كوريا الجنوبية تعلن مقتل 18 شخصا في أسوأ حرائق للغابات تشهدها البلاد
تفاوتت ردود الفعل الكردية، على دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان إلى حل الحزب ونزع سلاحه، ومدى القدرة على الوفاء بهذه الدعوة.
وهناك من رأى في هذه الدعوة خطوة نحو السلام، وإنهاء صراع دام 4 عقود مع أنقرة، وبين من اعتبرها محاولة لفرض تسوية سياسية لصالح الدولة التركية.
ويشير الخبراء إلى أن مضمون الرسالة يعكس تغيراً في إستراتيجية أوجلان، حيث أكد أن الكفاح المسلح لم يعد الوسيلة المناسبة لتحقيق الحقوق الكردية، في ظل التحولات السياسية في القرن الحادي والعشرين.
ويلقي التوقيت الذي اختاره أوجلان بظلاله على مستقبل الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا أيضاً، والتي تشكل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عمودها الفقري، ورغم أن الرسالة لم تذكر الأكراد في سوريا بشكل صريح، إلا أن انعكاساتها قد تؤثر على المشروع السياسي للإدارة الذاتية.
ويرى خبراء أن دعوة أوجلان قد تفتح الباب أمام إعادة هيكلة القوى الكردية في سوريا، بينما يعتبر آخرون أن حل الحزب في تركيا قد يضعف موقف الإدارة الذاتية، ويزيد من تعقيد علاقتها مع دمشق.
الرسالة إذن تحمل في طياتها سيناريوهات متعددة، تبدأ من إنهاء الصراع المسلح في تركيا، وتمتد إلى إعادة رسم الخريطة السياسية للقوى الكردية في سوريا والمنطقة، وبين التفاؤل الحذر والشكوك المتزايدة، تبقى تداعيات هذه الدعوة مرهونة بتطورات المشهد السياسي في المرحلة المقبلة.
وقال الباحث في مركز الفرات للدراسات وليد جولي، إن "رسالة عبدالله أوجلان جاءت في مرحلة حساسة تشهد تحولات واضطرابات واسعة على مستوى المنطقة، بما في ذلك تركيا، التي تدرك جيداً أن هذه التغيرات ستطالها كدولة".
وأوضح جولي لـ "إرم نيوز"، أن "القرن الحادي والعشرين يُنظر إليه على أنه عصر السلام والديمقراطية والحوار، وهو ما يعكس رؤية أوجلان بأن الكفاح المسلح لم يعد السبيل الأمثل لتحقيق الحقوق الكردية، ويرى أن حزب العمال الكردستاني قد تجاوز دوره التاريخي، خاصة أن تأسيسه كان مستنداً إلى الفكر الماركسي الذي فقد بريقه".
وبيّن أن "حل الحزب، ونزع السلاح، لن يكونا عملية سريعة، بل سيتطلبان آليات محددة، خاصة مع وجود أطراف فاعلة في هذه المسألة".
وأشار إلى أن "المسؤولية الأكبر تقع على عاتق أوجلان نفسه، الذي أعلن ذلك صراحة، وأن هذه المسألة طويلة ومعقدة، لأن عملية السلام أصعب من الحرب، وتحتاج إلى قيادات تمتلك رؤية إستراتيجية للاستمرار فيها".
وفيما يخص الوضع في سوريا، أشار جولي إلى إلى أن المشهد هناك يتأرجح بين التوتر والتفاهمات، ما يجعل لهذه الرسالة تأثيراً كبيراً على تطورات الأحداث في سوريا.
أما فيما يتعلق بالموقف الكردي، فقد أشار المحلل والباحث السياسي أحمد أشقر إلى أن "الأكراد يشكلون قوة منظمة ومؤثرة، إذ يبلغ عددهم نحو 40 مليون نسمة في تركيا والعراق وإيران وسوريا، ولديهم حضور قوي في الشتات، خاصة في أوروبا، وأمريكا، وأستراليا".
وأوضح أشقر لـ "إرم نيوز"، أنه "لم يعد من الممكن لأي قوة في الشرق الأوسط تجاهل الأكراد عند وضع سياساتها، حيث يعيش 25 مليون كردي من أصل 40 مليوناً في تركيا وحدها، رغم أن الدولة التركية لا تعترف بوجودهم رسمياً".
وأضاف أن "لدى تركيا طموحات توسعية في المنطقة، ولتنفيذها تحتاج إلى اتفاق مع الأكراد، ومن خلال حل القضية الكردية، تسعى أنقرة لاستخدام الأكراد لخدمة مصالحها".
وأشار أشقر، إلى أن "أوجلان هو الزعيم الوحيد الذي يتمتع بنفوذ واسع بين الأكراد في الشرق الأوسط، وتعتقد تركيا أنها قد تستغله لدفع الأكراد نحو الاستسلام".
وتابع: "لكن في المقابل، أوجلان زعيم ذو خبرة سياسية كبيرة، وسيحاول في هذه المفاوضات تحقيق مكاسب، مثل الاعتراف الرسمي بالأكراد في تركيا، ومنحهم حكماً ذاتياً جزئياً، يمكنهم البناء عليه لاحقاً لتحقيق استقلال مستقبلي".
ورأى أشقر، أن "اتفاقية السلام ليست سوى تكتيك مرحلي لكلا الطرفين، ما يقلل من فرص نجاحها على المدى الطويل".
أما فيما يخص نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، اعتبر أشقر أن "ذلك غير وارد قبل الحصول على ضمانات من الجانب التركي، وهو أمر شبه مستحيل بالنظر إلى العداء التاريخي بين الطرفين".
واعتبر أن هذا الأمر لن يتحقق في المستقبل القريب.
أما بالنسبة لأكراد سوريا، فرأى أنهم غير مشمولين بهذه الرسالة، إذ تبقى قضيتهم مفتوحة بانتظار إيجاد حل سياسي بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق.