وكالة يونهاب: كوريا الجنوبية تحدد مبدئيا موعد الانتخابات الرئاسية في الـ 3 من يونيو القادم
في خطوة وصفتها موسكو بـ"اللعبة الخطابية"، أعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا دعمهما لمقترح وقف إطلاق نار "جزئي"، تمهيداً لهدنة أوسع، لكن الكرملين رأى أن هذه المبادرة ليست سوى تكتيك إستراتيجي يهدف إلى منح كييف فرصة لإعادة ترتيب صفوفها.
الكرملين لم يتأخر في الرد، إذ أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن أي اتفاق على وقف إطلاق النار يجب أن يكون شاملاً، مؤكداً أن روسيا لن تسمح لأوكرانيا باستخدام "الهدنة الجزئية" لإعادة تسليح قواتها.
من المقرر أن يناقش زيلينسكي هذا المقترح خلال قمة جدة، بمشاركة مسؤولين أمريكيين وسعوديين، في محاولة لإضفاء الشرعية الدولية عليه. لكن موسكو ترى أن هذه الخطوة ليست سوى "عرض دبلوماسي" يهدف إلى اختبار موقفها أمام المجتمع الدولي.
يرى مراقبون أن المقترح الأمريكي الأوكراني ليس سوى محاولة لإعادة صياغة مسار الصراع بمصطلحات جديدة، بينما يبقى جوهره نفسه: استنزاف روسيا عسكرياً واقتصادياً، في وقت تسعى فيه موسكو إلى فرض شروطها الخاصة لإنهاء الحرب.
في ظل هذا التلاعب بالمصطلحات، يبقى السؤال: هل ستتمكن واشنطن وكييف من إقناع موسكو بهذه الهدنة؟ أم أن الكرملين سيكشف أوراق اللعبة مبكراً، ويرفض ما يراه "فخاً سياسياً" مغلفاً بعبارات دبلوماسية ناعمة؟
وأكد خبراء، أن وقف إطلاق النار الجزئي هو "مناورة سياسية" تصب في مصلحة أوكرانيا، وأن موسكو تدرك هذه الأبعاد، وقد تتلاعب بالمقترح لكسب الوقت، وتحقيق تقدم عسكري، لا سيما في مقاطعة كورسك التي تعاني القوات الأوكرانية فيها من حصار شديد.
وأشار الخبراء، إلى أن مقترح وقف إطلاق النار الجزئي يقتصر على الطائرات المسيرة والصواريخ، لكنه لا يشمل العمليات البرية، خوفاً من استغلال روسيا الهدنة لتعزيز قواتها.
وأضاف الخبراء، أن وقف إطلاق النار قد يساعد أوكرانيا في إصلاح بنيتها التحتية خلال فصل الشتاء، وأن نجاح هذا المقترح مرهون بموافقة روسيا، وسط جهود دبلوماسية تقودها واشنطن لمحاولة إقناعها.
وقال مدير مركز "JSM للأبحاث والدراسات"، د. آصف ملحم، إن المقترح الخاص بوقف إطلاق نار جزئي، الذي تم الإعلان عنه باعتباره اقتراحاً أوكرانياً، ليس في الواقع كذلك، بل هو مقترح "بريطاني - فرنسي" من حيث المبدأ، يدعو إلى وقف إطلاق النار في الجو والبحر، بالإضافة إلى التوقف عن قصف المنشآت النفطية بين روسيا وأوكرانيا.
واعتبر ملحم أن هذا المقترح يعدّ "مناورة سياسية"، إذ إن القوات الجوية الروسية تتمتع بتفوق واضح، وبالتالي فإن وقف إطلاق النار الجوي سيكون في مصلحة أوكرانيا.
وأضاف، في تصريحات خاصة لموقع "إرم نيوز"، أن أوكرانيا شنت هجوماً جوياً واسع النطاق عبر الطائرات المسيرة، استهدف بعض المنشآت النفطية في الريف الروسي، وذلك قبل الاجتماع المرتقب بين المسؤولين الأمريكيين والأوكرانيين في السعودية.
