إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية عنيفة على حي التفاح بمدينة غزة
يواجه الاتحاد الأوروبي، في ظل التغيرات السياسية العالمية، تحديات متزايدة في علاقته مع الولايات المتحدة، خاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية واحتمالات تأثر القضايا الدولية بهذا التطور.
حول كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع السياسات الأمريكية الجديدة، وما إذا كان سيجد نفسه مجبرًا على اتخاذ خطوات أكثر استقلالية في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية، حاور "إرم نيوز" بيير-إيمانويل ديبون، خبير القانون الدولي العام والشؤون الدولية، والمحاضر الكبير في المعهد الكاثوليكي في فيندي (فرنسا).
وتحدث ديبون لـ"إرم نيوز" عن أسباب القلق الأوروبي من فوز ترامب، سواء من الناحية الاقتصادية أو ما يتعلق بدور حلف الناتو وكيفية تعامل أوروبا مع تغيرات السياسة الأمريكية وتأثيراتها على ملفات التعاون الدفاعي، والقضايا المناخية، والتوجهات الاقتصادية.
لماذا يخشى الأوروبيون من وصول ترامب للرئاسة.. وهل يتعلق ذلك فقط بالاقتصاد والناتو؟
إذا كنا نتحدث عن مخاوف أوروبا من ولاية ترامب، فربما سيكون من الأصح القول إن هذه المخاوف تنبع من مجموعة معينة من النخب العالمية في غرب أوروبا، لا سيما أولئك الذين يشغلون المناصب القيادية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مثل المفوضية الأوروبية، وأيضًا الحكومات في معظم الدول الأوروبية. هؤلاء، وهم من نخبة "العولمة"، يرون في تولي ترامب فترة رئاسية ثانية تهديدًا جديًا.
المخاوف الاقتصادية تتعلق بشكل رئيسي بمتابعة سياسات العزلة الاقتصادية التي بدأت في الظهور خلال فترة ولاية ترامب الأولى، مثل التشكيك القوي في نظام التجارة العالمية واتفاقيات منظمة التجارة العالمية (OMC). وهذا يشكل تهديدًا للآليات التي تضمن سير التجارة الدولية. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في ولاية ترامب الجديدة، وهو ما يقلق النخب الأوروبية.
من غير الممكن تحديد نوايا ترامب بدقة بشأن الناتو في ولايته الثانية، لكن بالنظر إلى تصريحاته السابقة، وتوجهات فريقه الأمني، من المحتمل أن نرى مزيدًا من التراجع في التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو في أوروبا.
ومن المرجح أن يُصر ترامب على أن تتحمل الدول الأوروبية عبئًا أكبر من المسؤولية العسكرية في إطار الدفاع الأوروبي، وهو ما قد يثير قلق بعض الدول الأعضاء في الناتو.
هل تعتقد أن هذه المخاوف مبررة؟
من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن السياسة الأمريكية، على الرغم من تغيير الإدارات، تظهر نوعًا من الاستمرارية.
لنأخذ مثالًا على ذلك: عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في ولايته الأولى، كانت هناك اعتراضات شديدة من الحلفاء الأوروبيين، لكن الرئيس جو بايدن لم يُعد الانضمام إلى الاتفاق.
هذه النوعية من القرارات تظهر استمرار السياسة الأمريكية على المدى الطويل، سواء تحت حكم أوباما أو ترامب أو بايدن، خاصة في ملفات الشرق الأوسط ودعم إسرائيل.
بالطبع. السياسة الأمريكية، على الرغم من اختلاف الإدارات، تتسم بنوع من الثبات على بعض الملفات الرئيسة. مثلًا، في موضوع دعم إسرائيل والتوجهات تجاه الشرق الأوسط، نرى أن التوجهات متشابهة في الحكومات السابقة. وهذا يعكس استمرارًا في السياسة الأمريكية أكثر مما يعكس تغييرات جذرية بناءً على الرئيس.
تعامل أوروبا مع التغيرات المتوقعة في السياسة الأمريكية سيكون محوريًا للحفاظ على توازن علاقاتها الأطلسية، لكن هذه العلاقات ستتسم بدرجة متزايدة من الحذر والتخطيط الإستراتيجي.
فمن جهة، قد تضطر أوروبا لتعزيز تعاونها الدفاعي الداخلي والتوجه نحو استقلالية إستراتيجية أكبر، وهو توجه قد يزداد قوة إذا ما أصبحت الولايات المتحدة تحت قيادة تعيد النظر في التزاماتها الدولية.
و"التعاون الدفاعي الأوروبي ليس خيارًا، بل ضرورة"، خاصة في ظل القلق الأوروبي المتنامي من انسحاب واشنطن عن دعمها التقليدي.
وفي ما يتعلق بالقضايا المناخية، فإن أوروبا، التي تولي اهتمامًا كبيرًا لأهداف المناخ، ستسعى جاهدة للتأثير في السياسة الأمريكية، سواء عبر الضغط الدبلوماسي أو من خلال توسيع تحالفاتها مع الدول الأخرى الداعمة للعمل المناخي.
وإذا شهدت السياسات الأمريكية تراجعًا في الالتزامات البيئية، فإن ذلك سيشكل تحديًا كبيرًا لأوروبا، وقد يدفعها إلى تقديم نموذج مضاد بالاعتماد على إستراتيجيات خضراء أعمق واستثمارات ضخمة في الطاقة النظيفة.
أما في الجانب الاقتصادي، فإن أوروبا ستحافظ على علاقة متينة مع الولايات المتحدة، ولكنها ستتخذ خطوات حذرة في بعض المجالات، مثل التجارة الرقمية والتكنولوجيا.
فالسياسات الاقتصادية الأمريكية الجديدة قد تضغط باتجاه حماية الصناعات المحلية، وهو ما قد يتسبب في توترات تجارية مع الاتحاد الأوروبي.
والاتحاد الأوروبي قد يعزز توجهاته نحو إقامة شراكات اقتصادية متنوعة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، منتهجًا سياسة اقتصادية "أكثر توازنًا واستقلالية".