الخارجية الروسية: العالم سئم من التهديدات التي لا تنتهي ضد إيران
بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام قادة العالم موقف نظيره الأوكراني برفضه الجلوس على مائدة التفاوض لوقف الحرب بين البلدين، يبدو أن الأمور السياسية قد تشهد تغييرات محورية خلال الأيام الماضية.
مطلع الأسبوع الماضي، وقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي أمام مسؤولي الاتحاد الأوروبي في بروكسل يعرض خطة «النصر»، في محاولة لنيل رضائهم والحصول على موافقتهم لتنفيذها، تمهيدا لضمان استمرار الدعم الغربي، إلا أن الرياح أتت بما لا يشتهيها الرئيس الأوكراني، بعد أن توالت الملاحظات والرفض الغربي لخطته.
ومنذ أيام، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الرئيس فلاديمير أوضح لنظيره الصيني شي جين بينغ خلال قمة «بريكس» في روسيا، جميع وقائع رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتفاوض، مؤكدا استعداد روسيا للحوار.
وذكر لافروف، أن الرئيس بوتين قال بوضوح: "إن زيلينسكي نفسه هو الذي يرفض المفاوضات، ونحن جاهزون للتفاوض، وهو ما أعلنه أكثر من مرة، وكل مرة عندما تبدأ المفاوضات ينسحب منها نظام كييف.. يزحف بعيدا عنها».
حدود 1991
ومع هذه النبرة الروسية الواضحة، أكد أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، موافقة بلاده على التفاوض مع روسيا وتسوية الصراع، بشرط العودة إلى حدود عام 2022، قائلا إن «المفاوضات تتطلب العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل عامين، في الساعة الرابعة صباحًا عندما سُمعت أول طلقة، وبعدها يمكن مناقشة استعادة السيادة على حدود عام 1991».
وما بين الاستعداد الروسي للتفاوض والشرط الأوكراني، سيناريوهات قد يشهدها الصراع الروسي الأوكراني الفترة المقبلة، هو ما كشف عن تفاصيلها الخبراء والمتخصصين في الشؤون الروسية في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز» خلال السطور التالية:
مناورة سياسية
ويقول بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن تصريحات زيلينسكي بخصوص التفاوض مع روسيا هي مجرد مناورة سياسية لتخفيف الضغوط بعد إعلان روسيا في العديد من المناسبات موافقتها على بدء التفاوض، خاصة أنه أصدر مرسوما رئاسيا بتعليق المفاوضات مع روسيا، وهذا يعني أنه إذا كان يريد المفاوضات فعليه أن يصدر مرسومًا مغاييرًا لما أصدره من قبل.
ويؤكد المحلل السياسي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن مصير وقف الحرب والسيناريوهات الخاصة بها يتوقف على رغبة روسيا وليس عندما يرغب زيلينسكي، كما أن روسيا تطلب ضمانات أمنية من الغرب وتراجع قوات "الناتو" إلى حدود عام 1997.
أما عن "خطة النصر" التي يتحدث عنها زيلينسكي، فاعتبر البني أنها "غير منطقية على الإطلاق ولا يمكن لأحد تنفيذها ولا حتى الغرب"، ومهما حشدت أوكرانيا من قوات لن تستطيع تنفيذ هذه الخطة.
شروط أوكرانية
وتساءل الخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، "عن أي نصر يتحدثون هل عن هزيمة روسيا؟ وهي أكبر دولة نووية في العالم؟"، مؤكدًا أن روسيا لن تخسر هذه الحرب على الإطلاق، فهي من وضعت شروطها لإنهاء الحرب، وعلى الغرب وأوكرانيا أن يقبلوا بهذه الشروط وإلا لن تتوقف" وفق تقديره.
ويضيف البني أنه بعد الانتصارات الكبيرة للجيش الروسي وعلى جبهة كورسك، بدأ الغرب يتحدث عن المفاوضات ولا يمكن الجلوس على طاولة المفاوضات إلا بعد موافقة روسيا وتقديم الضمانات الأمنية، أما إذا جاءت المبادرة من الصين والبرازيل ودول صديقة لروسيا فمن الممكن أن تقبل روسيا بالمبادرة كونها لا تريد خسارة دول الجنوب العالمي، ولا يستطيع زيلينسكي أن يفرض على روسيا السلام إلا إذا كانت روسيا راضية عن كل النقاط والضمانات القانونية والأمنية ومبدأ الأمن الذي لا يتجزأ.
من جانبه، يقول ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن الرئيس الأوكراني زيلنيسكي يريد التفاوض مع الجانب الروسي وفقاً لشروطه، وأن الجلوس على طاولة المفاوضات يتطلب ضرورة وجود خطة للتفاوض ووسيطا بين الطرفين بالإضافة إلى أرضية واضحة وقبول من الطرف الروسي.
ويؤكد بريجع في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أنه حتى الآن فإن المعارك مستمرة بين الطرفين في منطقة كورسك الروسية، التي يجب أن تنسحب منها القوات الأوكرانية خلال عملية التفاوض.
عملية تفاوض معقدة
وتساءل الروسي ديميتري برجع، عن مدى استعداد أوكرانيا للانسحاب من كورسك، بالإضافة إلى المقاطعات الأربع وشبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها القوات الروسية، مؤكداً صعوبة أن تنسحب روسيا من تلك المناطق بعد أن أصبحت أراضي روسية بموجب الدستور الروسي وبالتالي فكيف ستتم عملية التفاوض بين الطرفين بهذا الشكل المعقد.
ويشدد مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، على ضرورة وجود أسس واضحة محددة للبدء في إجراء عملية التفاوض وأن ذلك لن يحدث إلا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ويضيف أن زيلينسكي يعلم جيداً أنه في حالة فوز المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، سيكون هناك تغير كبير في السياسة الأمريكية وخاصة فيما يتعلق باستمرار دعم القوات الأوكرانية وإرسال الأسلحة والأموال والمساعدات.
ويشير بريجع إلى أن زيلينسكي وإدارتة وحكومته يفهمون ويعون ذلك جيداً ويريدون التغيير بسبب خوفهم من الخسارة، موضحًا أنهم يستخدمون أوراق ضغط، وخاصة السيطرة على بعض المناطق في كورسك كورقة ضغط على الطرف الروسي، وفق تقديره.