني علي خامنئي الضوء الأخضر لعملية "الانتقام" حين قال إن من "واجب إيران الانتقام لحادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية المريرة والصعبة".

ولم يكن تهديد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بالانتقام لهنية أقل وضوحا، إذ قال بزشكيان إن طهران ستجعل "المحتلين الإرهابيين يندمون على فعلتهم الجبانة". وأضاف أن بلاده "ستدافع عن كرامتها وسلامة أراضيها".

أخبار ذات علاقة

"واشنطن بوست": إيران أجّلت هجومها ولكنها تشجع حزب الله على الانتقام

 أما حلفاء إيران وأذرعها في المنطقة فقد سارعوا هم أيضا إلى تبني ما يعرف في أدبيات "المحور" بـ"وحدة الساحات"، إذ أعلنت ميليشيا الحوثي والميليشيات العراقية عن تلبية النداء الإيراني بالمؤازرة.

 فيما اعتبرت ميليشيا حزب الله نفسها معنية وشريكة أساسية في الثأر من منطلق أنها صاحبة الدم في مقتل أحد أرفع قادتها العسكريين؛ فؤاد شكر، قبيل ساعات فقط من اغتيال هنية.

ماذا بعد "الحرب النفسية"؟

واليوم، تمر ثلاثة أسابيع على عملية الاغتيال، كان الثابت فيها تواتر التهديدات الإيرانية كل يوم عن حتمية الرد وقوة الرد، ولكن مع إعلان موازٍ بدأ مع انطلاق جولة المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، بأن طهران تقف على المستوى السياسي خلف القرار الذي تتخذه "حماس" في ما يتعلق بالعملية التفاوضية حول وقف إطلاق النار وحل الأزمة في غزة.

تركت إيران ردها العسكري معلقاً في إطار استراتيجية تصفها بأنها "حرب نفسية" ضد الإسرائيليين "لجعلهم في حال انتظار"، إضافة إلى أن هذه السياسة سمحت لها بترك هامش كبير للجهود الدولية والعربية، من أجل التوصل إلى تفاهم أو اتفاق مع الإدارة الأمريكية والقيادة الإسرائيلية حول وقف الحرب في غزة.

بالتالي استطاعت الهرب "مؤقتا" من الرد، وفي نفس الوقت تنصلت من المسؤولية المباشرة عن إفشال هذه المفاوضات لعلمها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتولى هذه المهمة انطلاقاً من رفضه لأي تسوية لوقف إطلاق نار دائم.

بالتوازي، استعرضت إيران، خلال الأسابيع الماضية كل ما تملكه من ترسانة عسكرية، إضافة إلى أنواع جديدة ومتطورة واستراتيجية حصلت عليها من حليفتها روسيا، قد تستخدمها في عملية استهداف العمق الإسرائيلي، أو في الدفاع بمواجهة أي رد على الرد، قد تقوم به تل أبيب.

إلى جانب وضع آليات للتعامل مع ما يمكن أن تستخدمه القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة وبحارها، في حال تجاوزت الأمور الخطوط الحمر، وتعرض وجود إسرائيل ودورها الإقليمي لخطر حقيقي.

لكن رغم كل ذلك، فإن معضلة إيران في حسم توقيت وكيفية الرد على إسرائيل ما زالت مستمرة، لا بل إنها تزداد تعقيدا، فما هي فاعلة في هذا الشأن؟

 إحراج يقابله استثمار

يوافق السياسي السوري أنس جودة على أن الوضع الحالي بات يشكل إحراجا لإيران أمام شعوب المنطقة أساسا، خاصة أنها ألزمت نفسها بالرد، ولأن الرد يندرج في إطار الكرامة الشخصية، لا سيما أن الاغتيال حصل على أراضيها، والشخصية المستهدفة هي شخصية قيادية من مستوى عال.

أخبار ذات علاقة

هيئة إسرائيلية: إعادة جثث 6 محتجزين في غزة "ليست انتصارا"

 

ويشير جودة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن انتظار الرد وكل هذا الحديث المتواتر عنه أصبح يشكل عبئا على الإيرانيين.

لكن من جهة أخرى، يقول جودة "من الضروري أن نفكر بالوضع الحالي لإيران، ولما يتم خلف الكواليس من مفاوضات مع الإيرانيين في سبيل التهدئة".

ويعتقد الكاتب السياسي السوري أن الإيرانيين يريدون الاستفادة القصوى واستثمار وضع المفاوضات الذي يجري حاليا، مع الولايات المتحدة أساسا، فهذا الوضع يفيدهم، ومن هنا يمكن تصور وتوقع واستنتاج أن الإيرانيين لا يريدون تخريب هذا الجو الذي يمكن أن يستفيدوا من خلاله إلى أقصى حد من عملية الاغتيال وتأجيل الرد عليها.

النقطة الأخرى التي يجب أن تكون حاضرة في هذا السياق، كما يقول جودة، هي ملاحظة الدفء في العلاقات الإيرانية السعودية، فاتفاق الفصائل الذي حصل في الصين يشير في خلفيته إلى توافق سعودي إيراني بشكل ما، حسب وصفه.

ويفترض الكاتب السياسي أن إيران ولو لم تعلن مباشرة، إلا أنها تقف ربما خلف ما تطالب فيه السعودية في إطار الصفقة الكبرى مع إسرائيل، والقائمة على حل الدولتين، وتثبيت وقف إطلاق نار، وإطلاق سراح السجناء وكل هذه الشروط.

ويضيف "أستطيع أن أقول إن هناك حديثاً أصبح شبه جدي عن وجود قوة سلام عربية في غزة بشرط قبول إسرائيل بحل الدولتين. وهذا الجو التفاوضي هو بطريقة أو بأخرى يحقق نوعا ما المصلحة الإيرانية، أو على الأقل هو حجة منطقية كافية للإيرانيين لتأجيل الرد".

ويخلص جودة إلى أنه بناء على كل ما سبق، فإن التصعيد الإيراني لا يفيد الإيرانيين، لأنه من الصعوبة بمكان أن يقوموا بالتصعيد في ظل الموقف الأمريكي الواضح في الدخول مطلقا للدفاع عن إسرائيل في حال حدوث تصعيد، ولذا يحاول الإيرانيون الاستفادة من الواقع الراهن قدر الإمكان في ظل عدم قدرتهم على التصعيد.

بطريقة أخرى، يختم أنس جودة، يسعى الإيرانيون إلى الموازنة بين فوائد التصعيد وأضراره، ولأنهم يدركون أن الأمر ليس أبيض أو أسود، فهم يلعبون في المنطقة الرمادية، بمعنى كيف يمكن أن يستفيدوا نسبيا من الموقف الحالي بأقل ثمن ممكن، وفقا لقوله.

 مأزق المشروع الإيراني

من جهته، يؤكد الدكتور محمد خير الجروان، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك بالأردن، أن المأزق الذي تعيشه إيران في هذه المرحلة بعد الاستهداف الإسرائيلي المباشر والمتكرر لمصالحها الحيوية ولحلفائها داخل الأراضي الإيرانية ومناطق نفوذها في الشرق الأوسط، وآخرهم إسماعيل هنية، يشير بكل دلالاته ومؤشراته إلى مأزق شامل يعانيه المشروع الإيراني الذي استهدف المنطقة واستقرارها على مدى عقدين، وضاعف من هذا المأزق عجز إيران عن الرد بشكل حقيقي ومقنع على أي من العمليات الإسرائيلية المباشرة.

ويضيف الجروان في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز"،"منذ اغتيال إسماعيل هنية في طهران تصاعدت خطابات التهديد "برد عسكري مدمر" من مختلف القيادات السياسية والعسكرية الإيرانية، ورغم ذلك استجابت إيران لحركة دبلوماسية نشطة قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، بهدف منع تفاقم الأوضاع وتطورها إلى حرب إقليمية، وهو ما دلل منذ البداية على عدم جاهزية إيران لأي تطورات غير محسوبة تترتب على عملية انتقامية ضد إسرائيل، وعزز من هذا الهاجس التعزيزات العسكرية الأمريكية المتواصلة إلى المنطقة، التي مثلت رسالة تهديد مباشر لإيران وحلفائها من استهداف إسرائيل.

وفقا للدكتور الجروان، سعت القيادة الإيرانية طوال المدة السابقة إلى تبرير تأخر ردها على اغتيال هنية برغبتها في فتح المجال أمام الدبلوماسية والمفاوضات، للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، مع أن جميع المؤشرات أظهرت عدم جدية إسرائيل في المفاوضات أو الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، في ضوء عدم تحقيق أحد أهم أهدافها في ضمان إدارة مستقبلية لقطاع غزة بعيدا عن حماس وأي حركات مرتبطة بإيران.

وتابع "فضلا عن سعي وتصميم إسرائيلي على توسيع دائرة الصراع ليشمل إلى جانب تحقيق أهدافها في غزة حل معضلة أو مشكلة إيران بوصفها التهديد الحقيقي الذي يواجه إسرائيل من خلال تهديداتها المباشرة، ودعمها للحركات المناوئة لها في المنطقة".

ومن هنا، يقول الجروان، تدرك إيران خطورة الرد حاليا، وتتمسك بمجموعة من الذرائع كفتح المجال أمام الدبلوماسية، والرغبة في توجيه ضربة أو عملية انتقام نوعية في الوقت المناسب، في ظل ضغوط داخلية وخارجية تفاقم من مأزقها وتجعل صورتها أكثر ضعفا، خاصة أمام حلفائها في المنطقة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC