هيئة البث العبرية: تفعيل صفارات الإنذار في الجليل الأعلى بسبب عمليات الجيش قرب الحدود مع لبنان
شهدت العلاقات بين واشنطن وكييف توترات في الآونة الأخيرة، وتحديدا بعد اللقاء العاصف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، وأعقب ذلك وقف المساعدات العسكرية الأمريكية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، مما أثار قلقًا بشأن مستقبل التعاون الأمني بين البلدين.
ومع هذه القرارات الأمريكية، لا تزال كييف تواجه تحديات كبرى، خاصة بعد تكثيف الهجمات الروسية، التي أثارت قلق القيادة الأوكرانية، ما يبرز صفقة محتملة بين واشنطن وكييف قد تتضمن منح الشركات الأمريكية حقوقًا في استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية، مقابل استئناف تدفق الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية الحيوية.
في هذا السياق، أعربت أوكرانيا عن تفاؤلها بإمكانية استعادة تدفق الأسلحة وتبادل المعلومات مع واشنطن في الأسبوع الجاري، ويُعزى هذا التفاؤل إلى مؤشرات على تحسن العلاقات بين البلدين واقترابهما من التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة المعادن.
ونقلت شبكة تلفزيون "إن بي سي" عن مسؤولَين أمريكيَّين قولهما إن هناك تفاؤلا بإمكانية استئناف تدفق الأسلحة والتبادل الاستخباري مع أوكرانيا الأسبوع المقبل، وسنواصل تقديم المعلومات الاستخبارية لأوكرانيا لأغراض الدفاع عن النفس.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن بلادهم تقدم معلومات استخبارية لأوكرانيا دون تمكينها من توجيه ضربات استباقية لروسيا، بالإضافة إلى تحذير كييف عندما تظهر المعلومات الاستخبارية من أن الروس يستعدون لشن هجوم.
تنازلات كبيرة
وأكد المراقبون أن كييف تخشى من تقديم تنازلات كبيرة دون ضمانات كافية لاستمرار المساعدات، خاصة أن واشنطن قد تربط هذه الصفقة بمطالب سياسية أو اقتصادية أخرى.
في المقابل، تحاول واشنطن تحقيق مكاسب استراتيجية من دعمها لأوكرانيا، سواء عبر النفوذ السياسي أو الاستفادة من الموارد الطبيعية.
اتفاق إطاري
وأكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف جميع المساعدات اللوجستية والعسكرية لكييف جعل الجيش الأوكراني في موقف صعب، إذ بات غير قادر على تحقيق أي تقدم ميداني.
وأشار حميد إلى أن هذا الضغط الأمريكي جاء في سياق محاولة ترامب إجبار زيلينسكي على الموافقة على "الاتفاق الإطاري"، المعروف إعلاميًا بـ"صفقة المعادن"، وهذه الصفقة تمنح الشركات الأمريكية امتيازات في الموارد المعدنية الأوكرانية.
وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، كشف حميد أن الضغوط الأمريكية لم تقتصر على المساعدات العسكرية، بل امتدت إلى تهديد إيلون ماسك، رئيس شركة "ستارلينك"، بقطع خدمة الإنترنت عن الجيش الأوكراني.
ومع ذلك، شدد حميد على أن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين كييف وواشنطن، وكذلك تقديم الدعم العسكري، لا يتوقف فقط على قرارات الرئيس الأمريكي، بل تتحكم فيه مؤسسات معقدة وشركات عابرة للقارات، تعمل وفق مصالحها الاستراتيجية بعيدًا عن الرؤى السياسية الفردية.
وتابع قائلاً: "يدرك زيلينسكي أن المساعدات العسكرية الأمريكية، رغم محدوديتها، تشكل ركيزة أساسية لقواته المسلحة، في وقت لا يستطيع فيه الأوروبيون سد هذا الفراغ حتى مع إرسال أسلحة متطورة وذخائر إضافية".
مقايضة
ووفقًا لحميد، يسعى زيلينسكي إلى ربط صفقة المعادن بالمساعدات العسكرية، بل ويرغب في نشر قوات أمريكية أو أوروبية على الأراضي الأوكرانية، بهدف خلق مواجهة مباشرة بين القوات الروسية والغربية، ولكن ترامب يرفض هذا المقترح لأسباب استراتيجية، إذ يعتبر أن نشر قوات أمريكية في مناطق لا تخدم المصالح الأمريكية يمثل عبئًا غير مبرر.
ولفت حميد إلى أن أوكرانيا، رغم محاولاتها المستمرة للابتعاد عن النفوذ الروسي، تجد نفسها مجبرة على العودة إليه بين الحين والآخر، فمنذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، سعت القوى الغربية لفصلها عن موسكو، لكنها ظلت في حالة تأرجح بين الطرفين.
وأشار إلى أن إدارة ترامب، التي لا تقدم شيئًا دون مقابل، تسعى إلى فرض اتفاق يُلزم كييف بالتنازلات، بل ربما يصل الأمر إلى تقسيمها إلى مناطق نفوذ، في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من الأزمة الأوكرانية.
استئناف المساعدات الأمريكية
من جانبه، قال رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إنه لا يستبعد أن تستأنف الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بالأسلحة والتمويل والمعلومات الاستخباراتية، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معروف بتغيير مواقفه بسهولة وفقًا للظروف.
وأضاف القليوبي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا كثّفت هجماتها على أوكرانيا في الفترة الأخيرة، مما قد يدفع ترامب إلى اتباع سياسة "العصا والجزرة" ليس فقط مع كييف، ولكن أيضًا مع موسكو، بما يتماشى مع مصالح واشنطن الاستراتيجية.
وأشار القليوبي إلى أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا لم يشهد حتى الآن ظهور أسلحة استراتيجية قادرة على حسم المعركة لصالح أحد الطرفين، ورغم أن روسيا تحقق تقدمًا ميدانيًا، فإن هذا التقدم يبقى تكتيكيًا، مع ميل الكفة لصالح موسكو في الآونة الأخيرة.
صفقة المعادن وتأثيرها المحتمل في النزاع
وأوضح أن صفقة المعادن التي تسعى واشنطن لإبرامها مع كييف قد تغير معادلة الصراع، نظرًا لأن ترامب يركز على المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة ويدير سياسته الخارجية وفق منطق الصفقات، ورغم المشادة الكلامية الأخيرة بين زيلينسكي وترامب، لا يزال الباب مفتوحًا أمام كييف لتوقيع الاتفاق، ما قد تكون له تداعيات على موقف واشنطن من الدعم العسكري.