وأوضح ملحم أن هذا القصف الأوكراني يحمل رسالة واضحة للروس، مفادها أن أوكرانيا لا تزال قادرة على تشكيل تهديد جوي لروسيا، خاصةً أن التفوق البحري يصب أيضاً في مصلحة موسكو، ما يجعل وقف إطلاق النار البحري مفيداً لأوكرانيا.
وفيما يتعلق بتعليق قصف المنشآت النفطية، أكد ملحم أن هناك العديد من المنشآت النفطية في أوكرانيا وروسيا على حد سواء، وأن الضرر لا يقتصر على موسكو وحدها، بل يمتد إلى شركات أوروبية وأمريكية.
ولفت إلى أن هذا المقترح يأتي في سياق الرد على مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار، حيث تدخلت بريطانيا وفرنسا على خط الأزمة وقدمتا هذا المقترح، في محاولة لاستشراف نوايا روسيا، خاصة أنهما لا تستطيعان معارضة إرادة ترامب بشكل مباشر.
وأضاف ملحم أن رفض روسيا لهذا المقترح سيضعها أمام اختبار صعب أمام ترامب، مما قد يعزز موقف بريطانيا وفرنسا في تصوير موسكو على أنها غير راغبة في السلام، وهو ما قد يُستخدم كذريعة لمواصلة تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وأشار إلى أن موسكو قد توافق أو ترفض المقترح، لكنها تدرك أنه مجرد مناورة سياسية، وـم وقف إطلاق النار الجزئي قد يسبب لروسيا مشكلات عسكرية، خاصة أنها لم تُحكم سيطرتها بعد على كامل أراضي مقاطعة كورسك.
واختتم ملحم حديثه بالتأكيد على أن روسيا قد تتلاعب بالمقترح، وتعمل على تأجيله قدر الإمكان، لكسب المزيد من الوقت وتحقيق تقدم عسكري في المناطق التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية.
وأضاف أن الوضع في كورسك يشكل تحديًا كبيرًا للجيش الأوكراني، الذي يعاني من حصار شديد، وأن تحرير ما تبقى من المقاطعة أصبح مسألة وقت لا أكثر.
من جانبه، أكد د. نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن أوكرانيا تسعى لوقف إطلاق نار جزئي، لكنه لن يشمل القوات على الأرض، بل سيقتصر على استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ من قبل الجانبين.
وفي تصريحات خاصة لموقع "إرم نيوز"، أوضح رشوان أن كييف شنت خلال الـ48 ساعة الماضية هجوماً مكثفاً على موسكو باستخدام نحو 300 طائرة مسيرة، مشيراً إلى أن أوكرانيا نادراً ما تعلن عن مثل هذه العمليات، التي أسفرت هذه المرة عن وقوع وفيات في روسيا.
وأضاف رشوان أن أوكرانيا تتحفظ على وقف إطلاق النار فيما يخص العمليات البرية، خشية أن تستغل روسيا الهدنة لإعادة تسليح قواتها، وتعزيز مواقعها على جبهات القتال.
وأشار إلى أن هذا المقترح الأوكراني قد لا يلقى قبولاً من موسكو، لكنه لفت إلى احتمال أن يتمكن مبعوث الرئيس الأمريكي، خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من إقناع موسكو بالمقترح، خاصة في ظل حالة الاستنزاف والإجهاد الكبير الذي يعاني منه الجيشان الروسي والأوكراني مع دخول الحرب عامها الرابع.
وأوضح رشوان أن وقف إطلاق النار الجزئي قد يمنح أوكرانيا فرصة لإصلاح جزء من بنيتها التحتية ومحطات الطاقة، التي تعرضت لتدمير كبير جراء الهجمات الروسية.
وأضاف أن الوضع الشتوي القاسي يزيد من صعوبة الموقف، حيث إن أي استهداف جديد لمحطات الطاقة قد يعمّق الأزمة الإنسانية داخل أوكرانيا.
واختتم رشوان تحليله بالتأكيد على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار الجزئي قد يكون خطوة أولى نحو تهدئة أوسع تشمل جبهات القتال البرية، لكنه شدد على أن هذا السيناريو يظل مجرد احتمال، ما لم توافق روسيا عليه رسمياً.