logo
العالم

إيلون ماسك وترامب.. "تحالف" يعيد تشكيل السياسة الأمريكية

إيلون ماسك وترامب.. "تحالف" يعيد تشكيل السياسة الأمريكية
إيلون ماسك ودونالد ترامبالمصدر: رويترز
16 نوفمبر 2024، 6:02 م

عندما كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب يُلقي خطاب النصر في انتخابات الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر، كان هناك أمر لافت في كلماته، وهو ثناؤه الطويل وإعلانه لأنصاره عن ميلاد نجم سياسي في سماء أمريكا السياسية.

لم يكن هذا النجم الذي ملأ أسماع الأمريكيين حديثاً عن ضرورة انتخاب دونالد ترامب، لأنه في حالة عدم انتخابه ستكون هذه الانتخابات هي الأخيرة في الولايات المتحدة، سوى الملياردير الأكثر ثراءً في الولايات المتحدة والعالم، مالك منصة تويتر سابقاً وإكس حالياً، إيلون ماسك.

أخبار ذات علاقة

بايدن: "عهد جديد" سيبدأ مع عودة ترامب إلى السلطة

ماسك بعد الانتخابات

ماسك، قبل هذه اللحظة، كان رجلاً ثرياً ينجذب إلى سياسات الحزب الديمقراطي ويدعم مرشحيه، وآخرهم الرئيس جو بايدن في عام 2020. لكنه انقلب في العامين الأخيرين بصورة دراماتيكية واختار دعم الملياردير الآخر القادم إلى عالم السياسة قبل عقد من الزمن، المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

الملياردير الأمريكي حقق ما أراد بفوز المرشح الذي دعمه في السباق الرئاسي، ترامب، على حساب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. لكن ماسك، في مرحلة ما بعد الانتخابات، يختلف تماماً عما كان عليه قبلها.

قبل الانتخابات، كان ماسك يمثل دور أكبر المانحين لدونالد ترامب، بمجموع منح مالية لحملته الانتخابية بلغت 125 مليون دولار، إضافة إلى منحة يومية للناخبين بلغت مليون دولار، في سابقة تُعتبر الأولى في تاريخ السباقات الانتخابية الأمريكية.

ماسك بعد الانتخابات أصبح الرجل اللصيق بحليفه ترامب في دائرة القرار الضيقة، بل إنه رجل الثقة الأول بين أعضاء الفريق الانتقالي.

وبلغ الأمر أن أصبح ماسك جزءاً من عائلة ترامب، كما ظهر من خلال إصرار ترامب على وجوده في لحظات التقاط الصور العائلية بمقر إقامته العائلي بولاية فلوريدا.

جلسات سرية وقرارات

واتسع نفوذ ماسك يومياً في دائرة القرار في الإدارة المقبلة، حتى بات يتحدث إلى الأجانب، سواء بصفته شريكاً كما حدث في المكالمة بين ترامب والرئيس الأوكراني، أو من خلال الجلسة السرية التي جمعته بالسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة.

إضافة إلى ذلك، أعلن ترامب عن حقيبة وزارية جديدة لا سابقة لها في تاريخ الإدارات الأمريكية، وهي حقيبة "الكفاءة الحكومية"، التي ستكون بالشراكة بين ماسك ورجل الأعمال الآخر ذي الأصول الهندية، فيفيك راماسوامي.

هذه الأيام، لا ينقطع الحديث بين المشرعين في الكونغرس عن الظاهرة السياسية الجديدة في البلاد، ألا وهي الحضور القوي لماسك في صناعة سياسات الإدارة الجديدة. بل إن الفوز بين هؤلاء بات يُقاس بالحصول على رقم هاتف ماسك، خاصة بين النواب الجمهوريين الطامحين للحصول على منصب سياسي في إدارة ترامب التي لا تزال قيد التشكيل. ماسك بات يمثل أقصر طريق للفوز برضا الرئيس المنتخب، كما يقول النواب الجمهوريون.

الطموح السياسي المشترك

هذا هو الحديث الغالب بين الجمهوريين. وفي المقابل، هناك حديث آخر بين نواب المعارضة الديمقراطيين حول ما يمكن أن يكون مخبأ في أجندة ترامب وماسك، بسبب العلاقة الوثيقة بين رجلين يجمع بينهما عالم الأعمال والثراء، إضافة إلى الطموح السياسي المشترك وإعادة تشكيل مشهد السياسة الأمريكية داخلياً وخارجياً في السنوات الأربع المقبلة.

في العلن، لم يقتصر الحديث على نواب الحزب فقط، بل امتد إلى الرئيس جو بايدن، الذي صرح علناً بأن "العالم مقبل على تغيير سياسي كبير"، وهي الإشارة الكافية إلى نوايا ترامب وشركائه في إعادة صياغة السياسات الأمريكية في علاقاتها بالحلفاء والخصوم على حد سواء، بدءاً من كانون الثاني/ يناير المقبل.

ماسك الرئيس المقبل لأمريكا؟

هناك سؤال صامت يتردد على جميع المستويات، ألا وهو: هل يخطط ماسك، من خلال هذا الصعود التدريجي في سماء السياسة الأمريكية، ليكون رئيس الولايات المتحدة المقبل؟.

قد يكون الأمر وارداً، لكن هناك عائقا قانونيا يمنع ماسك من تحقيق ذلك، بسبب عدم توفر أحد الشروط الثلاثة الرئيسة للترشح لانتخابات الرئاسة، حيث يشترط أن يكون المترشح من مواليد الولايات المتحدة، وهو الشرط الذي لا يتوفر لماسك المولود في جنوب إفريقيا لأب من هناك وأم كندية. كما أن حصوله على الجنسية الأمريكية جاء من خلال شرط الإقامة لعدة سنوات، قبل أن يتحول إلى أحد أكبر أثرياء الولايات المتحدة، بل والعالم.

أما باقي الشروط، فهي متوفرة. يجب أن يكون المرشح قد بلغ الخامسة والثلاثين، وأن يكون مقيماً في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع عشرة الأخيرة، وكلاهما ينطبق على ماسك.

الوصول إلى البيت الأبيض لن يكون متاحاً لماسك بسبب هذه الشروط الدستورية الواضحة والصريحة. لكن فيما دون ذلك، من جميع المناصب الحكومية من الصف الأول، تظل الأبواب مفتوحة أمام ماسك. بعض هذه المناصب يعود لقوة نفوذه المالي، والبعض الآخر يعود إلى حضوره الذي سيكون طاغياً في السنوات المقبلة بواشنطن.

475e3bd2-a4b4-4cac-af29-f8e5c90b3e71

 إرث سياسي واكتساب خبرة

لن يكون ماسك بحاجة إلى مصادقة الكونغرس على المنصب الجديد الذي عُيّن فيه في الإدارة الجديدة. وهذه الحالة ستسمح له ببناء إرث سياسي، واكتساب خبرة أعمق بطرق عمل العاصمة، ونسج شبكة علاقات عميقة وممتدة في محيطها السياسي المعقد.

عائق الميلاد لن يكون معطلاً لطموحات ماسك السياسية، لأن التاريخ الأمريكي الحديث يزخر بأسماء شخصيات ولدت خارج الولايات المتحدة وصنعت أمجاداً سياسية خالدة.

في هذا السياق، يُذكر الإرث الكبير الذي خلفه وزير الخارجية الراحل هنري كيسنجر، الذي كان ولا يزال الملهم الأكبر للدبلوماسيين الأمريكيين. شغل كيسنجر منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، رغم كونه مولوداً في ألمانيا. كذلك، وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، المولودة في التشيك، التي أصبحت أول امرأة تقود الدبلوماسية الأمريكية.

أما ماسك، فلا يزال في شبابه السياسي والجسدي، مما يسمح له بأن يكون أحد المؤثرين الكبار في سياسات واختيارات الحزب الجمهوري. لديه الكثير من المال الكافي لدعم مرشحي واشنطن، وفرصة للعمل في الحكومة الجديدة لتقديم رؤية جديدة لإدارة الموارد الفيدرالية، وهي قضية خلاف أزلية بين الديمقراطيين والجمهوريين.

ويملك ماسك دعم ترامب الكامل، وتأثيراً كبيراً في الكونغرس، الذي ستكون أغلبيته بيد الجمهوريين بدءاً من يناير المقبل. وهذا يعني أن الطريق بات "سالِكاً" أمام ماسك ليكون "نجم أمريكا الجديد"، كما وصفه الحليف دونالد ترامب ليلة فوزه بالانتخابات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات