قصف مدفعي إسرائيلي في محيط محور نتساريم وسط قطاع غزة
تستقطب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم بتصريحات مفاجئة ولافتة بشأن الصراع الروسي الأوكراني، وهو ما يجعل العالم في حالة تركيز مستمر يوماً بعد آخر مع الإدارة الجديدة في واشنطن.
وآخر هذه التصريحات ما أكده مستشار ترامب للأمن القومي، مايكل والتز، بأن الرئيس يرى أنه من غير الواقعي "إزاحة" روسيا من الأراضي الأوكرانية السابقة، بما في ذلك جزيرة القرم، وأن قادة العالم الآخرين باتوا يدركون هذا الموقف.
وفي عام 2014، أصبحت شبه جزيرة القرم منطقة روسية، عقب استفتاء شعبي بعد انقلاب في أوكرانيا، وأيّد في الاستفتاء 96.77% من الناخبين في القرم، و95.6% في "سيفاستوبول" أن يصبحا جزءًا من روسيا.
ومنذ ذلك الاستفتاء، ما تزال السلطات الأوكرانية، تعتبر شبة جزيرة القرم أرضا محتلة مؤقتا وتابعة لها، وتدعم الدول الغربية أوكرانيا في هذه القضية ضد روسيا.
وفي عام 2022، تم ضم جمهوريتي "دونيتسك" و"لوغانسك" الشعبيتين، ومنطقتي "خيرسون" و"زاباروجيا" ضمن أراضي روسيا الاتحادية، بناء على استفتاء شعبي.
وعن تصريحات مايكل زالتز، مستشار الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب للأمن القومي، أكد خبراء منطقية هذه التصريحات من الناحية الواقعية، خاصة مع صعوبة استعادة كييف لأراضيها التي سيطرت عليها موسكو والجماعات الموالية لها.
وأضاف الخبراء أن "الخطة الأمريكية لحل النزال الروسي الأوكراني واضحة جدا، وهي أن كييف في طريقها إلى التقسيم عن طريق تنازلها عن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا".
وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة "الجيوستراتيجي" للدراسات، إن "أوكرانيا من الناحية الواقعية لا تستطيع استعادة مناطق احتلتها روسيا، كما أن المناطق التي سيطرت عليها روسيا في شرق أوكرانيا هي مناطق موالية لموسكو".
وأضاف كابان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "روسيا لا تريد احتلال أوكرانيا كليا؛ لأن العملية العسكرية الروسية قامت على شرطين أساسيين: الأول، هو إبعاد أوكرانيا عن حلف الناتو أي لا تكون تحت تأثير الاتحاد الأوروبي حتى لا تهدد روسيا؛ لأن المحيط الروسي أصبح مغلقا تماما".
وتابع كابان: "أما الشرط الثاني هو أن البوابة الأوكرانية لحلف الناتو تمثل تهديدا مباشرا لشبه جزيرة القرم والدوائر الاستراتيجية في البحر الأسود بالنسبة لروسيا".
وأكد أن "ملامح الخطة الأمريكية المطروحة للحلول واضحة جدا وهي أن أوكرانيا في طريقها إلى التقسيم عن طريق تنازلها عن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، في المقابل أن تكون أوكرانيا شريكا استراتيجيا لحلف الناتو على غرار إسرائيل التي تعتبر شريكا استراتيجيا لحلف الناتو في الشرق الأوسط".
وأشار إلى أن "ترامب سيحاول إرضاء الطرفين الروسي والأوكراني لإنجاح المفاوضات"، مؤكدا أن "ترامب رجل الصفقات ولديه خبرة عميقة في هذا المضمار والأمور تسير في هذا الاتجاه".
في السياق ذاته، قال د. محمود الأفندي المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن "تصريحات مستشار ترامب حول عدم قدرة كييف على استعادة أراضيها المفقودة من روسيا تعكس اعترافا أمريكيا وغربيا بالواقع الجديد الذي فرضته روسيا في الحرب".
وأكد الأفندي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "روسيا خلال 3 سنوات من العملية العسكرية استطاعت السيطرة على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، والتي كانت روسية تاريخيا، وتدمير الأليات العسكرية الغربية والأوكرانية، حيث كانت تمتلك كييف احتياطيات هائلة من الأسلحة والبنية العسكرية التحتية، بالإضافة إلى تدمير أسلحة الناتو في أوكرانيا".
وأضاف أن "تغيير الواقع الجيوسياسي، سيكون من سمات المرحلة المقبلة، ورأينا كيف يخطط ترامب لضم كندا وجزيرة غرينلاند الدنماركية وقناة بنما، وبالتالي فإن أي دولة ضعيفة يمكن لشعبها عمل استفتاء للانضمام لدولة قوية".
واستطرد قائلاً، إن "هذا الواقع الجيوسياسي بعد وصول ترامب للرئاسة وبعد الاعتراف بالأراضي الروسية الجديدة، سوف يصل التغيير الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط، بالنسبة لتركيا وسوريا، وقد يحدث استفتاء في الشمال السوري للانضمام لتركيا، وفي الجنوب قد يحدث استفتاء للانضمام للأردن أو إسرائيل".
وخلص المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، د. محمود الأفندي، إلى أن "العالم أمام واقع سياسي جديد، وأن التغير الجيوسياسي الجديد سوف ينتج عنه تحالفات جديدة وإنهاء تحالفات قديمة، ومنها حلف الناتو الذي أصبح يشكل عبئا على الولايات المتحدة في ظل ضعف الدول الأوروبية، وقيام أمريكا بالإنفاق الأكبر على الحلف".