يظل الحدث الرئيس في روسيا لعام 2023 هو الحرب التي تخوضها موسكو في أوكرانيا، وما أفرزته هذه الحرب من تغييرات سياسية واقتصادية عاشتها البلاد خلال عام 2023.
التقدم عسكريًا
يأخذ الحدث العسكري "حصة الأسد" في حصاد 2023، ويأتي في المقام الأول فشل الهجوم الأوكراني المضاد الذي انطلق، في يونيو/ حزيران، وتم الترويج له كثيرًا طوال العام المنتهي، وضُخّت له الكثير من الأموال من قبل الغرب دون أن يحقق نتائج تُذكر، باعتراف السلطات الأوكرانية نفسها.
فيما تعتقد القيادة العسكرية في كييف أنها لن تتمكن من خوض هجوم مضاد جديد في عام 2024. في المقابل، استطاعت القوات الروسية السيطرة على بعض المناطق على الجبهة، لكن المساحات التي تمت السيطرة عليها لم تبلغ التوقعات التي وضعتها موسكو.
وما ميز 2023 على الصعيد العسكري أيضًا ارتفاع وتيرة استخدام المسيّرات من الجانبين الروسي والأوكراني، ومشاركتها على نطاق واسع في عمليات الاستهداف الدقيقة، بالإضافة لتدمير البنية التحتية واستخدام عمق المدن المركزية كموسكو وكييف على حد سواء، حيث أضافت روسيا استخدام الذكاء الاصطناعي لأول مرة في بعض دفاعاتها الجوية، خاصة في منظومتها من طراز" إس-350".
الملف النووي
واصل الجيش الروسي إعادة تسليح ثالوثه النووي، ما رفع مستوى الأسلحة الحديثة لمستوى غير مسبوق بلغ 95%. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن هذا المستوى يجعل من الممكن ضمان الردع الإستراتيجي.
كما أضافت روسيا عددًا من الغوّاصات النووية لأسطولها البحري، وعزّزت أساطيلها بصواريخ فرط صوتية حديثة.
ومع كثرة الملفات العسكرية، هناك الملف الأكبر الذي عاشته روسيا كلها، وهو التمرد العسكري الذي قاده رئيس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، في صيف 2023، ولم ينتهِ الصيف حتى لقي الرجل حتفه إثر سقوط طائرته الخاصة، وانتهت سيرة "طباخ بوتين" إلى الأبد.
العلاقات السياسية
سياسيًا، لم يتغير الكثير في البلاد؛ فالعلاقات مع الغرب استمرت بقطيعتها وتوترها، فيما حققت روسيا انفتاحًا ملحوظًا شرقًا، وتبادلت مع السعودية والإمارات زيارات رسمية على أعلى مستوى، كما اتخذت موسكو موقفًا لافتًا من الحرب على غزة، وهو ما أشادت به الدول العربية، كما شهدت العلاقات مع الصين قفزة ملحوظة عززت فيها الدولتان العلاقة التي كانت وطيدة منذ عقود.
واختتمت أروقة السياسة في موسكو عامها بإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نيّته الترشح وتقديم أوراقه إلى لجنة الانتخابات للمشاركة في السباق الرئاسي، حيث تنعقد الانتخابات، في 15 مارس/ آذار المقبل، وعلى مدار 3 أيام، وتُتيح للفائز البقاء في السلطة لمدة 6 سنوات.
الاقتصاد الروسي
وإذا كانت موسكو تعيش بزهوة تحقيقها انتصارات عسكرية وسياسية، إلا أن الاقتصاد لم يكن بأحسن حالاً في 2023، حيث رفع البنك المركزي الفائدة إلى 16%، وتم الوصول إلى هذه النسبة على دفعات، في محاولة من السلطة النقدية في البلاد للسيطرة على التضخم المرتفع.
وهبطت قيمة الروبل الروسي أمام العملات الرئيسة بشكل كبير، حيث بدأ العام وكان الروبل يساوي 70 روبلاً للدولار الواحد، فيما يقف مع نهاية العام على عتبة الـ100 روبل للدولار الواحد.
ورغم هذه الأرقام، إلا أن روسيا استطاعت فتح جبهة اقتصادية جديدة كما في السياسة، حيث مدّت موسكو أيديها للشرق أيضًا، ودعت "الدول الصديقة" كما تسميها إلى الاستثمار في البلاد.
كما حثّت رجال الأعمال الروس للتوجه لدول الشرق الأوسط وأفريقيا للاستثمار هناك، في عام يعد كمحوّل ينفض الطابع الغربي اقتصاديا، ويغيّره إلى شرقي بامتياز، حيث يرى رأس الهرم في روسيا مكان بلاده الطبيعي.
