على وقعِ المُباحثات الأولية الأمريكية الروسية التي جرت في الرياض، يبدو أن العلاقة الدبلوماسية بين البلدين بدأت تأخذ طريقًا مُغايرًا يُثير مخاوف الدول الأوروبية الداعمة للحرب الأوكرانية.
وفي أعقاب التقارب الأمريكي الروسي، تصدرت قضية الأموال الروسية المجمدة لدى الدول الأوروبية أغلفة الصحُف والمواقع العالمية، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بعقد جلسات مباحثات روسية لمناقشة هذه القضية.
وجمد الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة واليابان حوالي 300 مليار دولار أمريكي من الأصول الروسية منذ انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أن واشنطن ترغب في المناقشة مع روسيا بشأن أصولها المصادرة، وكذلك المصالح التجارية للشركات الأمريكية المتضررة، بمجرد التوصل إلى تسوية للصراع في أوكرانيا.
بدورها، اعترفت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي،كايا كالاس، أن دول الاتحاد الأوروبي لم تتفق على رأي موحد بشأن مصادرة الأصول الروسية المجمدة.
ووصفت وزارة الخارجية الروسية مرارًا تجميد الأصول الروسية في أوروبا بأنه "سرقة".
وفي السياق ذاته، نقل موقع "بوليتيكو" عن مصادر أن دولا أوروبية تعارض نقل الأصول الروسية إلى أوكرانيا، منها فرنسا وألمانيا وإسبانيا، وأنها اقترحت استخدام الأصول الروسية المجمدة كأداة ضغط على موسكو.
وفي موقف مُفاجئ، عقب فرض لندن والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على موسكو في الذكرى الثالثة للحرب الروسية على أوكرانيا، طالب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في كلمته أمام البرلمان، الدول الأوروبية بالانتقال من مرحلة تجميد الأصول الروسية إلى مصادرتها.
وقال الخبير في الشؤون الروسية، سمير أيوب، إن "تجميد الأموال الروسية في الغرب أمر غير قانوني ويتعارض مع الأعراف والقوانين الدولية".
وأضاف أيوب لـ"إرم نيوز" أن "الدول الغربية التي اتخذت هذا القرار كانت غير مقتنعة بأنه صواب وأيضا بأي فوائد منه".
وتابع: "أيضا الولايات المتحدة لم تكن مقتنعة بشكل واضح بمصادرة هذه الأصول؛ لأن هناك العديد من الشركات الدولية تعمل في الولايات المتحدة وأوروبا، والمصادرة قد تدفع تلك الشركات لسحب استثماراتها مستقبلا من أمريكا وأوروبا لانعدام الثقة".
ورأى أيوب أن "الولايات المتحدة تريد أن تضغط على الدول الغربية لمعاودة البت في مصادرة الأموال، والتخفيف من مقدار الأموال المجمدة، في مجال تحسين علاقتها مع روسيا وكبادرة حسن نية".
بدوره، قال المحلل السياسي محمود الأفندي إن "سعي واشنطن لمناقشة الأصول الروسية المجمدة مع موسكو يأتي في إطار صفقة كبيرة بين البلدين حول الاستثمار في المعادن النادرة في منطقة الدونباس التي سيطرت عليها روسيا خلال العملية العسكرية في أوكرانيا، وكذلك المعادن النادرة الموجودة تحت سيطرة أوكرانيا".
وأضاف الأفندي، لـ"إرم نيوز"، أنه "يمكن القول ما يحدث الآن في أوكرانيا هو مزاد بين موسكو والغرب على من يدفع أكثر للأمريكان، وقد تكون المساعي الأمريكية للإفراج عن الأموال الروسية المجمدة في الغرب ورقة مهمة للتمهيد لصفقات ضخمة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية".
ولفت إلى أن "80%من الأموال المجمدة موجودة في أوروبا، لذلك يبدو أن هناك ترتيبات تتم الآن بين واشنطن وموسكو حول الأموال الروسية المجمدة في إطار صفقة بين الدولتين".